مواضيع اليوم

أزمة الثقة بين المصري والمصرية لماذا؟

مصعب المشرّف

2011-12-23 12:14:12

0

أزمة الثقة بين المصري والمصرية .. لماذا؟

عقب نشر صور وفيديو تعرية وسحل الفتاة المصرية ؛ خرجت النساء المصريات يوم 20 ديسمبر الجاري في مظاهرات للإحتجاج على العنف ضدهن سواء بالفعل أو اللفظ . خاصة بعد أن تبارى بعض المحسوبين على طائفة الرجال في الإعلام المصري الخاص للحط من شأن المرأة المصرية . والسخرية من الدكتورة الصيدلانية التي عراها وسحلها جنود من الجيش المصري. والتورية بأنها ليست شريفة من خلال الزعم بأنها لم تكن تلبس قميص أو فستان أو تي شيرت وخلافه تحت عباءتها.

وربما يدور بهذه المناسبة تساؤل عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة المصريين . ولماذا هذا الخوف منها داخل بيت الزوجية ومنزل الأسرة ؛ وهذه السخرية والحط من قدرها في الشارع ؟ ... لماذا هذا التباين والمفارقة الملفتة للنظر ؟

والواقع أن للنساء في مصر طعم خاص ونكهة مميزة لا تخفى على الزائر لبلادهن أو المقيم فيها لسبب أو لآخر .....
ومن أبرز ما يميز المرأة المصرية طفلة كانت صبية ، فتاة ، زوجة هو حيويتها ونخوتها وكرمها وحبها للإجتماعيات وقدرتها على التواصل. وتواجدها في كل مكان من أبسط المهن إلى أرقاها ...
داخل المنزل وفي إطار الأسرة والعائلة تحتل المرأة المصرية مكان الصدارة وتعتبر الآمر الناهي في البيت ومفتاح السعادة والشقاء وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة .... ويبقى الرجل الزوج على نحو خاص (لاسيما بعد سن الأربعين) مجرد "طرطور" و "دلدول" وربما "شرّابة خُرج" أحيانا . لا تسمع له حسا إلا إذا أشارت له زوجته بالحديث .. ولا تسمع له حركة إلا بسمعها وتحت بصرها ومراقبتها. وبغض النظر عما إذا كان غفيراً أو وزيراً.
ولكن المفارقة الكبرى تكمن في أنها وبمجرد خروجها من بيتها ونزولها إلى الشارع تتحول إلى أنثى مهيضة الجناح ، وعرضة للإهانات و المعاكسات الجنسية بشتى أشكالها وفق المصطلح المصري . وهي تصرفات تندرج في القانون الغربي وبعض البلدان العربية ضمن بند (التحرشات) التي يتشدد القضاء في معاقبة الذكر على فعلها.
وهو ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان لهذه الطرطرة والدلدلة  والتخريجة المفروضة على الرجل داخل المنزل أثرها في إنتهاجه هذا النمط السلوكي العدواني تجاه المرأة خارج المنزل أم ماذا؟ هل يخشى المصري المرأة داخل البيت ثم يخرج فينتقم من جنسها خارجه أم ماذا؟
وتشهد وسائل المواصلات والإتصالات ودور السينما وكافة المناسبات التي يتجمهر فيها الناس .. تشهد العديد من أنواع التحرش الجنسي الذي لا يتوقف عند حد اللفظ بل يطال إلى اللمس بالأيدي والإحتكاك والإلتصاق الجسدي المباشر والتجريد من الملابس.
وهناك العديد من المقالات الصحفية والروايات المصرية التي رصدت هذه الظاهرة . وكذلك رصدتها العديد من الأفلام السينمائية مثل فيلم "البريء" عندما سأل مدير السجن (محمود عبد العزيز) أحد المعتقلين (أحمد راتب) عن سبب إعتقاله في مظاهرة نسائية . فعلل المعتقل تواجده وسط المتظاهرات لأسباب جنسية تتعلق بإهتمامه وولعه بالمقدمات والمؤخرات.

 

تصرف بعض الجنود من الجيش المصري تجاه فتاة متظاهرة دكتورة صيدلانية محترمة مثقفة تنتمي لحركة 6 أبريل السياسية .. هذا التصرف السادي ذو المضامين الجنسية الذي هز الضمير العالمي هو في حقيقة الأمر ليس سوى جزء وإمتداد طبيعي لهذه التحرشات الجنسية التي تتعرض لها المرأة المصرية في الشارع والأماكن العامة ومقرات العمل الحكومي والخاص مرورا بمقرات الشرطة والسجون .......
منذ إنطلاق ثورة 25 يناير 2011م لم نرى أو ترصد الكاميرا تجريدا لملابس رجل .... ولكن ما أن يتعلق الأمر بالمرأة حتى تتحرك في الرجل عناصر التحرش الجنسي الكامنة . وتحدد وتبلور تصرفاته تجاهها فيصبح التلذذ السادي في التعامل الجنسي معها هو المنطق وسيد الموقف.

وعلى المستوى الإعلامي والفضائيات الذبابية بنحو خاص ؛ فوجيء العالم العربي بالمعلق الرياضي أحمد شوبير يمارس على الهواء تحرشا لفظيا جنسيا بتلك الفتاة المعراة المسحولة .. وأدلى بحجج وبراهين غاية في الإسفاف والإفلاس الأخلاقي . وحاول بطريق غير مباشر توجيه إتهام لهذه الفتاة بأنها غير شريفة وبدون أن يجشم نفسه عناء معرفتها ومخاطبتها رغم أنها حصلت ختما على مجموع أكبر منه في الثانوية العامة وتحمل شهادات دراسية أرفع منه ومثقفة أكثر منه وفق ما أوضحه فيديو نشر لها بعد الحادثة على اليو تيوب ...
ومن جهته وبحزلقة إستثنائية وخـفـة مصطنعة على طريقة "عمارة يعقوبيان" ؛ خرج علينا المذيع التلفزيوني توفيق عكاشة من قناة الفراعين ... خرج علينا في قناته الخاملة هذه بلهجة إستثنائية غير مسبوقة في عالم الرجال الكرماء المحترمين . وهو بتساءل أيضا مثل سابقه أحمد شوبير عن السبب الذي يجعل هذه الفتاة عارية البطن والظهر تحت العباءة . دون أن بفكر هذا الموهوم أن ما كانت ترتديه الفتاة تحت العباءة حتما جرى إنتزاعه ضمن ما تم إنتزاعه من ملابس .... وخرج القميص أو التي شيرت لبختفي وسط طيات العباءة الكبيرة.
وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد المزري .. بل فوجئنا به يمتد ليغرق عكاشة باشا في وصف صدرية الفتاة ولونها وموديلها وما إذا كانت عادية أو بكيني . ثم يستمر فيغرق أكثر في لجة ملابس النساء الداخلية وعلى نحو يميل فيه المستمع إلى قناعة بأن هذا المذيع يبدو وكأنه يحاول أن ينفي عن نفسه إتهام بالتقصير الفحولي في مواجهة المرأة ... وعلى طريقة "اللي على راسه بطحة بيحسس عليها".

إين المشكلة إذن ؛ واين المكمن ومربط الفرس في أسباب هذه التحرشات الجنسية باللفظ والفعل تجاه الأنثى المصرية من جانب الرجل المصري خارج البيت بغض النظر عن موقع هذا الرجل أو مستوى تعليمه ودرجة ثقافته والجهة التي يمثلها؟
عن سيطرة المرأة المصرية على زوجها تحدث وكتب كثيرون منذ القدم ومنهم الفقيه "إبن كثير" القرشي الذي أشار إليها وإلى أسبابها ضمن قصة موسى عليه السلام وغرق فرعون. سواء في مؤلفه البداية والنهاية أو تفسير القرآن العظيم.
فهل لسيطرة وهيمنة المرأة المصرية على بيت الزوجية سبب يدفع الرجل إلى محاولة الإنتقام منها خارج هذا البيت؟
هل الحرمان الجنسي الذي يعاني منه غير المتزوجين هو السبب؟
هل هناك إحساس لدى الزوج المصري (بعد سن الأربعين) أن المرأة تستفزه جنسيا وتسخر من قدراته المحدودة إزاء رغباتها المتنامية ؟ وتلقيحها وملاسنتها له بأوصاف من قبيل يا "سبعي" .. و "بلا خيبة" ... والشاي يا "راجل" ؟ . فيذهب للإنتقام منها ورد إعتباره عبر الحط من قدرها على لسان بعض هؤلاء الكتاب والإعلاميين خاصة في ساحة الفضائيات الخاصة ؛ وكأنهم بمارسون دبلوماسية وتكتيك "إياك أعني وأسمعي يا جارة"؟

وخلال موجة الواقعية الجديدة التي تسود الأعمال الإبداعية المعاصرة ؛ نرى السينما المصرية تتعامل بشفافية مع الكثير من القضايا الإجتماعية داخل نطاق الحياة الزوجية المسكوت عنها قديما بوصفها كانت تابوهات محرمة لا تسمح سوى بتقديم الرجل في شخصية "سي السيد" والفحل الذي يطارد محبوبته مثل ذكر الحمام في كل خطواتها حتى تستسلم له في النهاية ..... وكمثال وفي فيلم "الـفرح" يقول الممثل "حسن حسني" لزوجته "وهو يمتن عليها" بعد أن إبتلع الفياجرا :-

- أنا النهاردة حخليك تزغردي.

فتقول له وطوفان الفرح والشبق يغمرها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها:

- طيب خلينا نتبدي بالبوس

فيرد عليها رد المستعجل الذي يريد أن يؤدي واجبه ويخشى إنسحاب مقعول الدواء:-

- يا ستي البوس مقدور عليه . خلينا في الأهم دلوقتي.

من جهة أخرى ؛ هل كان لتلك القوانين الإستثنائية المثيرة للجدل التي فرضتها "جيهان السادات" ثم "سوزان مبارك" قسرا ، والمتعلقة بحقوق المرأة داخل بيت الزوجية ..... هل كان ولا يزال لها أثر في تنامي هذا التوتر والغضب الذكوري تجاه المرأة الذي تصاعد لمرحلة نشوء ظاهرة الإغتصاب الجنسي في مصر خلال عهد حسني مبارك وربما لا يزال؟
والطريف أن من بين أهم ما يجري الآن من نقاش وجدل في مصر ؛ إنما يتعلق بضرورة إلغاء هذه القوانين وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقا. لاسيما في مجال عدم أحقية الزوجة بمسكن الزوجية في حالة الطلاق أو حق المرأة في الخلع.

تصادف أن كتب أحد المعلقين بمسمى "إياد فيصل" من مدينة الإسماعلية/ التل الكبير على مقالة وصور بعنوان (صورة الفتاة التي عراها الجيش المصري) نشرتها بمدونتي "المحطة الوسطى" فقال : [ديه صورة ملفقة و وضحة من الجندى ابو كوتشى هو فى عندنا فى الجيش كوتشيات و على فكرة ايده كمان مش ايد راجل ديه ايد بنت و ده باين من الصوابع و البت دية كانت فى حفة جنس و قالت اروح يمكن الائى عسكرى احسن من اللى معايا اصل اللى معها مش مكيفها و العسكرى هييفها و عجبى على بنات مصر].
وهو ما يؤكد أن هناك أزمة ثقة في العلاقة بين الرجل والمرأة المصرية .. وأن الرجل في مصر يضيق ذرعا بأنثاه .

وكان ردي على تعليقه كالتالي:

[ يا أخي حرام عليك وعليهم وحرام على المعلق الرياضي أحمد شوبير والإعلامي توفيق عكاشة ومعظم الذكور المصريين محاولات تحسيس المرأة المصرية بأنها عايزة جنس وخلاص .. حرام عليكم دي دكتورة صيدلانية وعضو في حركة 6 أبريل وجات تعبر عن قضية سياسية ... لماذا يجرم المجتمع المصري المرأة دائما ويحولها من ضحية إلى جلاد حتى في حالة لو إغتصبها 7 رجال دفعة واحدة؟..... لماذا هذه السادية الذكورية تجاه الأنثى؟]

فهل تأتي ثورة 25 يناير بجديد فيما يتعلق بتوافق الزوجين الذكر والأنثى في مصر ؟ .... دعونا ننتظر.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات