كنت أول واحدٍ يصل لمكان اجتماعنا أنا وأصدقائي، حيث اتفقنا، أخرجتُ السجادة التي معي وفرشتها، وجلست أنتظرهم, وأخرجت القهوة والشاي التي أحضرتهما معي وصببت لي فنجان قهوة وأخذت أرتشف منها على مهل.
طال انتظاري وطال صمتي بانتظار أن يأتي أحد من الرفاق، أخرجتُ جوالي من جيبي وبدأت في طلب أرقام الأصدقاء متسائلاً عن سبب تأخرهم!
قطع صمتي صوت سيارة صديقي ماجد وهي تقف بالقرب مني، ترجل منها وألقى السلام عليِ وجلس، ثم سحب غترته وعقاله ورمى بهما على الأرض بطريقة تدلُ على أن كوكب الأرض لا يسعه من شدة ما به من ضيق، ثم وجه نظره إليّ وفاجأني بسؤال غريب قائلاً: هل تعرف امرأة بكماء لا تتكلم، وبشرط ألا تكون متزوجة ولا يهم كم هو عمرها!!
عدلتُ من جلستي، وابتسمت وقلت: كلامك غريب جداً يا ماجد، ما الذي جرى لك؟ طلبك غريب والأغرب هو نحول جسمك المفاجئ!
قال: خلاص…خلاص لم أعد أحتمل لقد مللت من البيت، لقد مللت حتى من دخول بيتي، بل حتى من المرور بقربه، لقد ابتلاني الله بزوجة مثل (الموس الذي توقف في منتصف البلعوم) فلا هو يبلع ولا هو يلفظ ويخرج ويرتاح منه، وزوجتي يا حبيبي كما قال المثل: لا تنباع ولا تشترى ولا تتشارك ولا تتواكل ولا تتعاشر، ولا تتجالس ولا تتماشى ولا تتخاوى
قلت: كل هذا في زوجتك وابنة عمك؟! وأنت هو الملاك الطائر والحمل الوديع والزوج المنزه، والذي لا يخطئ أبدا؟!
قال: يا رجل أحياناً يأتيني شعور بأن زوجتي لم تخلق إلا للنكد والشكوى والتذمر ولافتعال المشاكل!!
حتى وأنا في العمل تتصل بي لتخبرني بأن سلومي(ابني الصغير) قد كسر شاشة اللاب توب، أو بأن بدور الصغيرة قد كسرت الأباجورة! تخيل يا أخي بأنه في الشهر الواحد لابد أن يصيب العطل أحد الأجهزة المنزلية، تخيل إن يدها لا تتعامل مع أي جهاز إلا ويتعطل! إنني أعتقد بأنها لايمكن ان تلمس شيئاً بيدها إلا وسوف يتعطل أو حتى ينفجر!!
لقد حاورتها مراراً وتكراراً، حاولت أن أجعلها تعدلُ من طريقتها تلك وأن تعرف قيمة الأشياء، وأن تعرف قيمتي كرجل وكزوج يريد الاستقرار والهدوء والسكينة، حاولت أن أفهمها معنى الزواج ودور الزوجة لكن عمك أصمخ، بل يبدو لي أن لديها ردة فعل عكسية تجاه كل ما أطلبه منها!!
ثم أردف قائلاً: ولهذا أريد أن أتزوج امرأة بكماء لا تتكلم، فقط تسمع وتشاهد!
فضحكت من كلامه وقلت: لا أعرف هل أنت جاد في كلامك أم إنك تمزح؟!
قال أمزح ولماذا أمزح يا رجل! اسمع لقد خلق الله لنا لسانا واحداً وأذنيين اثنتين لكي نسمع ضعف ما نتكلم ولكي نسمع أكثر مما نتكلم، أليس هذا بصحيح ألا توافقني في ذلك! قلت: كلامك صحيح يا أبو المجود، قال طيب ما رأيك بأن زوجتي تعرف هذه القاعدة وتفعل عكسها تماماً… تماما!! أقسم بالله على ذلك!
قلت له: طيب ربما أنها تعاني من فراغ كبير، لماذا لا تحاول ملء فراغها بشيء ما لعله يكون سبباً في تغيير سلوكها وطريقتها تلك!
قطع حديثنا صوت سيارة تقترب منا وتقف، فترجل منها أبو وليد ثم اقترب ورمى بكامل جسمه واتكأ على ماجد، فقال ماجد: يووه يا أبو وليد أبعد يدك عني فأنا فيني ما يكفيني من الهم والغم! قال أبو وليد: بسم الله علي، هذا بدلا من أن ترحب بي؟
قال ماجد: دعنا من هذا الكلام واسمعوا ما أريد قوله لكم، فقلنا بصوت واحد: تفضل هات ما عندك!
قال سوف أؤسس جمعية خيرية لاستعادة حقوق الزوج المسلوبة من قبل الزوجات، ولاستعادة هيبة الزوج ومكانته داخل البيت، ولمساواته بالمرأة، فالمرأة أصبحت تأخذ أكبر من نصيبها ومن حصتها في كل شيء!
فهل تؤيداني في ذلك؟ وهل ستشتركان معي وتنظمان إلى جمعيتنا الجديدة الموقرة.
قال أبو وليد: صدقت والله فكرة حلوة، لابد أن ننشئ هذه الجمعية لكي نقطع الطريق على الزوجات، ولكي نعرف مالنا من حقوق ضائعة ومسلوبة فسيروا وأنا معكم على بركة الله.
قلت: بالتأكيد أنا معك في هذه الجمعية ومؤيد لها وبقوة، لكن لابد أن نؤدي ما علينا من واجبات ونأخذ ما لنا من حقوق!
قال ماجد: إذا كان هذا رأيك ومنطقك فأنت من الآن مفصول! فضحكت وقلت: لكنني لم أداوم بعد ولم استلم مكتبي حتى تقوم بفصلي؟!
ثم استدرك ماجد وقال: صحيح هل أجد مع أحدكما رقم جوال خطابة، أريدها أن تبحث لي عن امرأة فاقدة القدرة على الكلام والنطق؟ فنظرتُ إليه بدهشة وقلت: هل أنت صادق وجاد في طلبك؟!
قال: نعم أنا جاد في كلامي, أريدها زوجة بكماء أي طرماء، قلت يبدو أن حالتك المرضية قد تجاوزت حدود المعقول يا ماجد! ثم أخرجت جوالي وقلت له سجل هذا الرقم عندك، فأخذه ملهوفاً ثم قام وابتعد عن مكان جلوسنا بخطوات سريعة، أخذت أنظر إليه وهو يبتعد وأنا أردد لله في خلقه شئون …لله في خلقه شئون!!
انتهت
التعليقات (0)