أرض اسرائيل.. شواهد تاريخية (2)

 أرض اسرائيل.. شواهد تاريخية (2)

الديانة المسيحية شاهد على تاريخ اليهود في ارض اسرائيل

مفهوم عبارة "مسيح" في كتاب اليهود

كلمة "مسيح" هي كلمة عبرية "مشيح" مفادها ان يُمسح شخص بزيت الزيتون لتقلده منصب رفيع. وقد ورذ ذكر لهذا في كتاب اليهود (تناخ) لأول مرة في التوراة السفر الثاني (الخروج) حين أمر النبي موسى سيد الأنبياء لدى اليهود بمسح أهارون (هارون) وأبناءه ليصبحوا كهنة بني اسرائيل. وفي السفر الثالث من أسفار التوراة (اللاويين) ورد ذكر "الكاهن المسيح"، ويذكر سفر شموئيل الأول (صمويل) ان الملك شاؤول (طالوت) مُسح بزيت الزيتون، ومن بعده درجت عادة مسح ملوك اسرائيل، ومن ثم مُسح أنبياء اسرائيل ومنهم اليشع (اليسع)، ويطلق التناخ (كتاب اليهود) لقب "مسيح" على ملوك اسرائيل داوود وسليمان، ويطلق سفر دانييل لقب "مسيح" على الزعيم المخلّص الذي سيكون من نسل الملك داوود. ويضيف سفر زكريا ان مسيح آخر الزمان سيدخل أورشليم راكبا على حمار في إشارة الى انه سيكون رجل سلام، على العكس من الفارس المحارب الذي يركب الحصان.

المسيح اليهودي والمسيح النصراني

وطوال التاريخ اليهودي ظهرت حركات ومذاهب مسيحية تقول بظهور المسيح اليهودي، ومنها تلك التي ظهرت في القرن الأول للميلاد وزعمت ان يشوع هو المسيح اليهودي المنتظر، قائلة إن والده يوسف هو من نسل الملك داوود. ولسنا هنا بصدد الروايات العديدة حول يشوع والغموض الشديد الذي يلف سيرة حياته. ما يهمنا هو ان الأحداث والوقائع التي رافقت نشأة الديانة المسيحية تثبت بشكل لا يدع مجالا للشك ان الديانة اليهودية والثقافة اليهودية كانت ما تزال تسود ارض اسرائيل في ذلك الزمان. يُلفت الى ان المذاهب اليهودية الرئيسية في تلك الحقبة "الفريسيين" و "الصدوقيين" نفت ان يكون يشوع هو الشخص الذي تتوفر فيه صفات المسيح اليهودي المنتظر، موضحة ان علامات ظهور المسيح اليهودي لم تظهر بعد، ذاك برغم كون يشوع عالما بالتوراه ومطبقا لفرائضها وتعاليمها. لكن المذهب المسيحي اليهودي بدأ يتعاظم شأنه خلال القرون اللاحقة التي أعقبت عصر يشوع، لتتحول الى عقيدة جديدة أرست القواعد لنشأة الديانة المسيحية النصرانية التي يؤمن أتباعها بان يشوع اليهودي هو السيد المسيح يسوع ابن الله وأمه مريم البتول. اما الديانة الاسلامية التي ظهرت في القرن السابع الميلادي فذهبت الى ان يشوع هو نبي الله، المسيح، عيسى، بن مريم العذراء. وعليه فان الحقبة المرتبطة بظهور الديانة المسيحية هي جزء من التاريخ اليهودي في ارض اسرائيل وشاهد ناطق على الوجود اليهودي الطاغي في تلك الفترة التي كانت ارض اسرائيل تخضع خلالها للسيطرة الرومانية، واما يشوع فيمكن القول إن ظهوره يشكل علامة فارقة في التاريخ اليهودي في ارض اسرائيل.

اليهود، أتباع يشوع، الذين أرسوا دعائم الدين المسيحي الجديد

بطرس الرسول.. يهودي واسمه شمعون بن يونا، وبالعربية سمعان، ولقبه كيفا أي الصخرة باللغة الأرامية ناله من السيد المسيح حسب الرواية التي وردت في الانجيل (العهد الجديد)، وهو مصدر تسميته بطرس باليونانية ومعناه الصخرة. نشأ بطرس في قرية بيت صيدا اليهودية الواقعة شمال ارض اسرائيل وعمل هناك صياداً للسمك مع اخيه أندراوس قبل أن يدعوه يشوع ليكون أحد اتباعه. وأصبح بعد ذلك قائدا لبقية رسل يشوع كما أن الكنيسة الاولى أقرت بسلطته. ويعترف أغلب المسيحيين بقداسة سمعان بطرس وبأنه أول باباوات روما..

أندراوس أحد تلاميذ ورسل المسيح.. يهودي وهو شقيق شمعون (بطرس). وبحسب التقليد الكنسي فإن أندراوس ولد في قرية بيت صيدا اليهودية قرب بحر الجليل – بحيرة طبرية - وكان يعيش مع بطرس في مدينة كفرناحوم الجليلية اليهودية، ولأن أندراوس يهودي الأصل فأن اسمه أندراوس قد لا يكون اسمه الحقيقي من حيث أنه ليس اسما آراميا أو عبريا. كان أندراوس تلميذا ليوحنان (يوحنا المعمدان) وبعد ذلك أصبح من أوائل من تبعوا يشوع (يسوع المسيح)، وبحسب الإنجيل فإن أندراوس كان من بين مجموعة التلاميذ الأكثر قربا ليسوع.

يوحانان او يوحنا المعمدان الذي عمّد يشوع (يسوع المسيح) في نهر الأردن بحسب الديانة المسيحية.. يهودي، وُلد لوالدين ورعين من عائلة ذات حسب ونسب هما زكريا وإليشيبع (اليصابات او اليزابيث). والده زكريا بن اسرائيل كان يعمل كاهنا في بيت المقدس اليهودي في أورشليم، وبهذا يكون يوحانان سليل أهارون (النبي هارون)، ويوحانان هو النبي يحيى بن زكريا في الديانة الاسلامية، وُلد في قرية عين كارم اليهودية آنذاك والمحاذية لأورشليم، وتربطه أواصر قرابة مع يشوع من جهة الأم.

يعقوب بن زبدي تلميذ يشوع (عيسى بن مريم).. يهودي، وهو القديس يعقوب الكبير حسب الديانة المسيحية، وبحسب الإنجيل كان يعقوب مع شقيقه يوحنا من تلاميذ يوحنا المعمدان، والمعمدان نفسه قدم لهما يشوع (يسوع) ومن ثم تلقيا دعوة يشوع أثناء وجودهما مع أبيهما عند المركب فقد كانا صيادين فتركا كل شئ وأصبحا فيما بعد تلاميذه. إن أصل يعقوب الجليلي قد يفسر بدرجة معينة الطاقة القوية والحماسة الفذة التي تميز بها مع أخوه يوحنا، وكان معروف عن اليهود الجليليين أنهم يتميزون بالتدين والقوة والصلابة والنشاط وبأنهم كانوا دائما المدافعين عن الأمة اليهودية.

يوحنان بن زبدي تلميذ يشوع وشقيق يعقوب.. يهودي، ويعرف في الديانة المسيحية باسم يوحنا الرسول ويُنسب اليه كتابة انجيل يوحنا ولذلك يلقب ايضا بالانجيلي، وتُنسب اليه ثلاث من الرسائل التي وردت في الانجيل (العهد الجديد)، بالاضافة الى سفر يوحنا اللاهوتي. وكان وأخوه يعقوب يعملان مع والدهما زبدي في صيد السمك في بحيرة طبرية، كان في البدء من تلاميذ يوحنا المعمدان وبعد ذلك أصبح واحدا من تلاميذ يشوع الإثني عشر.

فيلبس من رسل يشوع الأثني عشر.. يهودي، وكان من سكان قرية بيت صيدا اليهودية الجليلية الواقعة على بحيرة طبرية.

نتانئيل (ومعناه بالعربية عطا الله) واحد من تلاميذ يشوع الأثني عشر.. يهودي، ووالده تولماي ويبدو ان هذا مصدر اسمه باليونانية برثولماوس، وهو القديس برثولماوس حسب الديانة المسيحية، في إنجيل يوحنا يقدم نتانئيل على أنه صديق لفيلبس، وكان من جملة اليهود الذين يؤمنون بوشوك ظهور المسيح اليهودي الذي يخلصهم من العبودية للرومان، وأصبح نتانئيل فيما بعد من حواريي عيسى يسوع "يشوع" بعد ان آمن أنه ملك اسرائيل المنتظر. وكان نتانئيل عالما بالتوراة.

متتياهو ومعناه بالعربية عطية الله أحد تلاميذ يشوع.. يهودي، وهو البشير متى بحسب الديانة المسيحية وكاتب انجيل متى لذلك يلقب ايضا بالانجيلي، والده يدعى حلفي، كان متتياهو يعمل عشاراً أو جابياً للضرائب في مدينة كفرناحوم اليهودية الجليلية، وكان اليهود يحتقرون مهنة الجباية وكل من كان يعمل بها لأنهم كانوا يجمعون ضرائب باهضة لصالح المحتل الروماني.

توما ومعناه بالعبرية الأرامية "توأم" ويدعى ايضا يهودا.. يهودي، وهو واحد من تلاميذ يشوع الأثني عشر، ويسمى توما الرسول في الديانة المسيحية.

يعقوب بن حلفى أحد رسل المسيح الإثني عشر.. يهودي، وأمه مريم وهي إحدى النساء اللواتي كن يرافقن يشوع وتلاميذه للخدمة ، وشقيقه اسمه يوسي ويذهب البعض إلى أن لاوي الذي هو متى بن حلفى كان شقيقه أيضا .

شمعون هقناي وهو القديس سمعان حسب الديانة المسيحية، الملقب بالقانوي و أيضا الغيور.. يهودي، واسمه سمعان هو تعريب لاسمه العبري الآرامي "شمعون" وهو تصغير لكلمة السامع، هو واحد من رسل المسيح الإثني عشر وهو أكثرهم غموضا حيث لم يُكتب عنه الكثير في الأدبيات المسيحية في القرون الميلادية الأولى. ولقبه القانوي هو اللفظة العبرية لكلمة الغيور. يعتقد بعض دارسي التاريخ اليهودي بوجود فرقة يهودية دُعيت بالقانويين أي الغيورين وهم على ما يُظن جماعة من الثوار انتظموا للتصدي لظلم الحكم الروماني ولكنهم قُمعوا بقسوة، ومن المحتمل أن الرسول سمعان القانوي (الغيور) كان منتميا لهذه الجماعة أيضا قبل أن ينضم إلى تلاميذ المسيح.

يهودا تداوس وهو القديس تداوس حسب المسيحية، واحد من رسل المسيح الإثني عشر.. يهودي، ويُسمى أيضا يهودا تداوس، وهو ليس يهودا الإسخريوطي. والرسول تداوس كان شقيق الرسول يعقوب الصغير واسم والده يعقوب وأمه مريم.

يهودا شمعون من تلاميذ يشوع الأثني عشر.. يهودي، وهو من بلدة قريوت اليهودية الواقعة آنذاك جنوبي مملكة يهودا وذكرت في التناخ (كتاب اليهود)، من هنا لقبه الأسخريوطي.

متياس احد تلاميذ المسيح، يهودي، ومتياس هو الصيغة اليونانية لاسمه العبري متتيا ومعناه عطية الله. وكان من أتباع يشوع الأوائل.

بولس الرسول.. يهودي، ويدعى شاؤول الطرسوسي، وهو القديس بولس حسب الديانة المسيحية، ولد في طرسوس في آسيا الصغرى وترعرع في أحضان عائلة يهودية تنسب الى سبط بنيامين، وتتلمذ في القدس على يدي العلامة اليهودي ربان جمليئيل، وكان ينتسب للمذهب الفريسي. حارب شاؤول المذهب اليهودي المسيحي في البداية واعتبره فرقة يهودية ضالة تهدد الديانة اليهودية الرسمية، الا انه اعتنق مذهب يشوع فيما بعد وكان له دور كبير وبالغ الأهمية في نشر الديانة الجديدة وصياغة تعاليم المسيحية. تنسب إلى شاؤول (القديس بولس) ثلاث عشرة رسالة من رسائل العهد الجديد. ويزيد عليها التقليد الشرقي الرسالة إلى العبرانيين.