بأغلبية ست وخمسين صوتاً حسم مجلس شورى الإخوان المسلمون قراره بترشيح المهندس خيرت الشاطر مرشحاً للجماعة في انتخابات الرئاسة المصرية في مايو/2012م.
أي كانت المبررات التي صاغتها الجماعة فإن قرار دخولها المعترك الانتخابي وترشيحها للمهندس خيرت الشاطر هو حق كفله القانون والدستور، والقول الفصل في تحديد هوية الرئيس القادم هو الشعب المصري العظيم، وبذلك لا أرى مبرراً لحجم الهجوم الذي شنه البعض على قرار الجماعة واتهامها باتهامات باطلة، فبعد الإعلان الرسمي عن خيرت الشاطر مرشحاً لجماعة الإخوان المسلمين في سباق الرئاسة المصرية، بدأت العديد من الشخصيات والنخب والأحزاب الليبرالية والصحف القومية في الهجوم على قرار الجماعة، وكأن جماعة الإخوان ارتكبت كبيرة من الكبائر، وصاغوا في هجومهم مبررات عزفت على أوتارها أبواق عديدة وفضائيات وصحف قومية، منها على سبيل المثال:
1- أن الجماعة كاذبة وناكره للعهود التي قطعتها على نفسها بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
2- قرار ترشيح الشاطر هدفه تفتيت الأصوات وإسقاط المرشحين الإسلاميين عبد المنعم أبو الفتوح وحازم صلاح أبو إسماعيل ومحمد عماره.
3- القرار جاء بصفقة مع المجلس العسكري.
4- القرار يشكل مناورة تكتيكية للضغط على المجلس العسكري من أجل إسقاط حكومة السيد كمال الجنزوري.
5- استنساخ لتجربة الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، عبر الاستئثار بمقاليد الحكم.
6- نموذج حصار حركة حماس في طريقه إلى القاهرة.
وفي قراءة سياسية لقرار جماعة الإخوان المسلمون القاضي بترشيح خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة المصرية وكيف تراجعت الجماعة عن قرارها السابق بعدم ترشيح أي من كوادرها في الانتخابات الرئاسية فإن المتغيرات السياسية فرضت نفسها على قرار الإخوان، وتحديداً بعد فوزها بمجلسي الشعب والشورى، وانتخاب الهيئة التأسيسية لوضع الدستور المصري، وانسحاب بعض القوى الليبرالية والشخصيات والنخب المصرية منها، والسجال مع المجلس العسكري وتلويح الأخير بحل البرلمان في حال سحب مجلس الشعب الثقة من حكومة الجنزوري، بالإضافة إلى ضغط الشارع المصري والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على الجماعة من أجل التوافق على مرشح ودعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كل ذلك أنشأ بيئة سياسية مواتية لأعضاء مجلس الشورى للتصويت على قرار ترشيح خيرت الشاطر، وربما أرادت الجماعة في ترشيحها للشاطر إيصال رسائل طمأنة لعدة أطراف، كونه شخصية براغماتية اقتصادية ثورية، تربطه علاقات جيدة مع المجلس العسكري، وأيضاً مع الأحزاب المصرية الأخرى، وعلاقاته متميزة مع الدعوة السلفية، وأيضاً مع مرشحي الرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد عماره، وأيضاً تربطه علاقات جيدة مع المجتمع الدولي، وهذا مؤشر لأن ينتهج المهندس خيرت الشاطر في حال حاز على ثقة الجماهير وتم انتخابه رئيساً لمصر، سياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فمصر ليست فلسطين، فهي دولة كبيرة لها مقدرات اقتصادية تحتاج إلى عقل وحكمة لإدارتها، ولذلك سيناريو الحصار غير وارد، بل مصر على موعد مع الازدهار واستعادة الدور السياسي والاقتصادي المفقود، ودماء شهداء ثورة يناير تستطيع إعادة البوصلة إلى اتجاهها السليم في حال حاد أي طرف عن أهداف الثورة المجيدة.
التعليقات (0)