مواضيع اليوم

أرامل القذافي‏!‏

ممدوح الشيخ

2011-02-27 00:10:02

0

 

أسوأ ما في رد الفعل العربي‏,‏ والمصري تحديدا‏,‏ علي المجازر التي يرتكبها سفاح ليبيا‏,‏ هو حالة الاندهاش والاستغراب‏,‏ وكأن نظام القذافي خلال الاثنين والأربعين عاما الماضية كان رحيما بشعبه ثم تحول فجأة ضدهم‏.‏
كان المعارضون الليبيون في المنافي ولازالوا ــ هم الأكثر عددا بين المعارضين العرب‏,‏ لكن الاعلام العربي لم يلتفت إليهم‏.‏ وكانت الوفود الصحفية تزور ليبيا بصورة شبه يومية وتكتب لنا عن المعجزة التي تتحقق هناك وعن النظريات العظيمة في السياسة والفكر التي يبتكرها القذافي‏.‏ لكن أحدا من محبي التجربة الليبية العظيمة لم يكلف نفسه عناء الكتابة عن المواطنين أو يسعي للتعرف عليهم فضلا عن مشاكلهم‏.‏ كانت ليبيا بالنسبة لهم أرض الاقامة في الفنادق الفخمة في طرابلس والهدايا لكنها لم تكن أبدا أرض العمل الصحفي المحترم‏.‏
وقد دأبنا هنا في مصر علي الانصياع لتسمية القذافي لنفسه وتكرار هذا اللقب مع كل خبر يتعلق به‏,‏ ألا وهو الأخ العقيد معمر القذافي قائد الثورة‏..‏ لقب رومانسي يشعر المرء تجاهه بأن صاحبه لا هم له سوي الثورة علي الظلم والظالمين و نشر العدل والحرية‏.‏ و قد أضفي الزملاء المستفيدين من صاحب المؤلفات العلمية والفلسفية العظيمة وأشهرها الكتاب الأخضر عن الحكم والسياسة والعدل والحرب‏,‏ صفات الفروسية والألمعية و العبقرية عليه بل حولوه إلي حمامة سلام يسعي لنشر ربوعه في دافور والسودان وافريقيا وأمريكا اللاتينية ودول واق الواق‏.‏
وبينما كان هؤلاء الزملاء ينتقدون ويستنكرون محاولات التوريث في مصر‏,‏ فإن أحدا منهم لم يفتح فمه أو يكتب سطرا عن التوريث في ليبيا والذي وصل إليتقسيم البلد بالعدل والقسطاس بين أبناء القذافي‏,‏ ولا عن تبديد الثروات في مساندة حركات التمرد في العالم و استهداف المعارضين الليبيين بالقتل والتدمير‏.‏
وعندما كان مثقفو الغرب يدينون ممارسات القذافي ويرفضون جوائزه الباهظة القيمة‏,‏ كان بعض مثقفينا يسافرون بالطائرات المخصصة لهم لاستلام الجوائز ثم يعودون ليدافعون عن الأخ العقيد وفضائه الثقافي والفكري ومنددين بكل من تساءل عن أسباب قبول جائزة باسم هذا الطاغية‏.‏ الطريف أن هناك من يقول الآن إنه يبحث عن طريقة لرد الجائزة‏..‏ إذن ماذا عن الاعتذار ؟
المثقفون الذين يريدون تبييض وجوههم الآن بالهجوم علي القذافي بدعوي أنه تغير وأصبح طاغية يدركون جيدا أنه لم يتغير‏,‏ وأن هذه طبيعته‏.‏ فجرائم الحرب التي يرتكبها ليست جديدة‏,‏ وحتي ألفاظ مثل الفئران والقطط وشذاذ الأفاق التي يصف بها شعبه قال أقذر منها في السابق‏.‏ مشكلتنا ليست مع القذافي يفقط بل مع أرامله أيضا‏.‏
عبد الله عبد السلام
الأهرام القاهرية 26 فبراير 2011




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !