مواضيع اليوم

أذا أصبح القاضي مجرما

زين الدين الكعبي

2010-11-11 02:52:57

0

 قد لا يختلف أثنان على أن جريمة الأغتصاب هي الجريمة الأبشع على الأطلاق . وبالرغم من بشاعة هذا النوع من الجرائم ، ألا أنها أصبحت ترتكب في كل مجتمعات الدنيا من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب دون تمييز ، على الرغم من اختلاف الثقافات والعادات والأديان والمستوى المعاشي بين هذا المجتمعات .

 ولا يمكننا أن نتفهم دوافع الذئب البشري لأرتكاب هذه الجريمة مهما قيل عن وقوعه تحت تأثير الأمراض النفسية والأجتماعية أو حتى المخدرات والمسكرات . فهذه الجريمة لا تقوم بها حتى الذئاب اللتي ألصق أسمها بهذه الجريمة زورا وبهتانا .

 مرتكب هذه الجريمة البشعة هو كائن أحط من الحيوانات بكثير . فما بالنا اذا كان مرتكب هذه الجريمة قاضيا من واجبه القصاص من المجرمين . وماذا ستكون ردة فعلنا أذا علمنا أن ثلاثة قضاة قد قاموا بجريمة أغتصاب جماعي لطالبة جامعية . وهي جريمة أبشع بكثير من جريمة الأغتصاب الفردي لما فيها من وحشية مضاعفة ؟ .

في سابقة تعد الأولى من نوعها، قضت محكمة الجنايات بمحافظة الجيزة المصرية بالسجن المؤبد على قاضيين لاتهامهما باستدراج طالبة حقوق لشقة أحدهما وتناوبوا الاعتداء عليها مع صديقهما لمدة 5 ساعات، وجاء في تحقيقات القضية رقم 11178 لسنة 2007 جنايات العمرانية، أن "إسلام" ويعمل قاضيا بأحد الهيئات القضائية الهامة ، كان يقوم بالتدريس في برنامج التعليم المفتوح بجامعة عين شمس، وتعرف على إحدى طالباته بالفرقة الثانية، وطلبت منه مساعدتها في استذكار دروسها، وتطورت العلاقة بينهما إلى علاقة عاطفية.

وبحسب ما اوردته تقارير اعلامية مصرية فان المجني عليها قالت في التحقيقات إن القاضي المتهم أخفى عنها عمله فى مجلس الدولة ، وظنت أنه أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، ولما توطدت العلاقات بينهما، بدأ في كتابة الملخصات لها ومقابلتها خارج الجامعة، وفى أحد الأيام اتصل بها، وطلب مقابلتها كى يسلمها ملخصات دراسية، وبالفعل توجهت إليه، واقترح عليها الذهاب إلى مكتب محام صديق له للجلوس فيه، وهناك فتح لهما الباب آخر، "كان هو المتهم الثاني "أحمد" الذي يعمل قاضيا بإحدى المحاكم الابتدائية"، وأغلق الباب، ثم شربا خمرا، واتصلا بقاض ثالث يدعى "عماد"، وتناوبوا الاعتداء على الطالبة من الساعة العاشرة وحتى الثالثة ليلا، قبل أن يتركوها تغادر الشقة .

بعيدا عن دراسة أسباب أرتكاب هؤلاء القضاة لجريمتهم البشعة هذه ، فأن من المهم ألأشارة الى دلالات هذا الحدث الجلل . فالقاضي ليس شخصا او موظفا عاديا يمكن ان يتبوأ منصبه من دون أن يمر بأختبارات وتقييمات مستمرة أستمرار حياته المهنية .

والقضاء هو السلطة الأهم من بيين السلطاة الثلاث . أذا صلح صلح المجتمع ، وأذا فسد فسدت الدنيا وأصبح قانون الغاب هو الحاكم . لذا فأن وضع القضاة تحت المجهر دائما هو من الأمور الروتينية والطبيعية اللتي تقوم بها الحكومات منذ فجر التأريخ والى الان . حتى أصبح معيار قوة القضاء والقانون هو المعيار الأهم لمعرفة مدى التقدم الحضاري اللذي ستحققه الدولة في المستقبل . أو التنبوء بزمان أنهيارها .

هذه الجريمة اللتي أرتكبها القضاة المصريين الثلاث تعبر بجلاء عن خلل واضح في مراقبة النظام القضائي في مصر "مع أحترامنا طبعا للقضاة الشرفاء " . وألا كيف وصل هؤلاء القضاة الثلاث الى منصب القاضي وهم على هذه الدرجة من الخسة والنذالة .

أن وجود القضاة الفاسدين والمرتشين والمعدومي الذمة والضمير هو مطلب مهم للأنظمة الفاسدة والدكتاتورية في جميع دولنا العربية من المحيط الى الخليج وليس في مصر فقط . ففي هذه الأنظمة هناك حاجة ماسة لأمثال هؤلاء القضاة لتنفيذ رغبات الحاكم وبطانته .

فأذا أراد لملك أن يجعل أموال الدولة ومقدراتها محفوظة في خزانته ليتصدق ببعضها على شعبه ، فيصبح بعدها هذا الشعب تابعا مطيعا يدعوا له بطول العمر على منحه الجليلة وعطاياه السخية ، أحتاج الى هؤلاء القضاة الفاسدين .

وأذا أراد الرئيس أن يلغي فقرات كاملة من الدستور ليكرس حكمه الى الأبد ، أحتاج الى هؤلاء القضاة الفاسدين .

وأذا أراد هذا الحاكم أو ذاك أن يبطش بمعارضيه أو أن يرميهم في غيابة الجب أحتاج الى هؤلاء القضاة . وأذا أراد أن يبيع منشآت الدولة المنتجة ومصانعها المربحة الى أفراد أسرته وبطانته أحتاج الى هؤلاء القضاة . وأذا قتل أبنه أو أبن وزيره أحد أفراد الشعب بسيارته المسرعة وهو مخدر أو سكران أحتاج الى هؤلاء القضاة . وأذا أحتاج ، وأذا أحتاج ، وأذا ...

لذلك سنجد في دولنا ، أمثال هؤلاء القضاة اللذين باعوا آخرتهم للحكام الجبابرة بدراهم معدودة . فهل سنستغرب بعد ذلك أن يرتكب أحد قضاتنا جريمة أغتصاب ؟ .

 

http://www.shreet.com/articles/view/thread/id/15224

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات