أدوات الجهاد . للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
1_ الحديد :
قال الله تعالى : (( وأنزلنا الحديدَ فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس )) [ الحديد : 25] .
فاللهُ تعالى أوجد الحديد فيه قوة وصلابة ، فآلاتُ الحرب تتم صناعتها من الحديد كالسيوف والدروع. كذلك فيه منافع للناس ، وهذا ظاهرٌ للعيان ، إذ إن الحديد يدخل في كثير من الأدوات المستعملة والصناعات والتكنولوجيا، ولا يمكن الاستغناء عنه .
وفي تفسير القرطبي ( 10/ 15 ) : (( وقيل : الإنزال بمعنى الإعطاء . وسَماه إنزالاً لأن أحكام الله إنما تنزل من السماء )) اهـ .
وقال ابن كثير في تفسيره ( 4/ 403 ) : (( أي : وجعلنا الحديد رادعاً لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه . ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية ، وكلها جدال مع المشركين وبيان وإيضاح للتوحيد وبينات ودلالات ، فلما قامت الحجة على من خالف ، شرع اللهُ الهجرة ، وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب )) اهـ .
وفي صحيح البخاري ( 3/ 1066 ) : عن ابن عمر _ رضي الله عنهما_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( جُعل رِزْقي تحت ظِل رُمحي ، وجُعل الذلة والصغار على من خالف أمري )) .
أي إن الله تعالى جعل رِزقَ النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة ، ولا يتم الحصول عليها إلا بالجهاد . وهذا لا يعني _ بأية حال من الأحوال _ انتشارَ الإسلام بالقوة العسكرية والإكراه . فالمنهجُ الإسلامي هو وضع القوة المادية في نصابها الصحيح ، ووضع القوة الروحية في مكانها الملائم . ولا بد للعقيدة من قوة تحميها ، ولا بد للقوة من عقيدة تُوجِّهها .
أما الذين يحاولون الاصطياد في ماء شكوكهم العكر ، فيلتقطون الألفاظ ذات الدلالة الحربية كالرمح والسيف ... إلخ ، في محاولة بائسة منهم لإيهام الآخرين بأن الإسلام دِين عنف وإرهاب ، فهؤلاء حجتهم داحضة، فالإسلامُ مصحفٌ وسيف لا ينفصلان ، وفي ذات الوقت (( لا إكراهَ في الدين )) [البقرة : 256] .
وقال الحافظ في الفتح ( 6/ 98 ) : (( إشارة إلى أن ظله ممدود إلى أبد الآباد . والحكمة في الاقتصار على ذكر الرمح دون غيره من آلات الحرب كالسيف أن عادتهم جرت بجعل الرايات في أطراف الرمح ، فلما كان ظل الرمح أسبغ كان نسبة الرزق إليه أَلْيق )) اهـ .
2_ الخيل :
قال الله تعالى : (( وأعِدوا لهم ما استطعتُم مِن قُوة ومِن رِبَاط الخيل )) [ الأنفال : 60] .
إن الخيل من الأدوات الفعالة في الجهاد ، وهي تُستخدَم في أغراض متعددة لخدمة الجيش . فالخيلُ التي تُربَط في سبيل الله لها مكانةُ طيبة في منظومة القوة التي يتطلبها الجهاد . مع الانتباه إلى ضرورة الاعتناء بها، والإنفاق عليها ، وتغذيتها جيداً ، وعلاجها في حال المرض . والجدير بالذكر أن اقتناءها وتخصيصها للغزو في سبيل الله من العبادات التي يؤجر المرءُ على فعلها ، لأنه أراد بهذا العمل المساهمةَ الفعالة في الجهاد لإعلاء راية التوحيد . وبالطبع فالأخذ بالأسباب المادية من صميم التوكل على الله تعالى ، ومن تمام المعرفة بالسنن الكَوْنية .
وعن ابن عمر _ رضي الله عنهما _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الخيلُ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة )).
{ متفق عليه.البخاري ( 3/ 1047 ) برقم ( 2694 ) ، ومسلم ( 3/ 1492 ) برقم ( 1871).}.
فمن ربطها في سبيل الله تعالى كانت له نجاحاً يوم القيامة ، وسيرى الخيرَ بسببها ، لأنه سخّرها لإعلاء كلمة الله تعالى ، ونشر دِينه ، وهزيمة أعدائه .
وقال ابن عبد البَر في التمهيد ( 14/ 96 ) : (( في هذا الحديث الحض على اكتساب الخيل وتفضيلها على سائر الدواب ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأتِ عنه في غيرها مثل هذا القول، وبذلك تعظيم منه لشأنها وحض على اكتسابها ، وندب إلى ارتباطها في سبيل الله عُدة للقاء العدو ، إذ هي أقوى الآلات في جهاده ، فهذه الخيل المعدة للجهاد هي التي في نواصيها الخير ، وأما إذا كانت معدة للفتن وقتل المسلمين وسلبهم وتفريق جمعهم وتشريدهم عن أوطانهم فتلك خيل الشيطان )) اهـ .
وفي صحيح مسلم ( 2/ 680 ) : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الخيل ثلاثة ، هي لرَجل وِزْر ، وهي لرجل سِتْر ، وهي لرَجل أجر . فأما التي هي له وِزْر فرَجلٌ ربطها رياء وفخراً ونواء على أهل الإسلام _ يعني معاداة لهم _ فهي له وِزْر ، وأما التي هي له سِتْر فرَجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينسَ حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له سِتْر ، وأما التي هي له أجر فرَجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج وروضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كُتب له عدد ما أكلت حسنات ، وكُتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات )) .
وهكذا نرى أهمية النية في الأعمال. فربطُ الخيل قد يقود إلى الحسنات وقد يقود إلى السيئات. والمهم هو طريقُ الأجر ، وهذا يتأتى بربطها في سبيل الله استعداداً للجهاد ، والاعتناء بها لكي تساهم في نصرة جيش المسلمين . وعندئذ تكون الخيلُ باباً للحسنات مفتوحاً على مصراعَيْه .
http://www.facebook.com/abuawwad1982
التعليقات (0)