أسرانا في المعتقلات، وفي السجون الإسرائيلية غاضبون ثائرون يطالبون بالحرية والخلاص من قيود السجان وأغلاله.. إنهم يحاربون من أجل حريتهم وكرامتهم، ومن أجل كسر هذا القيد الذي أدمى أيديهم وأرجلهم، وناء بكلكله على صدورهم المثقلة بكل آلام الأسر، وألوان القهر.. ويحاربون من أجل إلغاء الاعتقال الإداري، والاعتقال السياسي، والاعتقال التعسفي العشوائي الاستبدادي.. ويحاربون أيضًا من أجل إلغاء كافة ألوان التسلط والتحكم، وكل أشكال الاستبداد والاستعباد، ومختلف صور العذاب والتعذيب الجسدي والنفسي، وسائر أشكال التصرفات الاستفزازية، والأعمال الكيدية التي تنطوي على كل أشكال المهانة والإهانة والإذلال والتصفية الجسدية والنفسية في قبور الأحياء هذه التي تملأ الرحب في كل هذه الديار التي كانت ذات يومٍ قلعةً من قلاع الحرية، ومنارةً يهتدي بنورها ونارها الناس في هذه المنطقة من العالم.
إن آلاف الأسرى اليوم يخوضون هذه المعركة المفتوحة، وهذا الإضراب العام عن الطعام والشراب منذ السابع عشر من نيسان، بينما تخوض طلائعهم هذا الإضراب الشامل منذ أكثر من شهرين.. فلله دركم يا كل أسرى الحرية والغضب والمقاومة والفداء! ولله در السابقين منكم، ولله در اللاحقين، ولله در من سيلحقون، ولله در من يتضامنون معكم، ولله در هذا الشعب العربي الفلسطيني، ولله در أحرار العرب، وهم يخوضون معارك التحرر والتحرير والخلاص من الأغلال والقيود منذ عقودٍ وعقود.. لله دركم يا أسرانا، وأنتم تخوضون هذا الإضراب الذي لم تشهد له هذه الدنيا مثيلاً من قبل! وما أكثر ألوان الإضراب التي نفذها هذا الشعب على امتداد تاريخه الحديث! وما أكثر أشكال الاحتجاج التي مارسها دفاعًا عن حريته، ودفاعًا عن كرامته، ودفاعًا عن حرية أرضه وعزتها واستقلالها!!.
آلاف الأسرى اليوم يعلنون للدنيا إصرارهم على مواصلة هذا الإضراب، وهم يعلنون للدنيا إصرارهم على مواصلة هذه الحرب المفتوحة إلى أن يستردوا حريتهم، وقد أقسموا جميعًا على ذلك رغم كل الأخطار المحدقة بهم من كل جانب، ورغم وطأة الجوع، ومرارة العطش، وإمارات النحول والشحوب والهزال والضعف التي تعتري هؤلاء المقاتلين.. فيا شعب الأضاحي والتضحيات، ويا أمة العطاء والفداء، ويا كل أحرار العالم وشرفائه، ويا كل منظمات حقوق الإنسان، ويا كل أصحاب المبادئ الشريفة والأفكار السامية النظيفة، ويا كل أنصار الحق والعدل والعدالة والحرية في هذا العالم أدركوا هؤلاء الأسرى، وأحسنوا الوِقفة إلى جانبهم، وكونوا معهم، وانتصروا لهم، وعجلوا في الإفراج عنهم، فالأخطار محدقة بهم، والأمراض عرفت طريقها إلى أجسادهم الهزيلة، وأمعائهم الخاوية، وقاماتهم النحيلة، والموت لهم بالمرصاد يا كل هذه الدنيا التي تؤمن بحق الإنسان في العيش بحريةٍ، وبحقه في العيش بأمنٍ وأمان، وبحقه في الدفاع عن نفسه ووطنه وأرضه وبيته ومقدساته، وبحقه في التمسك بثوابته، وبحقه في العودة إلى بلاده التي اقتلع منها، وبحقه في العودة إلى قراه ومدنه وبلداته التي هُجر منها ظلمًا وعدوانًا.. الموت لهم بالمرصاد، فلنعمل جميعًا من أجل إنقاذهم، ولنعمل جميعًا من أجل أن يعودوا سالمين إلى بيوتهم وأسرهم وعائلاتهم، ولنعمل جميعًا من أجل إحقاق الحق، وإزهاق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
وأنتم أيها الفلسطينيون، قوموا بواجبكم تجاه أسراكم.. إن بإمكانكم أن تفعلوا من أجلهم ما لا يستطيع أحدٌ فعله، إن بإمكانكم أن تحسنوا الوقفة إلى جانبهم في معركتهم الحاسمة هذه، وإن بإمكانكم أن تنهوا هذا الفصل الرهيب، وأن تضعوا حدًّا لهذا المشهد المرعب المعيب، وأن تُدخلوا البهجة إلى قلوب أبنائهم وبناتهم وأمهاتهم وأصدقائهم وأسرهم وذويهم، لترتسم البسمة على شفاههم، وشفاه الناس جميعًا في هذا الوطن المُضيّع والمُمزق والمُكبل، ولتعم الفرحة كافة شرائح هذا الشعب الصابر.. واعلموا – أيها الفلسطينيون- أن معركة هؤلاء الأسرى هي معركتكم، واعلموا – أيها الكرام – أن بإمكانكم أن تنقذوهم، وأن تحرزوا النصر في هذه المعركة إن أردتم.. أدركوهم – أيها الكرام – قبل أن يحصل ما لا تُحمد عقباه، أدركوهم قبل أن يقع المحظور، أدركوهم قبل أن نقرع سن الندم، ولاتَ حين مندم.
التعليقات (0)