مواضيع اليوم

أدب الرحلات.. هل ينحسر مده

nasser damaj

2009-05-22 09:40:48

0

فضاء الكلمة..

بقلم: خليل إبراهيم الفزيع..

 

أدب الرحلات.. هل ينحسر مده؟ ..

 

أدب الرحلات لا يحقق للمتلقي فقط المتعة الذهنية، والفائدة المعرفية، ولكنه أيضا يوسع دائرة اهتمامه بالأقطار التي يرحل إليها عبر القراءة، كما يتلمس جوانب إنسانية جديدة، يستوحيها من تصرفات الناس، وعادات وتقاليد الشعوب، وقد يقتبس منها المفيد مما لا يتنافى مع الثوابت القارة في مجتمعه؛ ثم إن أدب الرحلات يعتبر نافذة يطل منها القارئ على العالم، ويعبر من خلالها إلي آفاق واسعة وجديدة.

لكن هل سيتلاشى الاهتمام بأدب الرحلات في ظل ثورة الاتصالات وما توفره من مشاهدات أحالت العالم إلي صندوق صغير، يمكن للمشاهد أن يرى من خلاله أقصى ما في الأرض من أماكن، وأبعد ما في السماء من مجرات، وأعجب ما في الكون من معجزات؟ هذه الثقافة البصرية هل تقضي على التسجيل والقراءة وهي أيضا نوع من التعاطي البصري مع الأشياء؟ أم أن هذه المؤشرات تشكل حوافز حقيقية لقراءة أدب الرحلات باعتبار أن الكتاب يمكن حمله إلى أي مكان، والعودة إليه في أي زمان، إلى جانب ما يتمتع به من ميزات لا يعرفها إلا هواة القراءة وعشاقها؟

لقد أصبح كتاب أدب الرحلات من الندرة بحيث لا يذكر عددهم لأنه لم يعد ملفتا للنظر كما كان في السابق، مع أن الاهتمام بأدب الرحلات لم يحظ بما حظيت به فنون الكتابة الأخرى، فلم يصلنا من أدب الرحلات إلا القليل، وخاصة بالنسبة للرحالة العرب، أما المستشرقون فأعدادهم كثيرة، وقد سجلوا رحلاتهم في كتب لا تزال مرجعا لكثير من الدراسات الحديثة، وإن كان من أولئك المستشرقين من اتخذ الاستشراق قناعا لأداء مهمات مشبوهة لجهات غربية كشفت الأيام سوء نواياها، وفي ظل المستجدات الحديثة لم يعد لهذه الفئة من المستشرقين أي دور، ولا لتقاريرهم أية أهمية، بعد أن تكفلت الأقمار الصناعية التجسسية بهذا الدور.

     في عصر الانترنت والقنوات الفضائية نرى الاهتمام بالكتاب يتراجع إلي حد ما، لكن ألوانا من الأدب ستظل بحاجة إلي الكتاب، لتنتقل للمتلقي بشكلها الحقيقي، دون أن تخضع لأي لون من ألوان التزويق التي تقوم بها أجهزة الاتصالات الحديثة ومنها أدب الرحلات، وإذا كانت وسائل المواصلات في هذا العصر قد وفرت سهولة التنقل في أرجاء العالم، فليس كل المسافرين يحرصون علي تسجيل مشاهداتهم، أو انطباعاتهم حول تلك المشاهدات، لذلك سيظل الاهتمام بأدب الرحلات قائما، لما يحمله من ملامح قد تجمع بين ألوان أدبية مختلفة، ومعارف وعلوم شتى، ومهما توفرت في الآلات الحديثة من إمكانيات التسجيل، وحفظ الأحداث، فإن هذا التسجيل لا يتوغل في عمق الأشياء، مكتفيا بما هو ظاهر للعيان، دون أن يقدم ما وراء هذا الظاهر للعيان من دلالات وإيحاءات ومعان يمكن للكاتب المتعمق في التحليل الوصول إليها دون غيره، فالآلة محايدة في النقل، وهي وإن نقلت مشاهدات بعينها، لا يمكن أن تنقل الانطباعات البشرية عن تلك المشاهدات، فهذه مهمة الكاتب الذي يتعاطى الكتابة في هذا اللون الأدبي المسمى أدب الرحلات.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات