أدبيات الإنفصال
...... أوراق مبعثرة
(حلقة 2)
عبد الله دينق .... مطية الترابي
حين اقدم حسن الترابي على إفتتاح المزاد بتقديم العضو في حزب المؤتمر الشعبي "عبد الله دينق" الجنوبي الأصل ككبش فداء في إنتخابات الرئاسة السودانية المقررة في أبريل من العام الجاري ...... ثم زايد باقان أموم بتقديم الحركي الشمالي الأصل "ياسر عرمان" كـقـرد فداء في الانتخابات المشار إليها ...... وحيث لا ندري من سيتقدم إلى مزاد الترشيحات في الفترة المتبقية ...... فإنه يتضح لنا من كل ذلك أن مؤتمر جوبا الذي تنادت له المعارضة الشمالية وعلى رأسهم الترابي والصادق المهدي والشيوعي وهلم جرا ... وما رشح هناك من فكرة التنسيق بين الحركة الشعبية والأحزاب الشمالية من توحيد الصف بالإتفاق على تقديم مرشح واحد لمنافسة مرشح حزب المؤتمر الوطني عمر البشير ...... يتضح لنا من كل هذه الغوغائية السياسية ولواط الطرشان مع العميان الذي مورس في أحراش جوبا مدى الضعف والتفكك وإنعدام الرؤية الواضحة لدى تجمهر المعارضة بمن فيهم الحركة الشعبية ... بل ويؤكد أن الجميع منهم لا يعرف ماذا يريد . ولن نكون ظالمين لو اعتقدنا جازمين أنهم لا يعرفون حقيقة وطبيعة المرحلة القادمة التي تؤكد كل التوقعات والإرهاصات أن خيار الإنفصال قد بات هو الخيار المفضل لدى الأغلبية من الجنوبيين الذين يقيمون في الجنوب الآن أو كلاجئين في دول الجوار .....
وفي حين يؤكد الرئيس عمر البشير تارة ونائبه الأستاذ علي عثمان طه تارة أخرى أن خيار الإنفصال ضئيل ومستبعـد وإلى غير ذلك من وعود بهدف ذهبي ؛ إلا أنه يجب على الجميع أن يسارع الخطى بوضع خطط بديلة لمواجهة كافة الإحتمالات . وحيث لا يعقل أن يضع الكبار أيديهم داخل أكمام جلابيبهم إنتظارا لما سيأتي من رحم الغيب الجنوبي في غياب آليات وقدرات إستقصاء للرأي علمية مؤكدة عن رجاحة التصويت للانفصال من عدمه.
تحدث غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية في الفضائيات عن جوانب خطيرة لفت إليها أنظار العامة من الشعب لأول مرة بوصفه يتحدث من موقع المسئولية والعالم ببواطن الأمور ؛ ومن هذه الجوانب على سبيل المثال لا الحصر عدم ترسيم الحدود بين الشمال والحنوب حتى تاريخه رغم مضي خمس سنوات على اتفاق نيفاشا . وكذلك إشكالية وقسمة الديون وثروة البترول ، وجميع ذلك وأكثر لم يتم فيه أي تقدم أو بحث رغم أنه لم يتبقى على استفتاء تقرير المصير سوى أقل من عام ميلادي واحد.
ووفق إعتقادي الشخصي أن المشكلة الأكبر من كل ما تقدم ستكمن في مسألة الثروة البترولية ... قسمتها وموانيء تصديرها . وحتما فإن الجنوبي سيعمل بعد إنفصاله على تنفيذ بناء خط الأنابيب الذي يربط بلاده (السودان الجديد) بميناء ممبسا الكيني حتى لو كلفه ذلك المزيد من الأموال والأعباء .... ولكن كل شيء يحلو وتصبح تكلفته زهيدة ويهون طالما كان في الأمر مكايدة لأهل الشمال ، وفي سبيل غسل عقدة "الدرجة الثانية" المتأصلة في نفس الجنوبي والتي سيستمر يلهث ويعاني خلفها إلى ما شاء الله حتى بعد الانفصال المأمول.
ولكن وطالما كان الشئ بالشئ بذكر فإن التساول الذي يقفز إلى ذهن الفرد العادي عند قراءته لمغزى ترشيح الترابي الشمالي لعضو جنوبي في حزبه وترشيح باقان أموم لعضو شمالي في حركته ..... هل نحن بإزاء ممارسات جدية تتعلق بمستقبل وطن أو حتى مساره ؟ .....
ياسر عرمان ... أبشع مثال لإستغلال الجنوبي للشمالي
بالطبع لن يتم إنتخاب عبد الله دينق . وسيسقط ياسر عرمان بدرجة "أهبل جدا" .. .... ولكننا هنا في حقيقة الأمر بإزاء التعامل مع فلسفة ورؤية ومغزي أسلوب مستهتر غاية الإستهتار ، فلماذا هذا اللعب الصبياني وكلاهما الترابي وباقان يدركان أن لا عبد الله دينق سيكون له الحق بعد الإنفصال في التمتع بالجنسية السودانية ناهيك برئاسة السودان ..... وحيث ياسر عرمان في الجانب الآخر وغيره من الشماليين الحركيين الذين لن يهنأ لهم مقام في الشمال بعد الانفصال . وحتما سيتعرضون للمطاردة والإذلال والعزل وضرب غرائب الإبل من جانب الأجهزة الأمنية والتنظيمات الشعبية بعد أن يرفع الغطاء عنهم وتنفض الحركة الشعبية يدها منهم بوصفها حركة سياسية أجنبية لا يحق لها أو لممثليها ممارسة أية نشاط سياسي تعبوي داخل حدود الشمال...... وبحيث يجوز محاكمة من يتصل أو يتعامل معها من مواطني الشمال بتهمة التخابر مع دولة أجنبية بهدف المساس بالأمن الوطني وزعزعة الإستقرار...... وهي تهمة من جملة تهم تندرج تحت بند الخيانة العظمى ، وتكفي الواحدة منها لرفع صاحبها على حبل المشنقة غير مأسوف عليه.
ثم أنه إذا كان الترابي (الشمالي) من جهة وباقان (الجنوبي) من جهة أخرى يرغبان في إشاعة نوع من السخرية والفوضى والإستهانة بمضمون الإنتخابات الرئاسية وتفريغها من محتواها ؛ فلماذا وبنحو عام يجعل الشمالي من الجنوبي مطية ويجعل الجنوبي من الشمالي مسخرة ؟؟ ولماذا هذه الإستهانة وهذا الاستغلال البشع الغير إنساني أو مستساغ بنحو خاص لشخصي عبد الله دينق وياسر عرمان ؟
خريطة السودان بعد إنفصال الجنوب
التعليقات (0)