مواضيع اليوم

أدبيات الإنفصال (حلقة 21) عّمت بشايرنا

مصعب المشرّف

2011-02-01 16:33:13

0

أدبيات الإنفصال ... أوراق مبعـثرة

حلقة (21)

عَمّتْ بشايرنا ودام الفرح لينا ضاءت ليالينا

أخيرا وبعد الإعلان الرسمي عن نتيجة الإستفتاء على إنفصال الجنوب الذي جاء لمصلحة الإنفصال بنسبة 99% ويزيد ، وبعد إعلان نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان طه قبول الخرطوم بهذه النتيجة وتهنئته للجنوبي مع الأماني العذبة وباي باي جيمس وبيتر ووليم اللذين ياما أثاروا سخريتنا وإشمئزازنا من جهة وسدوا نفوسنا وقرفونا من جهة أخرى ، ونحن نراهم يأكلون الفول المصري بالحلاوة الطحنية ولعابهم لا يكف عن المسيل ورذاذ بصقاتهم المُمَـيّزة لا ينفك يتطاير حول وجوهنا قبل أن يستقر فوق ترابنا وبلاطنا ورخامنا وحوائطنا وسيقان نخيلنا ونوّار ورودنا ؛ فإنه لا يسع "حُكَماء الإنفصال" في الشمال سوى تهنئة أنفسهم والشعب الشمالي الكريم بهذه النتيجة الإيجابية المثمرة الحتمية لعلاقة كانت قسرية ديماجوجية معووجة شاذة وغير قابلة للتواصل والتمازج والإنصهار بين شعبين لا تجمع بينهما وشائج أو تعاطف وتراحم في الأغلب الأعم ..... ونرجو أن يجد فيها "بُلهــاء الوحدة" الدرس البليغ وبما ينهي ويحد ويكبح من بَلاهتهم .
الطريف أن نتيجة الإستفتاء هذه والإعلان الرسمي عنها وإعلان الخرطوم موافقتها عليها نراها قد مرت اليوم مرور الكرام وذابت شمار في مرقة لسبب إهتمام الجميع من عرب وعجم بما يجري في الساحة المصرية ... وهو ما نرى فيه مؤشر واضح لمستقبل دولة الجنوب الوليدة التي ولدت في الظلام وستنشأ وتعيش في الظلام ... لم يهتم بها أحد أو ينشغل بأمرها أحد .. وكما يقولون فإن الجواب باين من عنوانه وأنها بهذا لا تشكل أهمية تذكر سوى لأهلها.
إذن وعلى أية حال أصبح الشمال اليوم في فرحة لا توصف وسليما معافى . وقد زال عن كاهله كابوس من فصيلة "أب فرّار" وحِمْل وعِبء ثقيل بغيض كريه مقيت وريحُ سموم سحر ٍ أسود منتن الرائحة ، جعل منه وعلى غير ذنب جنته يداه رجل أفريقيا المريض طوال عقود إمتدت منذ عام 1955م وحتى عام 2010م .....
وقد آن للشمال الآن أن يتنفس بحرية ، ويملأ رئتيه بأوكسجين نقي نظيف منعش ، بعيدا عن الحرج والتخلف المزري وثقافات وقناعات وممارسات الغابة والعصر الحجري والأمراض والأوبئة الإستوائية والإباحية الجنسية والإيدز ... ثم نزيف دماء لا يتوقف ذهب ضحيته وبدون داع أو مبرر يذكر أجمل وأغلى ما يمتلك مجتمع وإنسان الشمال من شباب غض في ريع الصبا ، ومن طلاب وخريجي الجامعات ؛ ما كنا نتمنى له أو كان له أن يـُغتال غيلة وغدراً ، ويلقى حتفه بلا معنى وسط أحراش وأدغال لا ينتمي إليها ولا تمت إليه بصلة تذكر من قريب أو بعيد.
التهاني العطرة لشعب السودان المجيد بمناسبة تخلصه من ورم الجنوب الخبيث المزمن . ولا نجد في هذه المناسبة السعيدة سوى أن نهدي لهذا الشمال المتعافي هذه الأغنية التي تدل بالفعل على مدى عبقرية الكلمة المبدعة لدى إبن الشمال .. فهذه القصيدة وإن كانت قديمة إلاّ أنها تبدو وكأنها صالحة لكل العصور والمناسبات السارة ... وقد كان أول من تغنى بها هو المطرب الراحل "عبيد الطيب" ثم رددها وظل يرددها من يعده العديد من المطربين حتى تاريخنا المعاصر.

 

عمَّتْ بَشايــِرْنـا

ودام الفَرح لينَّا ضاءت ليالينا

الدُنيا ابتهجتْ وتجلوّ بَدرَينَا

وين يا بلابل الدُوح الليلة سامرينا

نذكُر أحبّتْنا وأوقاتْ مسرَّتنا

نطرب بلحنَ الحُب ولذيذ أغانينا

نذكر محاسِنَ أمْ دُر نهضة أمانينا ()

ونُحيِّ وادي النيل بعظيم تهانينا

ضاءت ليالينا

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

عَمّتْ بشايرنا ودام الفرح لينا

ضاءت ليالينا

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

بعد التهاني هناك تهبط مراسينا

وبين النجوم كانت موضع كراسينا

أصبحنا في فَرحة ونفوسنا مُنشرْحَة

وقلوبنا ببهجة إزدادَ تحسينا

وين يا نجوم الدور بالله آنسينا

ضاءت ليالينا

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

عَمّتْ بشايرنا ودام الفرح لينا

ضاءت ليالينا

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

إخضر وادينا

ورتـّل بلحن الحب العذبة شادينا

شُفْنا الحواري العين أمامنا مجتمعين

منظر يسر العين

وبلابل الأفراح سجعت تناجينا

وبلابل الأفراح سَجَعتْ تناجينا

سَجَعتْ ... سَجَعتْ ... تلاقينا

سَجَعتْ ... سَجَعتْ ... تلاقينا

المطرب السوداني الراحل (عبيد الطيب)


() أمْ دُرْ : لمن لا يعرف من الإخوة العرب هو مختصر مسمى مدينة أمدرمان يقال لها ذلك تحبباً وتدليعاً لما لهذه المدينة من زخم تاريخي ووجداني في أعماق الشمال السوداني بوصفها العاصمة الوطنية للشمال. وقد أنشأها البطل السوداني القومي الرمز الإمام محمد أحمد المهدي عليه السلام في يناير 1885م بعد تحريره للسودان من إستعمار الخديوية المصرية والتي كانت عاصمته مدينة الخرطوم . وقد أطلق عليها مسمى "أم دُر أمان" وتعني في المفهوم السوداني " المدينة ذات الديار الآمنة" ...... وأم در  بمعنى أم الدور . والدور جمع دار .  وكذلك أطلق عليها البعض مسمى  "البُقعة" ... بقعة الإمام المهدي.
ومن أهم ملامح هذه المدينة الخالدة أنها أصبحت بوتقة جمعت ومزجت بين كافة القبائل الشمالية من الشرق والغرب والشمال وحتى جبال النوبة جنوبا ... هذه القبائل التي شاركت في النضال العسكري الوطني تحت راية المهدية ، وخاضت غمار المعارك والمواقع القتالية الضروس وأستشهد أبناءها الكرام في ساحات الفداء الحقيقية لتحرير السودان من إستعمار الخديوية المصرية طوال الفترة من عام 1881م حتى تكللت بالنجاح في يناير 1885م...... كما شهدت ميلاد الصحوة الوطنية التي قادت مسيرة إستقلال السودان عام 1956م . وحيث تجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان الذي نحن هنا بصدد الإحتفال بإنفصاله لم تشارك قبائله أو متعلميه (وما كان لهم الإستعداد أو الثقافة والقناعة ليستطيعون ذلك) في هذه المسيرات الوطنية الشاقة المرهقة سواء من قريب أو من بعيد.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات