أخيرا ،أعوان السلطة بوزان يحطمون جدار الصمت!
نبيل الحسناوي
يبدو أن نسائم الإصلاح المباركة التي تهبّ على بلادنا هذه الأيام، ألقتْ بعبقها على مجالات إدارية لم يكن أحد يتصور أنها ستشملها قبل 20 فبراير، ومنها بالخصوص: أعوان السلطة الذين حرصوا على تحطيم جدران الصمت التي كانت تحيط بهم لعقود متعددة، وهبّوا لإيصال صوتهم إلى الجهة المسؤولة، وهي هنا أم الوزارات: وزارة الداخلية.
أعوان السلطة في إقليم وزان، وعلى غرار زملائهم في باقي أقاليم المملكة، وحّدوا صفوفهم، والتقوا في كلمة واحدة: المطالبة بقانون تنظيمي خاص بمهنتهم، يحدد بدقة طبيعة المهام التي ينبغي أن يضطلعوا بأدائها، تكريساً لدولة الحق والقانون، وتفادياً لمنهج التعليمات الذي يغيّب أحيانا روح المسؤولية والمواطنة، لتحلّ محلها المزاجية والغطرسة، في استغلال مفرط للسلطة والنفوذ.
ولهذا الغرض، صاغ الأعوان المذكورون رسالة موجهة إلى وزير الداخلية، تتضمن تشخيصاً لأوضاعهم وعرضاً لتظلماتهم ومطالبهم المشروعة. والواقع أن ردم الفجوة الإدارية بين أعوان السلطة والوزارة الوصية يعدّ مدخلا رئيسيا من مداخل تجسيد المفهوم الجديد للسلطة وسياسة القرب، ليكون نموذجا يطبّق في علاقة الوزارة مع المواطنين. ومن ثم، يتعين تمتين جسور التواصل وتقنينها بين الطرفين، ارتقاءً بأسلوب التعامل الوظيفي، وجعله ينسجم مع متطلبات الدولة الحديثة. كما أن تطوير مردودية العاملين في هذا القطاع رهين بعدد من المحفزات المادية والمعنوية والهيكلية، ومن بينها بالخصوص: ضرورة إيجاد قاعدة قانونية ومهنية لتشغيل أعوان السلطة، وتوفير الشروط الضرورية لولوجهم هذا القطاع، بالانتقال من الطابع التقليدي إلى منهجية عصرية تتلاءم مع التطورات التي تشهدها بلادنا حالياً، بالإضافة إلى تمكين هذه الفئة من المستخدمين من رقم تأجير رسمي خاص بكل واحد بهم، بشكل يجعلهم يتوصلون برواتبهم الشهرية من وزارة الداخلية، وليس من العمالات كما هو معمول به حالياً، تفادياً للوضعية الشاذة التي يعانيها الأعوان في بداية كل سنة، بسبب التماطل في صرف الأجور تحت ذريعة الميزانية والأخطاء التقنية.
والواقع أن أعوان السلطة يُعتبرون من بين الشرائح المجتمعية التي تؤدي أدوارا هامة لفائدة الوطن والمواطنين، في ظروف تكون صعبة في أحايين كثيرة. لكن تلك الخدمات لا تُـقابَـل ـ للأسف الشديد ـ بالإنصاف المطلوب من لدن الوزارة الوصية، إذ يُحرَم أصحابها من الاعتبار المعنوي ومن الاستقرار المادي والتأمين الاجتماعي، مما يجعل الحديث عن العيش الكريم مطلبا عسير المنال في حالة تلك المهن. فلا عجب إن رفع المعنيون حناجرهم بالشكوى، بعد أن بلغ السيل الزبى، أو بالعامية "وصل المُوسْ للعظم". فموظفو القطاعات العمومية ينظمون وقفات احتجاجية سلمية حين يريدون التعبير عن مطالبهم، أو يلجأون إلى النقابات المهنية التي تؤطرهم وتنقل ملفاتهم المطلبية إلى السلطات المعنية، إلا أعوان السلطة، فإنهم يبقون مستثنوْن من أي اهتمام تقريباً. لذلك، آمل أن تجد رسالة أعوان السلطة آذاناً صاغية لدى المسؤولين في وزارة الداخلية، وتبادر إلى إنصافهم والاستجابة لمطالبهم المشروعة، وتعطي المثال بذلك في الاهتمام بالفئات المستضعفة من أبناء هذا الوطن.
التعليقات (0)