في هذه الأيام يكتٌب الكٌتاب عن ليبيا وعن عقيدِهـــا الذي كنت وما زلت أرى بأن طريقة التعامل معه منذ لحظة اعتقاله مؤشر على أن القـــادم في ليبيا لا يُبشر بالخير ...فلقد كان الأكرم للثوار (إن كانوا كذلك ) بأن يقوموا باعتقال العقيد وتقديمه للمحاكمة وبالتالي إظهار الفرق بين نظام أجاد إعدام معارضيه ومخالفيه ونظام جديد يُبنى على وحدة الشعب وحرية الرأي وعدالة القضـــاء وديمقراطية الرأي ...كنت أتمنى أن لا أرى شماتة ولا انتقام....كنت أتمنى أن أرى عدالة ...كنت أتمنى أن أرى الفرق !!!! ...وبكل الأحوال ما حدث من اغتيال للعقيد القذافي بعد اعتقاله عمل غير إنساني وغير مقبول وبل انه مخالف للقيم العربية والإسلامية علينا أن نفهم بان الإسلام ليس راية أو لحية طويلة وكما انه ليس شعارات بل هو سلوك يرتبط بالمسلم لحظة انتصاره وكما هو لحظة انكســــاره ...لم ينجح ثوار ليبيا (إن كانوا كذلك ) بإظهار أي مظهر لاحترام قيم العروبة أو الإسلام الذي يرفض الشماتة بالموت والتعامل البعيد عن أي أخلاق مع الجثث ...وهنا وجب التوضيح بأنني لم أكن يوما" من المؤمنين بنظام العقيد القذافي أو المؤيدين له ولكن يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا بأن انتهاك القيم الإنسانية بالتعامل مع القذافي بالإضافة إلى تجاوز الأعراف العربية والقيم الإسلامية هو عمل مرفوض وبل أن ما حدث غير لائق وغير مناسب ويصل الى درجة الجريمــــة الهمجية ...ليس هذا ما أتمناه لليبيا !!!! لقد تحًول القذافي إلى بطل ورمز بفعل هذه الجريمــــة!!!!! وتحول الثوار الى مجموعة من المرتزقة التابعين للناتو !!!!! كنت أتمنى ان يكون ثوار ليبيا المُفترضين تعلموا من درس تعامل الولايات المتحدة الامريكية مع ابن لادن ...لا شماتة ولا أهانه وإغلاق سريع للملف وهذا أقل ما كان من الممكن أن يفعله المجلس الانتقالي الليبي بدلا" من أخذ الصور مع جثة القذافي بطريقة تٌذكرنا بفضيحة سجن أبو غريب !!!!!!! .
وليس بعيدا" عن ليبيا هتف الشعب السوري في ثورته الجامحة ضد نظام بشـــار الأسد قائلين :يا سوريا لا تخافي بشار بعد القذافي وأرجو أن لا تكون نهاية القذافي هي أساس هذا الهتاف فنهاية القذافي حولته إلى بطل ونرجو أن يتعِض شعبنا السوري مما حدث بشكل صحيح وأرجو كذلك بأن يتَعِض النظام السوري ورئيسه بشـــار مما حدث ويعمل لإيجاد حل ..يٌرضي الشعب بالتنازل عن السلطة بسوريا .
ثوار سوريا الذين تفاءلوا بسقوط نظام القذافي ... يصفهم النظام السوري بــ(العصابات المسلحة)ولكن في حقيقة الأمر..إن تحليل الشعارات الثورية وأسلوب التعبير عن الثورة يشير إلى أنهم يمتلكوا وعي مميز ...لاحظوا معي مثلا" اسم الجمعة الفائتة (جمعة المهلة العربية ).... والوعي ليس غريبا" عن الشعب السوري فهو سمة من سمات الشعب السوري بالإضافة إلى الثقافة بالطبــــع ...إن هذا الشعب الواعي والمثقف قدم لنا وما زال يقدم لنا كل يوم نماذج من البطولات وأخرها كان نموذج لسوري عربي قادم من الجولان المحتل ...فهذا المناضل العربي السوري الدرزي البطل (وئام عمـــاشة) أٌطلق سراحه منذ أيام في الصفقة التي أبرمتها حماس مع الاحتلال واستغربت يومها عدم تغطية وسائل الاعلام الرسمية السورية للحدث ...حيث أن النظام ركز على استقبال أسرة مٌبعدين وتجاوز الإشارة لاطلاق سراح أسير محرر سوري من الجولان !!!!!! فما الذي جعل النظام وأتباعه يغيبوا عن هذا الحدث وبل يتجاهلوه تماما" ...
تبين لي لاحقا" بان (وئام عماشة ) مؤيد للثورة السورية ضد النظام السوري وبل أنه ومن أسَرِه لدى الاحتلال الإسرائيلي قام بالتضامن مع الثورة السورية بالإضراب عن الطعام دعمـــا للثوار ...فمن سجن (جلبوع) أعلن المُناضل السوري المعتقل لدى الاحتلال بأنه يُضرِب عن الطعام دعما" لثورة شعبه ضد النظــــام السوري ولقد ظهر لاحقا" لذلك بأن موقف (وئـــام )هو موقف شعبي في الجولان حيث غاب النظام ومؤيديه عن أي مظهر من مظاهر الاحتفال بإطلاق سراح (عماشة ) وغابت صور (الرئيس بشـــار ) وبل أن الهتافات كانت مُتضامِنة مع الشعب السوري البطل حيث يبدو بأن التخلص من قمع النظام وإجرام الشبيحة هنــــاك أصبح ذا أولوية تتجاوز حتى التخلص من الاحتلال الإسرائيلي ... وأوضح أحد أبناء سوريا بان الشعب السوري بالجولان يعاني من احتلال إسرائيلي والشعب السوري كله يعاني من احتلال وقمع النظــــام ...وبل أن جرائم النظام فاقت كل جرائم الاحتلال الإسرائيلي .
كيف تم إطلاق سراح (وئـــام ) ...كيف أحرجت حماس النظام السوري ...كيف سمحت المخابرات السورية لحماس بان يكون (عماشة) ضمن الصفقة !!!!كلها أسئلة مشروعه ولكن أخر ما كان يحتاج له النظام السوري هو ..مناضل سوري وأسير محرر ومٌعارض للنظـــــــــام ....أما ردة فعل النظام مع إطلاق سراح (وئـــام ) وتجاهل الخبر فهو تعبير عن سياسة النظام الإعلامية وكما انه مؤشر لضعف النظام وتعبير عن جهـــل النظام السوري وعن سياسته بالتعامل مع معارضيه ... ...هذا التجاهل وهذا الأسلوب بالتعامل مع معارضي النظام تعبير عن مأزق قديم للنظام فهذا النظام بعيد عن الديمقراطية وبعيد عن فهم معنى المواطنة وحق الانتقـــاد.... ولو كان النظام السوري يمتلك مساحه حقيقية من الديمقراطية لما كان هذا هو حال النظام بالتعامل الأمني فقط مع معارضيه .
كنت أتمنى أن يكون قادم الأيام أفضل لسوريا وأرجو أن يكون الجميع تعلم من درس ليبيا ....
على كلا" حماس أحرَجت النظام السوري ووجهت له صفعه قد تكون غير مقصـــودة .... ولا ادري كيف سيتعامل النظام السوري مع هذه الصفعة فالنظــــام لا يمتلك في هذه الأيام أي حكمة وللأسف ... إن أخر ما كان يحتاجه النظام في سوريا هو ...بطل عربي سوري درزي ٌمعارض ...نتمنى التوفيق لوئام عماشة وألف الحمد الله على السلامة .
وأخيرا"...
كان من الممكن أن تكون الديمقراطية هي الحـــــل في سوريا ...وكان من الممكن لقذافي الذي منح شعبه الكثير من المزايا المتعلقة بحياتهم أن يمنحهم بعضا" من الحرية والديمقراطية ولكن !!!!
التعليقات (0)