أختي المصونة الفاضلة
يا من صدمتي في شريك حياتك
معاذ الله أن نتبوأ مكانة ندافع فيها عمن يتجرأ على معصية الله!! أو نبرر فيها منكراً يغضب الله . . فالحق أحق أن يتبع . . والمعصية تنحط بقدر صاحبها . . والطاعة ترفع شأن فاعلها . .
ولكن . . دعينا أختي الكريمة نمد لك يداً حانية . . لعلها تسهم في وقف نزيف هذا الجرح الغائر في نفسك . . والذي والله نستشعره بقسوته ومرارته تماماً كما تستشعرينه!!
دعينا نسموا فوق الأحداث قليلاً . . كي نستلهم من الله رحمة يهدي بها قلوبنا . . ونستعين بها على توسيع رقعة رؤيتنا لهذا الحدث المؤلم بما فيه من أبعاد . . فنتخذ قرارنا على ضوء من هُدى الله ونوره؛ لنسعد في حياتنا . .
ولكن تذكري قبل كل شيء أنه ما وقع بلاء إلا بذنب . . وما من شيء يتعرض له المؤمن في حياته إلى كان محواً لذنوبه . . أو رفعاً لدرجته . . فلا تجعلي الدار الآخرة خارج حساباتك . . فليس لك إلا الله في هذه الحياة أو بعدها . .
والآن دعينا نحصر سوياً مفردات الأحداث . . واجتهدي وسعك أن تستعلي على جراحك ولو بالقدر اليسير؛ حتى تغلبي صوت العقل على صوت العاطفة؛ فتتضح أمامك الرؤيا بجلاء . .
فمقترف هذا الجرم . . كان بمثابة (شريك حياة) . . كنت تأملين منه حفظ العشرة وحسن العاقبة . . ولكنه ترك نفسه فريسة سهلة للشيطان . . فاستدرجه حتى أوقعه في هذا الخزي والعار !!
وأسباب هذا الوقوع كثيرة . . منها ما هو بلاء عام من أخطرها :
سعار الفضائيات وتنافسها على إطلاق الشهوات وإشاعة الفواحش؛ لهدم المبادئ والسخرية من معاني العفة والطهارة بين الناس، وهذا والله بلاء عظيم قد عمَّ معظم بيوت المسلمين!!
الاختلاط الحاصل في معظم أماكن العمل!! والتنافس الحاد بين النساء في إظهار محاسنهن أما العاملين معهن من الرجال!! مما حوَّل تلك البيئات إلى ساحات شيطانية يمرح فيها الشيطان ويفرح بإسقاط المزيد والمزيد من ضحاياه كل يوم وساعة!!
ومنها ما قد يكون الشيطان قد استدرجه من خلالها لإيقاعه في تلك الموبقات، كالمواقع الإباحية والشات وغيرها من الفخاخ المنتشرة في هذا الزمان.
وكما تعلميين أختي الفاضلة أن الإيمان يزيد وينقص . . يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . . ولكن تزداد الحسرة حينما نجد في عصرنا الحاضر أن أسباب المعاصي متاحة بكثيرة عن أسباب الطاعة وللأسف الشديد!! وهذا أكثر ما يوقع الناس في المعاصي . .
والآن دعينا نصدر حكماً غيابياً على من كان شريكاً لحياتك . . وحتى يكون حكمنا في محله، لابد أن نسأل أنفسنا سؤال هام، وأنت الوحيدة التي تستطيعين الإجابة عليه بصدق وإنصاف، وهو :
هل هو إنسان ضعيف جرت عليه تلك المؤثرات فلم يصمد أمامها بسبب ضعف إيمانه؟
أم هو إنسان فاجر بطبعه ولا يحتاج لتلك المؤثرات ابتداءً حتى يقع فيها، وبالتالي فلا يستحق المعاشرة؟!
ونذكرك مكرراً أن تكوني منصفة في حكمك، وإجابتك على هذا الإجابة بمنتهى المصداقية، فإن كان زوجك من الصنف الأول، فحسن العشرة من جانبك والذي ابتغيت به وجه الله يوم الفزع الأكبر، يقتضي عليك أن تأخذي بيديه ليس ابتغاء ثواب الله في العفو حسب، وإنما ابتغاء لثواب الله في الحفاظ على أبنائك الذين هم قرة عينك، فأنت كنت شريكة معه في هذه الحياة، فإن سقط شريكك في سفينة هذه الحياة فبيدك أن تمسكي أنت بالشراع ولا تهدمي بنيان السفينة على فلذات أكبادك (أصحاب تلك الضحكات البريئة) التي طالما أدخلت السرور والسعادة على قلبك . .
كما أننا على يقين من أنك كأم حنونة لأبنائك سوف يمنعك حبك لهم من أن تجعلينهم أول من يجنون حصاد هذا الشر الذي أراد به أعداء الأمة هدم الأسر المسلمة من خلال نشر الفواحش والاختلاط، التي كان زوجك وللأسف واحداً ممكن سقطوا في براثنها !!
وها أنت الآن تعتلين بسقطته هذه تلك المنزلة التي بوأك الله إياها من الطهارة والعفة وحفظ العشرة في أعين الناس؛ لتكوني قائدة المسيرة بسفينة هذه الأسرة نحو النجاة وبر الأمان . .
أتعلمين بماذا بوأك الله هذه المكانة؟
بما كان منك من رغبة في عفو الله ورحمته، فتجاوزتي له عن هذه السقطة الكبيرة إيثاراً منك لمستقبل أبناءك . . ورجاء من الله تكون سبباً في توبة صادقة منه، يمنحك الله ثوابها جنة عرضها كعرض السماء والأرض.
والآن . . أنت وحدك من تقرر . .
هل بالفعل تحبين أبنائك ولديك استعداد الأم الحنون للتضحية من أجلهم ومن أجل مستقبلهم؟
هل ترغبين بالفعل في عفو الله عنك، كما رغب أبو بكر الصديق رضي الله عمه، حينما عفا عمن ظلم ابنته وقذفها ظلماً، بل وعاود التصدق عليه؛ حينما رغبه الله في ذلك؟!
هل تحبين أن تكون عاقبة هذه الفتنة توبة صادقة لزوجك، وصوناً لأسرتك ونفسك، ومستقبلاً مشرقاً بإذن الله لأبنائك؟
أم تختارينها دماراً لأسرتك، وتفريقاً لشملك وشمل أبنائك وضياعاً لمستقبلهم وعناء لنفسك؟
نحن على ثقة من أن قلبك الكبير كأم حنون سوف يؤثر ما فيه صلاح الأبناء عن مجرد الإحساس بنشوة مؤقتة للانتصار، سوف يتلاشى أثرها سريعاً حينما تثأرين لنفسك بطلب الطلاق فتلومين نفسك حينما ترين نظرات الحيرة والضياع في عيون أبنائك في زمن ليس بالبعيد.
فاستعيني بالله واصبري . . واجعلي من هذه السقطة عبرة له، فرب معصية أدخلت صاحبها الجنة من شدة ما ولدته في نفسه من الحزن والندم، فكانت سبباً في توبة صادقة أدخله الله بها الجنة، ورب طاعة أدخلت صاحبها النار؛ من شدة ما ولدته في نفسه من الغرور والخيلاء، فدخل النار!!
فكوني رحمة على نفسك وأسرتك وأبنائك، ولعل الله أن يصلح شأنه بموقفك هذا فتكونين قد فزت بسعادة الدارين معاً بإذن الله تعالى.
استعيذي بالله من الشيطان الرجيم واعقدي النية في نفسك على أن تفتحي أمامه باب التوبة من جديد والتي نحن جميعاً بحاجة إليها صباح مساء على ما تقترفه أيدينا من تفريط في جنب الله، وقولي يارب قصدت وجهك فلا تخذلني بهداية زوجي وصلاح أبنائي وسعادة أسرتي، وسوف تجدين دوماً صدى دعائك يتردد بين دفتي كتابه العزيز سبحانه :
" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"
أصلح الله أمرك . . ولم شملك . . وأسعدك بأبنائك وأسرتك في الدنيا والآخرة
التعليقات (0)