مواضيع اليوم

أخبار سيئة تنتظر بترول السعودية: أيهما نصدق تركي الفيصل أم علي النعيمي؟

غازي أبوكشك

2013-05-29 15:26:03

0

 

أخبار سيئة تنتظر بترول السعودية: أيهما نصدق تركي الفيصل أم علي النعيمي؟

  • أخبار سيئة تنتظر بترول السعودية: أيهما نصدق تركي الفيصل أم علي النعيمي؟
 

 

الطفرة النفطية الأمريكية القادمة تعدَ بمثابة أنباء سيئة بالنسبة للمملكة العربية السعودية. وكيفية تعامل المملكة مع هذا الأمر يمكن أن تحدد بشكل جيد ما إذا كان بمقدورها أن تقاوم.
 
الاتجاهات الحالية في سوق الطاقة العالمية لا تبدو جيدة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، حيث توقعت، ابتداء، وكالة الطاقة الدولية في نوفمبر 2012 أن الولايات المتحدة سوف تتجاوز دول الخليج كأكبر منتج للطاقة في العالم بحلول العام 2020. ثم كشفت التقارير، في الأسبوع الماضي، أن أمريكا الشمالية، مدعومة بالتطور السريع في صناعة النفط غير التقليدي، من المقرر أن تهيمن على إنتاج النفط العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
 
هذه التطورات غير المتوقعة لا تمثل ضربة لبحبوحة المملكة العربية السعودية، وفقط، ولكن أيضا تهديدا محتملا لرفاهية اقتصاد البلاد على المدى الطويل، وخاصة في عصر الربيع العربي، حيث ارتفع الإنفاق الحكومي على الفرد الواحد.
 
ولكن إذا كان مستقبل المملكة قاتما بلا ريب، فإن رد الفعل الرسمي بدا مضطربا ومشوشا. في غضون خمسة أيام فقط في الشهر الماضي، عرض اثنان من كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية روايتين مختلفتين تماما عن خطة إنتاج النفط في بلادهم.
 
في خطابه يوم 25 أبريل في جامعة هارفارد، أعلن الأمير تركي الفيصل، وهو رئيس سابق لجهاز المخابرات في السعودية والرئيس الحالي لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن المملكة بصدد زيادة إجمالي إنتاجها من 12.5 مليون برميل يوميا إلى 15 مليون برميل يوميا اليوم بحلول عام 2020، وهي كمية يمكنها بسهولة أن تعزز موقعها مرة أخرى كأكبر منتج للنفط في العالم.
 
ولكن بعد خمسة أيام، في كلمة ألقاها في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في العاصمة واشنطن، نقل وزير المملكة العربية السعودية للبترول والثروة المعدنية، المهندس علي النعيمي، رسالة مختلفة تماما، رافضا ما أعلنه الأمير تركي الفيصل، وأوضح قائلا: "إننا لا نرى أي شيء من هذا القبيل، حتى بحلول عام 2030 أو 2040"، وأضاف: "نحن حقا لا نحتاج إلى التفكير أصلا في 15 مليون برميل".
 
فما العمل مع هذا الفارق الصارخ: 2.5 مليون برميل يوميا؟
 
في الواقع، 2.5 مليون برميل يوميا تعادل تقريبا كامل الطاقة الإنتاجية لمنتجين رئيسيين للنفط مثل المكسيك، الكويت، العراق، فنزويلا، ونيجيريا. وسواء تخطط المملكة العربية السعودية لزيادة إنتاجها أم لا، فإن هذا له صلة بكل بيت تقريبا على هذا الكوكب.
 
قد نميل إلى استبعاد مبالغات الأمير تركي على أساس الجهل بالتقنية ونحتكم إلى ما أعلنه الرجل المسؤول عن صناعة النفط في البلاد. وهذه هي الطريقة المثلى لقراءة التناقض الرسمي، ولكن في المملكة العربية السعودية، فإن كمية إنتاج النفط هي أولا وقبل كل شيء قرار سياسي.
 
على عكس النعيمي، المهندس البترولي الذي صعد سلم شركة أرامكو السعودية، فإن وجهات نظر الأمير تركي وهو عضو في العائلة المالكة، ذات أهمية عندما يتعلق الأمر بالسياسة. والخلاف بين الاثنين يلخص القرارات الإستراتيجية الكبرى التي ستتخذها المملكة العربية السعودية في السنوات المقبلة: ما إذا كانت ستحفر الآبار النفطية بشكل أكثر أم أقل.
 
مع عدم وجود إيرادات من ضريبة الدخل الشخصي إلى جانب 40 في المائة من سكانها (28 مليون) تقل أعمارهم عن 15 سنة، ناهيك عن أن معظم السكان الذكور يعملون في القطاع العام المتضخم، فإن المملكة العربية السعودية تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط لتوفير الخدمات الاجتماعية لشعبها، من المهد إلى اللحد.
 
وقد أصبحت المسؤولية المالية أثقل منذ أجبر الربيع العربي النظام على مواجهة تنامي الاستياء العام بالهدايا والإعانات أكثر من أي وقت مضى.
 
وما يجعل الأمور أسوأ، أن المملكة العربية السعودية هي سادس أكبر دولة في العالم مستهلكة للنفط، حيث تستهلك كميات كبيرة من النفط الخام أكثر من الدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية، وكندا. ومع استهلاك الكثير من احتياجاتها من النفط محليا، فإنه ليس لدى المملكة سوى 7 مليون برميل يوميا للتصدير، وهذا رغم ارتفاع النفقات الحكومية.
 
كل هذا للقول إنه من أجل ضمان المملكة العربية السعودية لفعالية اقتصادها، يجب التأكد من أن سعر التعادل (أو السعر التوازني للبرميل) يغطي الاحتياجات المالية للبلاد. سعر التعادل هذا (أو "السعر المعقول") قد ارتفع بشكل حاد في السنوات الأخيرة" "في عام 1997، كنت أظن أن 20 دولارا كان معقولا. وفي العام 2006، كنت أظن أن 27 دولارا كان معقولا"، كما أوضح الوزير النعيمي في مارس الماضي، وأضاف: "الآن، هو حوالي 100 دولار ... وأنا أقول مرة أخرى إنه معقول".
 
وفقا للشركة العربية للاستثمارات البترولية، فإن سعر التعادل حاليا هو 94 دولار للبرميل، أي أقل من السعر الفوري الحالي لخام برنت. (إيران تحتاج لأن يكون سعر النفط عند 125 دولار للبرميل الواحد لإحداث التوازن، وهو ما يفسر العداء بين إيران والمملكة العربية السعودية داخل منظمة أوبك).
 
ولكن مع غياب الإصلاحات السياسية العميقة التي توجد مصادر جديدة للدخل، فإن سعر التعادل سينمو بالتأكيد.
 
ووفقا شركة جدوى للاستثمار، وهي واحدة من أهم مصادر المعرفة العالمية باقتصاد المملكة العربية السعودية، فإنه بحلول عام 2020 سوف يصل سعر التعادل 118 دولارا للبرميل.
 
عند هذه النقطة، لا شك في أن الاحتياطيات النقدية لوكالة النقد السعودية ستبدأ في الاستنزاف بسرعة وسعر التعادل سوف يرتفع إلى 175 دولارا للبرميل بحلول عام 2025 وإلى أكثر من 300 دولار بحلول عام 2030. وهذه التخفيضات هي قلب المعضلة: من أجل موازنة ميزانيتها في المستقبل، سوف تحتاج المملكة العربية السعودية إما حفر أكثر للآبار النفطية وبيعه بأسعار منخفضة أو الحفر أقل وبيعه بسعر أعلى.
 
هذا هو جوهر النقاش بين تركي والنعيمي. كلا المسؤولين مدرك للأهمية الحاسمة لعائدات النفط لبقاء آل سعود، لكنهما يختلفان حول أفضل السبل للتوصل إلى المال. تركي يعتقد أن المملكة العربية السعودية يجب أن تزيد من طاقتها الإنتاجية تزامنا مع نمو الاقتصاد العالمي.
 
لكن النعيمي، الشخص المكلف بتحقيق هذا الهدف، يفضل أن تبقى القدرات كما هي، وإذا لزم الأمر، قد تنخفض. وإذا كان التاريخ هو دليلنا، فإن طريقة النعيمي هي الغالبة.
 
منذ عام 1980، ومع نمو الاقتصاد العالمي، ارتفعت أسعار النفط أكثر من أربعة أضعاف من حيث القيمة الحقيقية. ورغم ذلك، فإن المملكة العربية السعودية، التي ترقد فوق خمس احتياطيات العالم، بالكاد زادت من طاقتها الإنتاجية.
 
أما التفسير الآخر المحتمل لإحجام النعيمي عن زيادة القدرات، هو أنه يعرف ما يُنسب للجيولوجي السعودي "سداد الحسيني"، الرئيس السابق للتنقيب في شركة أرامكو، قوله للقنصل الأمريكي العام في الرياض في العام 2007، فاستنادا لبرقية مسربة نشرها موقع ويكيليكس، فقد كشف الحسيني أن المملكة العربية السعودية قد بالغت في استغلال احتياطياتها النفطية بنسبة تصل إلى 40 في المائة (وأن السعودية قد وصلت لأقصى إنتاج لها في 2006)، وهذا يعني أن الإنتاج عند المستويات الحالية غير قابل للاستمرار.
 
وإذا كان ادعاء "الحسيني" صحيحا، فهذا يعني أن هناك طريقة واحدة فقط أمام المملكة لتغطية لنفقاتها: الحفاظ على ارتفاع الأسعار عن طريق المماطلة في تطوير قدرات جديدة في الوقت الذي تعمل فيه على ضبط إنتاج النفط لتعويض أي نمو في الطلب الناجم عن الطفرة النفطية الأمريكية.
 
وهذا يعني أيضا، خلافا للاعتقاد السائد، أن الارتفاع الحالي في الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة لن يكون له تأثير يذكر في أسعار النفط الخام العالمية، وبالتالي في الثمن الذي ندفعه مقابل البنزين في محطات التعبئة. النفط هو سلعة قابلة للاستبدال ويتم تحديد أسعاره في السوق العالمية. وإذا كانت الولايات المتحدة ستحفر آبارا بترولية كثيرة، فإن السعودية، ببساطة، ستحفر أقل، محافظة على علاقة ضيقة بين العرض والطلب وأسعار مرتفعة...





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !