سيدي العام الجديد أعطنا ثورة خضراء
نعم حضرة العام الجديد ! أعطنا ثورة ديمقراطية تخرجنا من هذا الهوان. ولتكن "شطابة" تشطب كل هذا الفساد ولتكن أنشودة فى أفواه كل البنات, وقيثارة في أيادي كل الفتيان... أنشودة تصدح بأحلامنا, وحقنا في ثقافتنا, وحقنا فى العدل, وحقنا فى التنمية, وحقنا فى الخبر, وحقنا فى تاريخنا. نعم سيدي العام الجديد فكل هذه الحقوق مصادرة, كل هذه الحقوق ملكية محتكرة لأهل السلطة. كل هذه الحقوق مختوم عليها بالشمع الأحمر, فى صناديق أهل الحل والعقد وإن كانوا يعقدون ولا يحلون ...
ألهم حضرة العام الجديد حكامنا بعض حكمة, فنحن لا نريد مواجهة, لا نريد تنكيلا ولا قمعا, لانريد سلاحا, لا نريد نجيعا متدفقا, لانريد قنابل مسيلة للدماء, ولا مشانق مسيلة للأرواح. كلا سيدى العام الجديد, فنحن شعب مسالم كريم, نحب السلام وأغصان السلام. ونهيم غراما بالحمام.. لكننا مسنا ضر هذا الفساد. هذا الوباء الذي يجرفنا حضارة ووجودا, ويجعل منا أعوادا نخرة تحت حوافر خيول المغول..تلك المتربصة بنا ..
وكنا تعبنا سيدى العام الجديد من فقرنا, تعبنا من السوط سكرانا مترنحا راقصا فوق ظهورنا, تعبنا من هذا السطو على أرزاقنا وعلى مستقبل أطفالنا, تعبنا من رؤية عرق جبيننا متناترا فى خزائن حاكمنا, تعبنا من أكفاننا فوق رؤوسنا كلما طالبنا بحق. وأكتر من هذا تعبنا أن نرى أضلاعنا كما أضلاع آبائنا منقوشة بمحاريث الأشواك فى مآقينا ..تعبنا من حكم يحكمنا باسم الأصنام البائدة والأسفار المصفرة...وفى كلمة, تعبنا من الخوف فى مملكة الخوف ومملكة الأبواب الموصدة ...
نعم سيدى العام الجديد. تعبنا من أسئلة أطفالنا عن مستقبلهم فلا نعرف كيف نجيب ونحن لا نرى إلا لجج المحيط وأجسادهم الغضة بين أنياب القرش. تعبنا من أسئلة بناتنا عن مستقبلهن..! ونحن نخاف عليهن مرتعشين من الرصيف, وقذارة الرصيف, وكيف لا والرصيف يغزو مدننا يغزو قرانا ؟ حتى لكأننا بمدننا لم تعد إلا الرصيف يرغب أن يلتهم بوقاحة الرصيف كل البيوت والشوارع والمدارس والمكتبات والصحف والحرف والكلمة.
نعم أعطنا ثورة سلمية خضراء تجعلنا نطوى صفحات هذا الخزي. فنحن شعب يعشق الحياة ولا يصلي للآخرة إلا لأنها امتداد للحياة. لذلك فنحن لا نريد لأم واحدة أن تفقد وحيدها احتراقا ببنزين الغيض, أو سقوطا برصاصة طائشة أو مصوبة . كلا لا نريد لفتاة واحدة أن تهان دوسا وركلا فى الساحة العامة تحت أقدام الأجلاف من اشماكرية السلطة.. كلا إن جسد امرأة, أية امرأة هو جسد الأمة, كل الأمة ..
نعم حضرة العام الجديد إننا شعب متسامح كريم, وقد نصبر على الضيم دهرا.. ولكننا عندما ننتفض فإننا لا نعود لديارنا أو خيامنا أو أكواخنا إلا إذا انتزعنا حقنا.. ! نعم حضرة العام الجديد إننا نحترم حاكمنا, ولكن عندما لا يحترمنا حاكمنا, عندما يحتقرنا حاكمنا, ساعتها فإننا نعلن حقنا المقدس فى التمرد المقدس, فالتمرد المحرر الساخط ذاك وحده المقدس بلا منازع ...
تأمل معى حضرة العام الجديد هذه الهياكل المتسلطة, تأملها فى شرهها اللامحدود, إنها تبتلع الشجر والحجر والبشر متربعة فوق كل هذا.. وتحت كل هذا جماجم الشهداء وأشلاء الإنحطاط.. إنها تنتشي شبقا.. فذلك لا يعنى إلا شيئا واحدا : إنها المصطفاة, وأن هذا النعيم على امتداد خارطة الوطن, وفى خزائن خارج الوطن ليس لأنها المباركة من الله وملائكته ورسله !!!
لكن بالله عليك حضرة العام الجديد. متى كان الله جل جلاله وهو الحق سبحانه..! يعطى هنا حتى التخمة والبطر.. ويمنع هناك حد الإملاق والجوع والقهر؟؟!!!
تأمل معى كل هذا الفقر المكوم, تأمل معى أمة نصفها يتخبط تحت عتبة الفقر, و تلاتة أرباعها فوق عتبة الأمية وحكامها يرفلون ضحكا وتبجحا وزهوا بامتلاكهم البر والبحر أرضا... وشبه شريعة قيل شريعة الله سماء..؟ فكيف لا نخرج زرافات وأمواجا للشوارع تنديدا بهذا المسخ الذى لا يحلو له إلا مسخنا حتى تموت فى أرواحنا أدنى ذرة من عزة ؟ ..
أعطنا سيدى العام الجديد عهدا آخر نوقع فيه عقد المصالحة مع ذواتنا وهوياتنا .. فقد أصبحنا نخجل من انتمائنا لبلادنا.. وهذا الطلاق المدوي مزق فينا كل تقة بأنفسنا , وفتح كل الأبواب لأقبح الأنانيات , وأقبح الإنبطاحات وأقبح الخيانات ...!
أعطنا سيدى العام الجديد الحق فى ثورة ربيعية تزهر فى راحاتنا رياحا ورياحينا.. ولتكن حضرة العام الجديد شامخا فى الإعتراف لنا بهذا الحق .. شموخ الكرامة مجللة بأهداب الإنتفاضة .. فى صدر امرأة أمازيغية عربية مغربية...
التعليقات (0)