مواضيع اليوم

أحداث العيون في الميزان.

محمد مغوتي

2010-11-26 00:32:37

0

              أحداث العيون في ميزان الربح و الخسارة.
    لا يختلف اثنان في كون الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة العيون (في ما بات يصطلح عليه في المغرب ب " الإثنين الأسود ") قد شكلت مرحلة جديدة في ملف الصحراء المغربية. لذلك فإن الحاجة ضرورية لتقييم تداعيات تلك الأحداث على ضوء تدبير الدولة للأزمة و التعامل معها.
    إن فهما دقيقا لنتائج أحداث العيون و تبعاتها أمر بالغ الصعوبة في هذه المرحلة، وذلك بالنظر إلى غياب صورة واضحة تتعلق بمختلف تفاصيل الأزمة و أسلوب التعاطي معها منذ بدايتها إلى نهايتها. لكن كثيرا من التداعيات المرتبطة بالموضوع، تقدم لنا مؤشرات محددة يمكن على ضوئها تقييم الحصاد المغربي في ميزان الربح و الخسارة. و لذلك يمكن الفصل في هذا السياق بين مستويين: الأول سياسي، والثاني إعلامي. و بالرغم من أن هذا الفصل قد يبدو تعسفيا استنادا إلى التعالق الذي يفرضه مفهوم الدولة بين هذين المستويين، فإن الوقائع تحتم هذا التمييز. فقد حقق المغرب مكاسب سياسية مهمة على الواجهة الدولية حينما نجح في إخماد بركان الفتنة في مهده دون تسجيل ضحايا و خسائر في أرواح المدنيين. و هذا هو المهم، لأن الذين خططوا لأحداث العيون كانوا يراهنون على الإنفلات الأمني الذي من شأنه أن يحول المنطقة إلى معركة بين قوات الأمن و المحتجين، تنتهي بحمام دم يضع المغرب في وضع حرج أمام الرأي العام الداخلي و الخارجي و صانعي القرار في السياسة الدولية. لكن أسلوب التعاطي الأمني مع الأحداث فوت على هؤلاء هذه الفرصة. فقد تعاملت الدولة المغربية بحكمة وتبصر و هدوء مع الوضع. و نجحت بذلك في إفشال رهان الإنفصاليين و من يدعمهم على توريط المغرب حقوقيا. و قد بدا هذا النجاح جليا في موقف منظمة " هيومن رايتس ووتش" التي تبنت الرواية المغربية الرسمية عن أحداث العيون، كما تجلى أيضا في القرار الصادر عن الأمم المتحدة حينما رفض مجلس الأمن فتح تحقيق دولي حول أحداث العيون، وفي ذلك تجاهل تام لادعاءات جبهة البوليساريو و من يقف خلفها. و هذا يعني أن المنتظم الأممي لا يحمل المغرب مسؤولية ما وقع.
     هذا النجاح السياسي الواضح لم يتبلور إعلاميا، حيث وجد المغرب نفسه في موقف دفاعي أمام الهجمة الإعلامية الشرسة التي شاركت فيها الصحافة الإسبانية بقوة. و هكذا تحولت أحداث العيون إلى حرب دعائية استعملت فيها الأطراف المعادية للوحدة الترابية للمغرب كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للإساءة لسمعة هذا البلد. و لا يمكن أن نغفل في هذا السياق دور الإعلام في توجيه الرأي العام و التأثير في قناعاته. لذلك ندرك جميعا خطورة تلك الصور المفبركة التي نشرتها منابر صحفية إسبانية، لأن ربطها مباشرة بالأحداث المذكورة لابد أن يكون له وقع خاص على المتلقي. و إذا كانت وسائل الإعلام المغربية قد أفردت حيزا كبيرا لتكذيب تلك الإدعاءات و تصحيح الصورة المغلوطة التي نتجت عنها، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: أي تأثير لرد الفعل الإعلامي المغربي على تلك الدعايات الكاذبة؟. مشروعية السؤال ترتبط بطبيعة المخاطب الذي يتوجه إليه الإعلام في الحالتين. بمعنى أن كل الجهد الذي بذلته وسائل الإعلام المغربية سيظل أثره محدودا لأنه يتوجه إلى جمهور داخلي. أما الصور التي نشرها الإعلام الإسباني فهي موجهة لجمهور من نوع آخر. و هو الذي ينبغي أن تتغير لديه الصورة تحديدا من أجل أن تنكشف حقيقة التضليل الذي مورس عليه. لذلك فإن الدرس الأول الذي ينبغي أن تستوعبه الدولة المغربية بعد محنة العيون هو إعادة النظر في المشهد الإعلامي الوطني. إننا في حاجة ماسة إلى إعلام حر و نزيه ذي مصداقية يمتلك القدرة على التأثير في الرأي العام الخارجي من أجل تبليغ صورة حقيقية عن المغرب بإيجابياتها وسلبياتها. أما سياسة المصادرة وخنق المنابر الإعلامية أو إغلاقها، فلا تخدمنا بأي حال من الأحوال، لأن التعتيم الذي يصعب الوصول إلى المعلومة هو الذي يمنح الفرصة للأعداء لقلب الحقائق و تضليل الرأي العام.
    إن المكاسب التي حققها المغرب بعد أزمة الإثنين الأسود في ما يتعلق بقضية الصحراء لا يمكن إنكارها، لكن الوقت مع ذلك يظل مبكرا للوصول إلى تقييم موضوعي وصحيح لكل تداعيات أحداث العيون، ولعل المستقبل كفيل بتوضيح الأمور وإزالة قلق السؤال وهواجسه.
                محمد مغوتي .25/11/2010.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !