مواضيع اليوم

أحداث آيت بوعياش: أين الحقيقة؟.

محمد مغوتي

2012-03-13 00:09:11

0

    بعد تازة وبني ملال يبدو أن كرة الثلج بدأت تكبر شيئا فشيئا، فقد استحوذت بلدة " آيت بوعياش" على نصيب وافر من الإهتمام الشعبي خلال الأيام الأخيرة، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي تعرفها هذه البلدة وما صاحبها من مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن. غير أن فصول الحقيقة وتفاصيلها بخصوص مجريات الأحداث هناك مازالت تكتنفها الضبابية وتغيب عنها الرؤية الصحيحة بسبب الصمت الغريب الذي يواجه به الإعلام العمومي هذه الأحداث من جهة، وكذا بسبب تضارب الروايات وافتقار الصور والأشرطة التي تتداولها كثير من المواقع الإلكترونية للدقة والوضوح.
     من يزعم أن الأوضاع عادية في آيت بوعياش فهو مخطئ حتما، ذلك أن المنطقة تعيش غليانا اجتماعيا مستمرا منذ مدة طويلة، وثقافة الإحتجاج أصبحت هواء للتنفس هناك كما في مختلف البلدات التابعة لإقليم الحسيمة منذ زلزال 2004... لكن تهويل الأمور وتصويرها بمنظارالأزمة أو الكارثة هو أمر خاطئ أيضا. وبين التهوين والتهويل تضيع الحقيقة. إذ تشير التقارير التي تتحدث عن هذه الأحداث أن شرارتها الأولى انطلقت مع اعتقال السلطات الأمنية لشخص تقول إنه موضوع مذكرة توقيف منذ 2004... لكن التقرير الذي أوردته " جمعية الريف لحقوق الإنسان" يشير إلى أن البداية الفعلية لأحداث العنف تمت بعد تدخل قوى الأمن ليلة الأربعاء الماضي لفك اعتصامين أمام مقر الباشوية والمكتب الوطني للكهرباء، وهو ما أسفر عن مواجهات بين عدد من المعتصمين والمتضامنين معهم وقوات الأمن، استخدم خلالها المحتجون الحجارة في مواجهة العصي وخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع التي استعملتها القوات العمومية. ويحصي تقرير الجمعية الحقوقية المذكورة عددا من أمثلة وحالات التعسف والتجاوز التي صدرت عن قوات الأمن في حق المواطنين من ساكنة البلدة...
     هذه الرواية التي أفرجت عنها جهة حقوقية مهتمة لها نصيبها من المصداقية طبعا، ولا يمكن الطعن فيها في غياب وجود ما ينفي هذه التفاصيل. ومع ذلك فإن ماجرى ب " آيت بوعياش" لا يمكن أن يقرأ من زاوية واحدة. وبالنظر إلى الصمت الرسمي عن هذه الأحداث وغياب أي توضيح من وزارة الداخلية أو من الإعلام العمومي حول حقيقة الأوضاع الميدانية هناك، فإن المتتبع لهذه الأحداث يجد نفسه تحت رحمة الصور والمشاهد التي يتداولها الإعلام الإلكتروني. والواقع أن " الفيديوهات" المتوفرة حتى الآن لا تقدم صورة كافية عن مجريات الأمور واقعيا. فنحن نرى صورا لسيارات الشرطة تقف على قارعة الطريق أو تجوب شوارع البلدة وتظهر في إحدى الأشرطة طائرة مروحية تحوم في سماء المنطقة، كما تتضمن بعض المقاطع مشاهد ليلية نسمع فيها أصواتا مختلطة وإشارات إلى احتكاكات بين بعض الشبان وقوات الأمن. لكن هذه المشاهد تعتبر عادية بالنظر إلى ما تتطلبه مثل هذه الأحداث من تواجد للقوات العمومية من أجل حفظ الأمن وحماية الأشخاص والممتلكات. لذلك فإن محتويات هذه الصور إذا تم التسليم بصحتها طبعا لا تقدم الدلائل التي قد ترقى بما يجري في " آيت بوعياش" إلى مستوى الخطر. وإن كان استمرار التوتر هناك يفرض علينا جميعا أن نقلق من المستقبل.
     هذا القلق يرتبط إذن بطبيعة التعاطي الأمني الذي قد يكون مبالغا فيه من وجهة نظر البعض، لكنه يرتبط أيضا بالأسلوب الإحتجاجي الذي انتهجه بعض الأفراد. إذ لا أحد يمتلك الحق في منع الناس من التعبير عن مطالبهم و رفض كل أشكال الظلم والفساد. لكن ثقافة الإحتجاج ليست سلوكا عشوائيا. إنها تقوم على ضوابط وقوانين ينبغي الإلتزام بها. أما أن يعمد البعض إلى قطع الطريق الرئيسية الرابطة بين تازة والحسيمة أو التسبب في إغلاق المحلات التجارية، فإن ذلك أمر لا يقبله منطق سليم، لأن الاحتجاج لا يعني تعطيل الحياة العامة والإنتقام من المواطن المغلوب على أمره، بقدر ما يدل على سلوك مواطن ومسؤول. وككل مغربي حريص على سلامة وأمن كل المغاربة أرجو أن لا تنزلق الأمور إلى ما لا نتمناه جميعا سواء من طرف المحتجين أو من قوات الأمن.
             محمد مغوتي.12/03/2012.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !