العضلةُ التي تقدّم نشرةَ أخبار مرحة تقول:
"... وخاضتِ المرأةُ هذا المعترك مع أخيها الرّجل..." إلى آخر المعزوفة المعدّة سلفا.
"سيدنا الشيخ"، المتسامح إلى درجة أنّه تنازل ـ بطيب خاطر ـ عن جزء من لحيته، ليعلن انْضمامه إلى فريق المدنية الحديثة. يقول: "... فللمرأة دور إلى جانب أخيها الرّجل في المجال الإرشادي والتوجيه و... و..." إلى آخر التسبيحة.
المؤرخ النموذجي، صاحب المقالات المحضرة بعناية، وفق متطلبات الذّوق العام يقول: "وحملت المرأة السلاح مع أخيها الرجل وضحّتْ بنفسها..." إلى آخر النشيد.
المكرفون المدعم ببدلة سوداء، يلتفت يمينا ويسارا ويطلق بسلاسة، ذلك الطقم من الكلمات:"سيداتي آنساتي سادتي" إلى آخر الخطبة...
تخيلوا رجلا متعصّبا لذكورته ومتباهيا بأعضائه، يجلس على كرسي اعتراف، ويدلي بالتصريح التالي:
"إنني أعترف وأنا في كامل قواي العضلية أن هذا المخلوق المسمّى (امرأة) يملك كل المؤهلات والمقدرات التي أملكها، وعليه فإنني أدعو رسميا الجهات المعنية وغير المعنية، إلى رفع القيود عنه فورا، وتسهيل مساعيه البناءة للحصول على امتياز (التشبه بي)، أي (المساواة).
نريد من المرأة أن تذهب إلى العمل كي تشارك في الإنتاج، ونريدها أن تنجب المزيد من الأطفال وترضعهم وتربيهم جيدا، ونريدها في البيت أن تقوم بواجباتها اليومية. (تطبخ، تغسل، تكنس، تمسح، تعصر، تنش... وتغير حفاظات الجميع)
ونريدها أن تمارس الرياضة في أوقات الفراغ، وأن تهتم بمظهرها جيدا...
وقبل أن تذهب إلى الفراش يتعيّن عليها أن تتزيّن وتضع العطر الممتاز، و... تبتسم. هكذا يحصل زوجها على السّرور فيتحمّس وتبدأ الشراكة السريرية؛ مقادير كافية من كيمياء الأنوثة على قليل من فيزياء الذكورة، ثم يتشكل طبق الحب. الحب كما يريده الرجل. أما المرأة فإنها بخير، هذا ما جاء في أحاديث مقدّم نشرة الأخبار ورجل الدين والسياسي المحنك...
المساواة بين الجنسين، تخضع لأداة قياس فرضها الرجل، (باعتبار أن المرآة من ضمن ملحقاته).
إنها مساواة مشوّهة تتبلور داخل إطار السّيادة الذكورية.
الرجل يحقّق المزيد من الخيبات وهو ينتقم من المرأة بأن يدعوها لتبيني خيباته. باسم المساواة الكاذبة.
التاريخ مكتوب بمنظور ذكوري، المدن مشيّدة بحس مناهض لوجود النساء، ونظام العلاقات يفرز فرصا محدودة للأنثى مقابل تنازلها عن سعادتها...
تريدون للمرأة أن تتحرر... !؟ إذن هيا نعالج أنفسنا من تلك الحساسية التي تصبينا كلما حاولنا الإنصات إليها.
بقلم:علي مغازي
التعليقات (0)