أجندة وراء الخبـر !

  إحدى القنوات الإخبارية العربية ـ التي بات صيتها ذائعا بتمرّسها في استقطاب الرأي العام الدّولي، لما تختار عرضه على شاشتها من قضايا، وتسليط الضوء عليها بشدّة تكادُ تفحمها في بعض الأحيان، والتعتيم على بعض الأركان ـ التي تختارها أيضا بعناية ـ من البيت العربي ـ أدرجَت خبرا عاديا عن مُجريات الأحداث الحالية بمصر، بطريقة غير عادية جعلتني أعيد النظر ألف مرّة في مدى مصداقية تلك القناة وشفافيتها !..

الخبرُ العادي هو أن : (بعض القوى الشّبابية المُعارضة في مصر، تدعوا إلى مليونية بميدان التحرير وبمختلف المحافظات المصرية، كما تطالب حكومة عصام شرف بتقديم إستقالتها فورا) !..

أما الطريقة الغير عادية في إدراج الخبر السابق، تظهر جلية في عدم تحديد الجهة المسؤولة فعلا عن إصدار بيان تلك المليونية، أوالمسؤولة عن رفع طلب إستقالة حكومة شرف ؟!.. فالخبر كما هو ظاهر، فضفاض يُجنّب القناة أي مسؤوليات تترتب عن عدم صحّته !.. كما أن القناة إختارت ـ بعناية ـ فئة (الشباب) لأنها الأكثر جُرأة وإندفاعية، ولأنها الفئة التي يغُصّ بها ميدان التحرير ومختلف الميادين والساحات المصرية، وأيضا لأن الشباب معروفون ـ منذ إنطلاقة الإنتفاضات العربية ضد الأنظمة القائمة ـ بتصدّرهم لتلك الحركات الإحتجاجية دون الإنزواء تحت أي إنتماءات حزبية، وهم على أهبة الإستعداد لتقبل ألف بيان كاذب يُنسب إليهم مادام يصب في مسار ثورتهم، كيف لا وهم الذين تعوّدوا على إستقبال الرصاص الحي وقنابل المولوتوف بصدور عارية !..

وبعد لحظات من إذاعة الخبر، تقدّمت حكومة شرف فعلا بإستقالتها للمجلس العسكري .. لتترسخ لديّ قناعة عن قوة الميديا، وقدرتها على تمرير أجندات خفية وخطيرة أحيانا، من خلال أخبار قد تبدو عادية لكنها ليست كذلك !..

أنا سعيدٌ جدا لأنني أعرف اليوم ما كنتُ أجهله في الماضي .

22 . 11 . 2011