مواضيع اليوم

أتركوهم في منافيهم ولكن ساعدوهم !!

فيصل عبدالحسن

2009-02-01 12:29:16

0

  فيصل عبد الحسن

      لفت نظري مقال نشره أحد الكتاب العراقيين حول ضرورة عودة اللاجئين العراقيين إلى بلادهم وإلا فهم غير عراقيين وغير وطنيين!! وغير وغير إلى آخر التسميات التي جاءت في مقاله، معتبرا أن من لا يعود لمقاومة الإرهاب، فهو ناكر لجميل الوطن ولا يستحق المواطنة العراقية !! وهكذا من الأحكام الجاهزة،التي تذكرنا بما كان النظام السابق ينعت فيه المواطنين العراقيين الذين فروا من ظلم عهده الممتد لأكثر من أربعة عقود سوداء ، حيث أستخدم ذلك النظام ذات النعوت المهينة للعراقيين، الذين ما تركوا الوطن إلا بسبب ما عانوه من شظف العيش ،وظلم سياسة السلطة مع مواطنيها ، وحروبها وغزواتها غير المبررة لأقطار الجوار العراقي ، ولي هنا وقفة مع ما قرأته عسى ولعل أن نوضح صورة وضع هذا المغترب العراقي الذي لا يستطيع العودة لوطنه في الفترة الحالية بالرغم من توقه لهذا الوطن العزيز الذي يعيش معه ساعة بساعة ومحبته العميقة لأهل بلده .  

     آخر الاستطلاعات حول أعداد اللاجئين العراقيين في خارج العراق وقد بلغ عددهم بعد عام 2003 يربو على 4.4 مليون لاجئ أما أولئك الذين خرجوا من العراق ولم يعودوا بسبب الحصار منذ عام 1991 أو بسبب معارضة النظام السابق ، وعدم القبول بواقع حروبه الدورية، وعسكرة الحياة،فقد بلغ مليوني لاجئ، وبالطبع أن هؤلاء اللاجئين السابقين لم يعد معظمهم أيضا ، وفضلوا البقاء حيثما هم حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتستقر الحياة وتصير الحياة أكثر إنسانية مما هي عليه الآن !!

    يعيش نحو مليونين منهم في البلدان المجاورة للعراق ومعظمهم في سوريا والأردن، في حين نزح نحو 2،5 مليون داخل البلاد. ويقيم في الأردن ما لا يقل عن نصف مليون عراقي، وتقدر المفوضية العليا للاجئين عدد اللاجئين العراقيين في سوريا بنحو مليون ونصف مليون !!لكن عدد المسجلين لديها يبلغ 200 ألف فقط. كما يقيم في مصر بين 100- 150 ألف لاجئ عراقي وفي الإمارات 100 ألف حسب أرقام شبه رسمية والمغرب بحدود 3000لاجئ ومقيم بالإضافة إلى دول أخرى وبأعداد اقل. ولم تعلن مصر خلافا لسوريا والأردن أي رقم رسمي للاجئين العراقيين على أراضيها وقد سجل 10500 عراقي أنفسهم لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في القاهرة.

   أرقام توجع القلب حقا !! ومن الأمور المضحكة المبكية أن سفارة العراق في الأردن على سبيل المثال لا تصرف مبلغ 900 (تسعمائة دولار) للعائلة العراقية التي تقرر العودة للعراق لتدبير أحوالها كما قررتها الحكومة العراقية بل وضعوا شرطا غريبا هو أن العائلة يجب أن تمضي 8 شهور في الأردن ليصرف لها هذا المبلغ !! والسؤال لماذا 8 شهور وليس مثلا ثلاثة شهور أو شهرين أو حتى شهر واحد ؟!! هناك عائلات عراقية تعاني من غوائل الجوع والبرد القارص والقهر والذل في عمان وفي دمشق والقاهرة وفي كثير من عواصم العالم التي ليست فيها منظمات وجماعات تهتم بشؤون اللاجئين أو مساعدتهم ، فكيف يمكنهم الصبر شهرا أو شهرين أضافيين لإكمال عدة الثمانية شهور المطلوبة!! ليحصلوا على ما يمكنهم للعودة الكريمة إلى بلادهم ؟!! 

    أن الظروف القاهرة التي تحيط باللاجئين العراقيين في دول العالم تجبرهم في أحيان كثيرة على تشغيل أطفالهم والتسول وفي أحيان كثيرة تؤدي ببنات هذه العائلات للأسف لممارسة أعمال لا تليق بالمرأة العراقية كأعمال الخدمة في النوادي والبارات أو السمسرة بشرفهن من قبل قليلي الغيرة والشهامة من الأخوة العرب ولمن يدفع أكثر من رواد هذه الملاهي والبارات !!

     أن الحلول المطروحة على الحكومة العراقية لحل مشاكل العراقيين في خارج البلاد أو داخل العراق، وهي حلول مارستها منذ سنوات بعيدة دول كالأسكا النفطية والتابعة لأمريكا بعد اقتطاعها من كندا وضمها عنوة للولايات المتحدة الأمريكية!! وفنزويلا وليبيا بشكل من الأشكال ، والحلول التي وضعتها هذه الدول كونها دولا نفطية ولديها موارد مالية مهمة ، باحتساب : حصة مالية لكل فرد من أفراد المجتمع من مداخيل البلاد النفطية ،بعد اقتطاع مبالغ خاصة بالدفاع أو الأمن وإدارات الدولة، وبما أن الفساد ينهش في دوائر الصحة والخدمات البلدية كالكهرباء والماء الصالح للشرب ، وغيرها من خدمات ضرورية للمواطن العراقي فبالإمكان تحويل أموال هذه الخدمات ،وحتى لا تنهب من قبل الموظفين الفاسدين في قطاعات الدولة !! إلى حسابات المواطنين مباشرة ليتدبروا أمورهم والصرف من جيوبهم على صحتهم في المشافي الخاصة وشركات الكهرباء الخاصة والتعليم الخاص ، أما أولئك الذين غادروا الوطن فلهم حقوقهم المالية التي تحول لهم أيضا لتغطية مصاريف علاجهم وتعليم أولادهم وما يتبقى من حصصهم المالية لمعيشة الكفاف الكريمة في دول لجوئهم !! أو بمعنى آخر  أتركوا الناس في منافيهم ولكن ساعدوهم ليحيوا  !! حتى يتعافى العراق تماما مما لحق به دمار !!

    أن صناديق الضمان الاجتماعي في البلدان الأوربية كالسويد وهولندا وألمانيا وبريطانيا وباقي الدول في العالم التي تحترم مواطنيها وحياتهم ومستقبل أولادهم حري بنا أن نتعلم منها لوقف عذابات العراقيين في داخل العراق وخارجه !! ونحل مشاكل مواطنينا بعيدا عن المناورات السياسة والاختلافات أو حسابات هذا من حزبي وذاك من عدوي !! ونعتبر بمن سبقونا في هذا المضمار، فالدول تبنى بالعقول النقية المتفتحة التي تستفيد من تجارب غيرها حتى تندمل جروح العراقيين ونتدبر أمرنا ولا يشكك أحد ما في اعز ما يؤمنون به وطنهم وحلم العودة إليه !!

كاتب وصحافي عراقي يقيم في المغرب

faissalhassan@hotmail.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !