على أثير الإذاعة كان سيد الشعر ومولاه قاسم حداد يخوض في تفاصيل تجربته الإنسانية/الكونية.. في حديث صادق/ مُصفى ينبع من ضميره ووجدانه.. مُطّعم بملح دموعه.
كانت لحظات آسرة، تخضع لها الحواس، ولا يقطعها سوى ذبذبات اتصال ابنه الموسيقي الساحر/ محمد حداد، الذي استعرض تاريخاً مرصعاً بلآلئ الحب.. والحب فقط ذلك الذي يجمعه بالـ قاسم/الوالد.
بلكنة محرقية أصيلة، محمد الحداد.. يقول:
" اعتباره لي أن أكون صديق لتجربة مثل هذه، أعتقد بأنه يعطيني ثقة كبيرة أن أخرج للعالم وأدخل تجارب كبيرة وأنا مشحون"
كلمات لها من البعد والمدى.. ما لا يمكن تحديده أو تأطيره. لايتعلق الأمر بسيدي الشعر أو الموسيقى فحسب، بل يتخطاه ليصل إلى ذلك العمق الإنساني الذي يُعرف بالـ : الصلة أو العلاقة.
العالم اليوم، هو تفاحة تنخرها الهواجس/المخاوف/الصعوبات من كل جانب، ولم تبقِ لها لا شكل ولا طعم؛ وأصبح الثبات/الإصرار أمراً شاقاً وعسيراً على المرء أن يتحمله بنفسه.
لصِلاتنا وعلاقاتنا الإنسانية دور كبير في تشكيل هويتنا التي نقف/نخرج/ نواجه بها العالم. بعضها نكون شريكين فيها، وبعضها نلعب دور الشاهد عليها، إلا إنها في الإجمال تمنحنا الشكل الذي نكون به خارجاً. بعض العلاقات –كتلك التي ذهب إليها محمد حداد كمثال- لها من القوة والتأثير أن تدفعنا للأمام، مفعمين بدفقة من الجرأة والأمل، دون خوف أو تردد، ونظهر للخارج بالشكل الذي نستحق أن نكون عليه.
ليست فلسفة ولا تعقيد، الأمر وبكل بساطة هو ذلك التأثير الذي بإمكانه أن يتغلغل بدواخلنا ويجعلنا "مشحونين" بالفعل، يكون مصدره أولئك الذي كنا شركاء أو شاهدين على تجاربهم.
قد تكون صلة أو علاقة أو حتى معرفة، إلا أن حجمها/عمقها بإمكانه أن يرسم ملامحنا، يصيغ أفكارنا ويشكلنا بالصورة النهائية التي تعد موضع ترحيب وحفاوة من قبل عالمنا الخارجي.
كم من المرات التي كنا فيها بموضع/موقف حيرة وتردد، إلا أنه فكرة أن تكون جزء/طرف/شريك/شاهد/قرب من حياة أو تجربة أحدهم، كفيلة بأن تبدد ذلك، من خلال استذكار جمال/عظمة هذه الحياة أو التجربة، واقتباس/استلهام كل ما من شأنه أن يضخنا بالأمل/القوة/ الإنطلاق.
بالطبع، لايعني ذلك بأننا فاقدي/عديمي الشخصية أو الإتزان، أو إننا أطفال/دمى، فإن التقوقع/الإنغلاق على صحراء ذواتنا شيئ؛ والإرتواء بالحياة/التجارب الماطرة شيء آخر.
الموسيقى تجر الموسيقى، فلم يقطع تأملي بكلمات محمد حداد، سوى أنغام صابر الرباعي وهو يشجو بكل شجاعة.. وحب.. "اتحدى العالم كله.. وأنا وياك".
التعليقات (0)