رغم الأجواء العدائية والشحن الإعلامي والتعصب الكروي إلا أن هناك أشخاص يجبرونك على حبهم واحترامهم حتى وإن كانوا سببا في تعاستك الكروية ، لأنهم يملكون من الأخلاق والموهبة وقوة الشخصية مما يجعلك تنجذب نحوهم ، أبو تريكا هو مثال لتلك الشخصية وزد علية مواقفه السياسية والأخلاقية والدينية التي جعلته يحظى بشعبية في مصر والعالم العربي أكبر من أية شعبية يحظي بها لاعب أو نادي في عالمنا العربي والأفريقي ، ولم لا وهو الذي دافع عن الرسول صلّ الله عليه وسلم وقت أن جبنت فيه كل الأقلام والأبواق الإعلامية والرؤساء عن التصدي لحماقة الغرب الذي تطاول فيه علي سيد الخلق ، ولم لا وهو الذي تذكر غزة يوم أن تنساها الجميع ودافع عنها يوم أن خذلها العرب شعوبا وحكاما ، ولم لا وهو الذي رفض الظلم والقتل والاعتقال وأبتعد عن منافقي السلطان وأختار لنفسه طريق الحق مهما كان الثمن .
كل ما فعله محمد أبو تريكا ذلك اللاعب الخلوق الذي قل أن تجد مثله في ملاعبنا يمكنك أن تفعله أو تفعل ما هو أكثر منه ولكن لم يحدث وأن تمرد نجم بقيمة اللاعب علي النظام رافضا أن يرتدى عباءته كزملائه السابقين في الفريق الأحمر مثل شادي محمد و طاهر أبو زيد أو كمدربه في المنتخب حسن شحاتة ، أن تقول لا هو أمر هين عندما تكون وحيدا أما عندما تملك الجماهير والتاريخ وتقول لا فلن يتركك الظالم مهما كانت قوتك .
مقارنة بسيطة بين نجمين امتلاكا الموهبة والأخلاق وحققا البطولات وكلاهما يلعب في أندية لها تاريخ أحدهما فضل الصمت والتعايش مع الظلم – طالما لم يقع عليه شخصيا – ويسير في ركب الطغاة وإن لم يشارك فيه سوى بصمته والأخر رفض الشهرة والمال والمنصب من أجل أن يقول كلمة حق ، دفع ثمنها من مستقبله وماله وسمعته التي حاول النظام مرارا وتكررا تشويهها ، الأول سيعيش في ذاكرة اللعبة فقط كلاعب موهوب حقق من البطولات والانجازات ما عجز عنه غيره أما الأخر سيعيش رمزا للمظلومين ومثالا للقدوة وكيف يستطيع للشخص أن تكون نجوميته وسيلة للدفاع عن الحق وليست وسيلة للركب في سير الطغاة .
يعلم النظام جيدا أن لاعب بقيمة وحجم محمد أبو تريكا لن يسجن ، ليست لشعبيته الداخلية فهي أتفه من أن يعيرها النظام أي انتباه فقد سبق وذبحها في بورسعيد والدفاع الجوي وارتكب ما هو أبشع من ذلك في ميداني رابعة والنهضة ، ولكن ما يحيل بين اللاعب ومقصلة النظام هو سطوة اللعبة عالميا وسيطرتها الإعلامية وجماهيرها العريضة والتي تعتبر أبو تريكا جزءا من هذه اللعبة فهو اللاعب الأبرز والأشهر في ذلك العالم البائس ، واعتقال اللاعب سيوجه أنظار الإعلام الرياضي وأقطابه وجماهيرية إلي الكوارث التي يرتكبها نظام السيسي في حق الشعب .
سببا أخر يجعل من الصعب اعتقال اللاعب وهو أن النظام ينظر إلي أبو تريكا باعتباره كارت يستطيع أن يكسب به أكثر من مرة ولا يريد أن يخسره الآن كما خسر عدة كروت سابقة كمحمد حسان وعمرو خالد وفشل في استخدام كروت أخرى كحسن شحاتة وإن كان الاستخدام مختلف ، اسم محمد أبو تريكا يجذب الجميع إذاً ضعه في جملة مفيدة خلف كل كارثة أو عصيان أو بوادر أزمة ودع الجماهير تصيح كما تشاء وأكمل السير نحو هدف خلف كارتك الرابح وأسحبه مرة أخرى كي تهدأ الجماهير وأحتفظ به لموضع أخر وقضية أخرى .
فالنظام ينظر إلي أبو تريكا كمرتضى منصور وتوفيق عكاشة كلها كروت يخرجها النظام وقت الحاجة كل ٌ حسب استخدامه ، لكن الفارق بينهم أن أمثال عكاشة ومنصور يسهل تعويضهم فهم كثر أما أبو تريكا فهو فريد من نوعه وخسارته خسارة للنظام ومعارضيه ، فالنظام لا ينظر إلى أبو تريكا كخط أحمر بل كارت أحمر يخرجه للشعب متى أراد أ يلهيه .
التعليقات (0)