مواضيع اليوم

أبعاد ظاهرة الحجاب والنقاب :البُعد السياسي

كلكامش العراقي

2009-12-20 10:48:28

0

د.سيد القمني
 
إن تتبع الخيط لفض آليات ظاهرة الحجاب والنقاب يوصلك إلى ما يستتبعها ويترتب عليها، فالآليات هنا لا تقوم كغيرها من الأفكار و المفاهيم على لغة الحوار و الإقناع. الآلية دينية تأمر لتُطاع لا لتناقش و تحاور، فالنقاش و المحاورة عدم طاعة لمن هو أعلم منا بشئون ديننا ودنيانا هو المروق و الفسوق، لذلك لا يحتمل الأمر الديني نقاشاً و إلا كان هو العصيان المرادف للخروج على الجماعة و المروق على الملة.

نصل الآن إلى المفصل الأهم في الظاهرة: في ظرف انكسار تاريخي و هزيمة نفسية لتراجع مصر عن دورها القوي محلياً ودولياً ، تم استثمار تدين الشعب المصري الفطري لترويج الوهابية السعودية وإسلامها النصي الظاهري بحسبانه الإسلام الوحيد الحقيقي، و أن إسلامنا السابق كان انحرافاً عن جادة هذا الصحيح، مضافاً إليه التقريع المشيخي الذي لا يهدأ للناس لانكسارهم الحضاري، لتأثيمهم وتحميلهم أوزار الاستبداد و نكباته. و الشعب المصري شعب حساس أيضاً بطبعه فيشعر بالذنب في حق أمته الإسلامية التي هو المسؤول عنها (لا تعرف لماذا؟)، و في حق ربه ودينه، فحقت عليه الهزائم، ومن ثم فلا حل إلا بالعودة إلى طاعة الرب التمامية التي تمر فقط عبر السراط الوهابي وحده.

ان الظاهرة تعبر بشديد البيان والسفور عن مدى النجاح السعودي في إخضاع الشعب المصري لسلطة تيار ديني وافد على البلاد مع سبعينات القرن الماضي ، بغض النظر عما بدأ يستشري في المجتمع مع هذا الوافد من سلوكيات منحرفة و فساد من كل الأصناف باحصاءات علنية لا تشير إلى تدين حقيقي . والأمر على حاله هذا هو غاية المراد السعودي الوهابي و هو المطلوب بالضبط و بالتدقيق ، وهو الهدف من هدر سبعين مليار دولار. الهدف نشر الفوضى و الدمار الأخلاقي و القيمي تحت ستار زائف من مظهر ديني قشري لا يخفي ما تحته من قبح ، حول الشارع المصري إلى فوضى و عشوائية و وحشية لم يسبق أن عرفها في أسوأ أزمانه . و لا عرفها حتى في زمن الهكسوس . ولبس الفساد الزي الباكستاني ولا تعلم ما علاقة هذا الزي بالقرآن أو بالسنة أو حتى بعرب الجزيرة ، و معه اللحية المروحية غير المشذبة ، و الحجاب و النقاب، و دُمتُم!!

هي حالة إثبات للدنيا عن مدى طاعة الشعب المصري للسيد السعودي الذي تمثله أيديولوجيته المبثوثة في تلفازنا وإذاعتنا ومناهج تعليمنا وفي لافتات تملأ الشارع المصري أينما وليت وجهك. لقد تم اختراق مفاصل الدولة المصرية العريقة ومؤسساتها ونخرها بالسوس الوهابي منذ قرر الرئيس السادات أن يكون الرئيس المؤمن، فأطلقهم علينا فكافؤه بنحره يوم عيد نصره تقرباً لرب الوهابية بكبش عظيم كما جاء في أدبياتهم.

وبعدها تحولوا إلى سادة حقيقين عبر مشايخ بلادنا الذين حولوا ولاءهم لأرباب النعمة لنشر الوهابية في مصر، وأصبح الشيخ صاحب قوة و سلطان وهيبة تفوق هيبة القانون و الدستور والدولة مجتمعين.

فالمواطن يعمل بفتوى الشيخ حتى لو كانت ضد وطنه و دولته و مواطنيه ، إذ توصف الحكومة في هذا السياق بالحكومة الكافرة ، لذلك يخلع المواطن طاعة قانون الدولة لأنه وضعي كافر، وهو ما يقال له في إعلام الدولة المصابة بالحول المنغولي و الكساح العقلي والموت السريري للضمير. أما المواطن فقد اطمأن أنه من أصحاب الجنة مادام مطيعاً للطقوس، وما عدا ذلك فكله من اللمم البسيط ، فغيره من أهل الجحيم و هو وحده حبيب الله فهو من أهل الجنة، ومن ثم يذهب إلى أبعد مدى في كسر كل القيم الأخلاقية مادام مؤدياً لواجبه الديني "وإن زنى و إن سرق"، لأن المبدأ الوهابي يقوم على حديث منسوب للنبي ص: "لا يدخل بن آدم الجنة بعمله إنما بأداء العبادات و رحمة الله".

في انتهازية رخيصة لا تليق لا بعروبة ولا بإسلام انتهزت الصحوة الوهابية جرح الشقيقة الكبرى و ضعفها وهزيمتها في 1967 لتحول المجتمع المصري من مجتمع مؤسسات قانونية تراتبية بيروقراطية وظيفية، إلى مجتمع منفلت فوضوي غير منتج و لا منجز، يثبت طاعته لربه بقطعة قماش ثم ينصرف إلى كل ألوان الرذائل التي سيغسلها في الحج المقبل ويعود كما ولدته أمه ملط من أي ذنب. و مع تكاثر الخطايا يكثر الراغبون في الغسل، ويذهب المستحمون بالطهارة الشكلية لينالوا الغفران بملايين مصر الكادحة ليضيفوها لرصيد البنوك السعودية، وهذا وجه واحد فقط ضمن وجوه عدة ، منظور مكشوف يشكل عائدات هائلة سنوياً تبرر ما تم صرفه من مليارات على الصحوة. ويتلو الحج عمرة و يلي العمرة حج جديد، وهو ما يبدو تعبيراً عن صحوة المسلمين لدينهم و رغبتهم في رؤية قبر حبيبهم و أداء الفريضة لربهم ، بينما هو تعبير عن حجم المآثم و الكارثة الأخلاقية التي أوصلنا إليها أصحاب الصحوة ، فالناس تشعر بالحاجة الدائمة للغسل عندما تشعر بالوسخ و القذارة الواضحة ، لذلك تحتاج إلى التنظيف الموسمي الدوري .

مرة أخرى نؤكد أن أي زي هو بالأصل ظاهرة اجتماعية تفرضها البيئة لذلك تختلف باختلاف البيئات والمجتمعات، وأن الحجاب أو النقاب لو كان ديناً ما فرط فيه المصريون و بقية العرب و المسلمين معهم مع ثورة 1919 ، و لو كان ديناً و فرطنا فيه فهو معنى يهين الدين ويصوره ضعيفاً مهزولاً لا يستطيع فرض فروضه على اتباعه دون مساعدة خارجية، و كأنه يحتاج للمساندة و الدعم وهو دين القادر العزيز الجبار!! و من هنا لا يمكن لأحد أن يقول أن النقاب هو من الفروض او من شئون العبادة، و لا هو حتى قاعدة في المعاملات، و لا يترتب على ارتدائه أو خلعه أية حدود شرعية في ديننا، هو فقط وسيلة يثبت بها الوهابيون أنهم قد تمكنوا بعد هزيمة 1967 من السيادة على الشارع المصري ، بحكومة أخرى موازية خفية متكاملة النظم و الأوامر و القوانين و الاقتصاد ، أعضاؤها مصريون بالجنسية فقط ، وولاءهم للسيد الذى لا تنفذ خزائنه، وتفرض هذه الحكومة الخفية ذاتها علناً جهاراً نهاراً لا تستحي و لا تكن، و تحارب حرباً ضروساً في شأن تافه كالنقاب ، وهو عندها كبير لأن أي تراجع له يعني تراجعاً في سيادتهم و في خططهم نحو الإعماء الشامل للعقل المصري ، لأن أي تراجع يعني انحساراً لهذه السيادة ، ألا ترون حجم ما ضخ من أموال في الحملة الفضائحية ضد سيد القمني ، و التي لا تليق بتدين حقيقي بقدر ما تليق بالنساء العواهر الدواعر المحترفات ، لأن جائزة القمني تقتطع من مساحة وجودهم و إثبات سيطرتهم التي ستكون منقوصة بمثل هذه الجائزة .

تعالوا أدلكم كيف تمت الخطة و كيف تم تنفيذها للوصول بالمجتمع المصري إلى وضعه الحالي المؤسف ، وهنا سنعود إلى التاريخ بلمحة سريعة كاشفة مضيئة للموقف كله بالأدلة القواطع على ما قلنا هنا .

نتذكر سريعاً أن بدو الجزيرة كانوا ضمن عناصر الغزو البدوي الهكسوسي الأول لمصر زمن الفراعنة ، و هو عصر تسميه الوثائق المصرية وغير المصرية فى الحضارات القديمة (العصر المظلم) ، لانقطاع مصر فيها عن إبداعها المعروف أدباً و فناً و علماً و معرفة، حتى يقول إدوارد ماير إن احتلال الهكسوس يبدو في تاريخ مصر كستارة سوداء نزلت فجأة على هذا التاريخ، و مع ارتفاع الستارة بطرد الهكسوس تجد مصر المتحركة المنتجة الفعالة في اقصى نشاطها و ابداعها العلمي و الفني و العسكري حتى أقامت أول إمبراطورية لها تمتد حتى الحدود التركية . نتذكر أيضاً أن عرب الجزيرة قد عادوا لغزو مصر منذ أربعة عشر قرناً تحت شعار : الإسلام أو الجزية أو القتال و ما يترتب عليه من سبي وأسر و هتك أعراض و نهب و استعباد . و بمرور الوقت تحولت الأغلبية المصرية إلى الدين الوافد من الجزيرة و أصبحوا مسلمين . وظلت مصر ولاية تابعة لعاصمة الخلافة الإمبراطورية، يأتيها الحكام من خارجها منوبين عن الخليفة عربياً أم كردياً أم تركياً ، خصياً كان أم رجلاً . حتى انتهى بها الأمر صريعة الزمن المملوكي العثماني في غياهب الجهل و الظلام والمرض والتخلف ، حتى أيقظتها الآلة العسكرية المتقدمة للحملة الفرنسية و نظامها الأداري والحضاري المتفوق، لتكتشف مصر ما فاتها فتطرد المستعمر الفرنسي و تقيم دولة حديثة قام بتأسيسها شعب مصر برياده رشيدة من محمد علي (الذي اختاره المصريون) و أخلافه من بعده.

بينما كانت مصر تكتشف نفسها وما حولها زمن محمد علي باللحاق بالحداثة الأوروبية ، كانت الجزيرة تكتشف نفسها بالمذهب الوهابي المتحالف مع آل سعود يعطي كل منهما مشروعية الوجود للآخر.

ومن جانبه أراد السلطان العثماني أن يشغل كلا الحركتين في مصر و الحجاز، فطلب من محمد علي القضاء على الحركة الوهابية ضد الخلافة ، بعد أن وصلت شرورها خارج حدودها لتدمر أينما وجدت أضرحت الأئمة و الأولياء خاصة بالعراق و ذبحت المسلمين من غير السنة أينما صادفتهم .

أرسلت مصر حملتين بقيادة أولاد محمد علي ، الأولى قادها الإمير طوسون و حققت نصراً جزئياً ، تبعتها حملة أخرى بقيادة الأمير إبراهيم باشا ، لتحقق نصرها باحتلال الدرعية واستباحتها على الطريقة الإسلامية ، ولأن العرب يفرقون في تطبيق القانون ، فإنهم طبقوا الاستباحة على غيرهم في فتوحاتهم و غزواتهم ، لكنهم لا يقبلونها لأنفسهم . و بعدها ظل ثأر الدرعية ناراً لا تهدأ بالقلب الوهابي، و بؤرة وجع مزمن في الدماغ ولوعة فى الكبد السعودي، لنصل إلى الزمن الناصري و الحرب المصرية السعودية في اليمن، ونقرأ الآن معاً نص رسالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، والتي حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 م الموافق 15 رمضان 1386 هـ، وترد بوثائق مجلس الوزراء السعودي تحت رقم 342 ، (نقلا عن د. وليد البياتى ، ومصدرة: حمدان حمدان: عقود من الخيبات1 دار بيسان ص 489 - 491) وهي رسالة وو ثيقة أدت إلى تغييرمجري تاريخ المنظقة و العالم كله بعدها .

يقول جلالته لأخية الرئيس الأمريكى جونسون: " .. مما تقدم يا صاحب الفخامة ، و مما عرضناه ، تبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً و أن هذا العدو إن تُرك يُحرض و يدعم الأعداء عسكرياً و إعلامياً ، فلن يأتي عام 1970 - كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت - و عرشنا و مصالحنا في الوجود. لذلك فإني أُبارك ما سبق للخبراء الامريكان في مملكتنا أن اقترحوه ، و أتقدم بالاقتراحات التالية: أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية في مصر، لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر باسرائيل عنا مُدة طويلة، لن يرفع بعدها مصري رأسه خلف القناة، ليحاول إعادة مطامع محمد علي وعبد الناصر، و بذلك نعطي لأنفسنا مهلة لتصفية أجسام المبادئ الهدامة ، لا في مملكتنا فحسب بل و في البلاد العربية ، ومن ثم بعدها لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية، اقتداء بالقول: ارحموا شرير قوم ذلّ " .

إن هذه الرسالة التاريخية تفسر ما حدث بعدها بشهور معدودة خطوة بخطوة و بوضوح مبين ، وتوضح مدى وجع الدرعية القديم و انه لازال ماثلاً أمام جلالته يئن عليه من مصر محمد علي ومن مصر عبد الناصر، و قد تمت خطوات الرسالة بنجاح نموذجي ، فنهر المال قادر على فعل الأعاجيب ، فأمكن حينها أن تؤكد سوريا لمصر حليفتها في اتفاقية دفاع مشترك ، أنها تحت احتمال أكيد باجتياح إسرائيلي لاحتلال سوريا ، وهو ما دفع مصر إلى تنفيذ إلتزامات الاتفاقية فقامت بسحب جيوشها من اليمن لتدخل الحرب إلى جوار سوريا المعرضة للغزو ، و قد ثبت بعد ذلك أن دمشق لم تكن الهدف الأكبر إنما كانت مصر ، و أنه لم يكن في نية إسرائيل احتلال سوريا إنما احتلال كل ما يمكن احتلاله من المنطقة المحيطة بحدودها ، و هكذا تحقق هدف جلالته الأول بانسحاب الجيوش المصرية من تحت أُنثييه في اليمن ، ليتلوه مباشرة الهدف الثاني و الأعظم بالهزيمة الساحقة للجيوش العربية في 5 يونيو 1967 بعد أربعة شهور فقط من رسالة جلالته لأخيه جونسون . و احتلال إسرائيل كامل سيناء و الضفة و الجولان.

وتستمر الحرب الضروس حتى اكتوبر 1973 يوم حرب التحرير لتشمر السعودية فجأة - وعلى غير عادتها -عن الإباء العربي و تعلن عن صفاء عروبتها الأصيلة بإيقاف ضخ النفط ، في خطوة بدت حينها الشهامة و الأصالة العربية في أتم معانيها ، لكن ليرتفع سعر النفط بحسابات سابقة و مبرمجة إلى مستويات ما حلم بها أحد ، و كان الثمن المدفوع هو دماء أبناء مصر.

وهكذا تحققت الخطة السعودية الإسرائيلية الأمريكية و ربما السورية ، و أخذ جلالته المهلة الطويلة لتصفية المبادئ الهدامة من وطنية و قومية و يسارية و اشتراكية و شيوعية ، ليس في مملكته فحسب و لكن في مختلف ديار يسكنها المسلمون.

وتحولت مصر بعدها من بلد يفيض بخيره على جيرانه و بالأخص أهل الجزيرة لاستحقاقهم الصدقات عن جدارة شرعية بلا منازع ينازعهم هذا الاستحقاق ، إلى استجداء المعونات ، وساعتها لم يرحموا شرير القوم الذي ذل بتعبير جلالته ، إنما قرروا هزيمته الداخلية لسحقه سحقاً فلم يعد المصرى يذكر نصره الأكتوبري إلا موسمياً ، و عدا ذلك يعيش حالة الهزيمة التي يعيشها العرب جميعاً أمام إسرائيل ، و ذلك لأن الحرب عند العربي هي دوماً صفرية إي حرب إبادة شاملة لأحد الطرفين ، النصر أن ينتهي طرف من الوجود و يبقى المنتصر ، حروبه لا تعرف مفاوضات ، و بدون إبادة الطرف الآخر لا يكون هناك انتصار.

و مع تفوق إسرائيل المتصاعد و يدها التي تذهب إينما طالت ، جعلت المصري الذي كان يحمل على أكتافه كل القضية العربية و يشعر أنه المسؤول عنها ، يستشعر الهزيمة الداخلية ، و أن إسرائيل لا يقدر عليها إلا القادر الجبار ، و لا حل إلا استدعاؤه للتدخل إلى جانبنا لو التزمنا أوامر و شروط ديننا الجديد (الوهابي). وهكذا وصل ثأر الدرعية إلى عملية نقمة شاملة في إبادة جماعية مليونية للوعي المصري، وخاصة وعيه بوطنه، واحتلال عقله بقضايا العروبة و الإسلام، مع احتلال احلالي يحل فيه الوهابيون محل الإسلام البكر ، كما سبق و احتلوا وطنه زمن الفتح احتلالاً استيطانياً. مع قهر المصري ليعلن التبعية لإثبات السيطرة على شرير القوم الذي ذل، ليمتلىء الشارع المصرى لحي وحجاباً ونقاباً و خراباً كاملاً في الذمم و الضمائر . إنه مشروع انتقام شيطاني وحشي بدوي كاسر بدون شبيه و لا نظير.

و ضاعت قيم المصري المصرية و معها ولى حرصه على الملك العام و المشترك العام لتحل الأنانية المفرطة محل الضمير المصري الرفيعع ، ذلك الضمير الذي جعل أمهاتنا و جداتنا السافرات العاملات و الفلاحات تربي جيلنا التربية الفضلى لأنهن كن عفيفات دون إجبار أو قهر.

هؤلاء الأمهات المنتجات العفيفات السافرات هن من أنجبن لنا اليوم أبناء آخرين ، وجدوا فى نهر المال مايمنحهم السلطان والدرحة الاجتماعية الرفيعة وهم من ينادون نساءنا بأن الحجاب عفة؟ فهل يطعن رافع الشعار في عفة السيدة والدته بهذا الشعار ؟ فإذا كان واثقاً من عفتها فإنه لابد أن يعترف أنه يرفع شعاراً كاذباً، وأن النقاب و اللحية لا يصنعان عفة ، إنما ما يصنعها هو الضمير الأخلاقي المجتمعي الذي كان عفيفاً منتجاً مثقفاً زارعاً صانعاً مبهجاً عالماً منجزاً بهيجاً ضحوكاً ، كرنفالاته الاحتفالية عديدة بعدد موالد أوليائه الصالحين ، صاحب أجمل و أبدع نكته في الدنيا بما وراءها من خيال وحبكة وإبداع و تراث طويل وفن رفيع ونقد لاذع ، ومع ذلك كانوا، وكُن، مسلمات و مسلمين محافظين وأتقياء خلصاء ، كانت أمهاتنا عفيفات طاهرات لم يشنهم عدم ارتداء قماش العفة كالبهائم الدوارة.

لقد عاد بدو الحجاز إلى غزو مصر مرة أخرى، و انتقم الوهابي السعودي للدرعية شر نقمة ، وأصبح الشارع المصري عبداً للقول الوهابي ، مجرد القول هو أمر، بعد أن خسر المصريون بكارة إسلامهم الحنفى والصوفى والشعبى السمح العاشق للوطن و للدين. . . باختصار عُدنا موالي لسادة بدو الجزيرة مرة أخرى.

وللحديث بقية

elqemany@yahoo.com

القاهرة

نقلا عن موقع عراق الغد 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات