تناقلت وسائل الأعلام مؤخرا الأخبار والتقارير اللتي تناولت تفاعلات قرار محمود عباس وسلطته بطلب تأجيل مناقشة تقرير غولدستون ضمن جدول اعمال مجلس حقوق الانسان في جنيف . ونقل "المركز الفلسطيني للإعلام عن ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة قوله إن السلطة في رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني قامت بإنقاذ إسرائيل من الإدانة الدولية من خلال تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" إلى مارس/آذار القادم . وأضاف فولك: أن "ما حصل هو أنه في اللحظة الأخيرة قام مندوب سلطة عباس بسحب التقرير وعدم مناقشته حتى شهر مارس/آذار المقبل، وهو ما اعتبر ضربة قوية لجهود أخذ توصيات التقرير على محمل الجد".. "كان محيرًا أن يقوم الفلسطينيون أنفسهم بإنقاذ ’إسرائيل‘ من هذه المعضلة التي وجدت نفسها فيها"، واصفًا تبريراتهم بالغريبة .
وكعادة الزعماء العرب الأزلية , فلقد بادر زعيم الزعماء . وأمير المؤمنين . وملك ملوك أفريقيا . السيد الأخ العقيد القذافي الى أستغلال هذه الفرصة الذهبية للمتاجرة بالقضية الفلسطينية . وأعلن المندوب الدائم للجماهيرية الليبية لدى الأمم المتحدة ، عبد الرحمن شلقم ، أن بلاده تقدمت بطلب عاجل لعقد اجتماع لمجلس الأمن . وأضاف: "إن ليبيا وبعدما حدث في جنيف ، وعدم اتخاذ مجلس حقوق الانسان لقرار ، اتخذت قرار دعوة مجلس الأمن لعقد هذا الاجتماع الطارئ بحكم موقعها"، وفق وكالة الأنباء الليبية .مما أدى الى أحراج الدول الغربية , الحامي الأول للصهاينة والمدافع المستميت عن جرائمها اللتي أزكمت الأنوف , لدرجة أرغمت غولدستون اليهودي الشريف على فضحها .
وكعادتها مع الزعماء المطبعين اللذين باتوا يعرفون بالمعتدلين ( لغاية ما في نفس أبناء يعقوب ) نجحت الولايات المتحدة ومعها الكيان الصهيوني في تهديد وأغراء عباس وسلطته بالعمل بالضد من مصلحة شعبه وسحب التقرير . ألا أن الدول الغربية فوجأت بالطلب الليبي اللذي أربك حساباتها . مما أدى الى أنقسام داخل مجلس الأمن حول الموضوع . حيث ذكر دبلوماسيون ان الدول الغربية في مجلس الامن رفضت عقد " اجتماع طارئ " يخصص لمناقشة التقرير. واتفقت الدول بدلا من ذلك على بحث التقرير في إطار مناقشة عامة حول الوضع في الشرق الاوسط في 14 تشرين الاول / اكتوبر. وتبنى مجلس الامن المنقسم هذا الحل الوسط خلال مشاورات مغلقة . "وفق أيلاف" .
وبذلك كشر الغرب بقيادة الولايات المتحدة عن أنيابه , وأثبت مرة أخرى بأنه ينصر أخاه الصهيوني ظالما أو مظلوما , وذلك بمحاولته الأستمرار بخطة تمييع القضية , ووقف ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الجيش الصهيوني . فهذه الأخبار تعني فيما تعنيه , أن جرائم الصهيوني ستناقش بصورة عابرة وسريعة ضمن النقاش الأهم حول السلام في الشرق الأوسط وفقا للرؤيا الغربية. مما سيؤدي بالتأكيد الى المساواة الأعتيادية بين الضحية والجلاد أولا . ومحو ذاكرة العالم المتعلقة بجرائم الأحتلال ثانيا .
وهكذا أصبح القذافي فجأة بطلا قوميا وحاميا أول عن الفلسطينيين, وعن الأراضي والمقدسات العربية . وأرتفعت معه أسهم زعماء الحرب " الكلامييون " . كيف لا وهو اللذي وقف في وجه المتاجر بالقضية محمود عباس , والغرب حامي الصهيونية . وفي المقابل ضيع أبو مازن لقب "بطل السلام" اللذي أنقذ أطفال غزة من الفسفور الأبيض بالحوار والتعقل والسلام مع الصهاينة . وهبطت معه أسهم زعماء السلام "والأعتدال".
وعادت بذلك لعبة الكراسي المتحركة القديمة المتجددة . زعماء يهلل بعضهم كلما تعرضت مدننا وشعوبنا للقصف الصهيوني والغربي . عارضا نفسه كبطل للسلام فيصدقه من يصدقه . ويطبل القسم الآخر لأنتصاراته العسكرية الكلامية لا الفعلية , مستغلا أنجازات المقاومين . طارحا نفسه كبطل للحرب اللتي لا بديل عنها لتحرير الأرض والمقدسات . فيصدقه من يصدقه
وبالتأكيد سيتبادل هؤلاء الزعماء أدوار البطولة مع أول هجوم صهيوني قادم شمالا أو جنوبا .
والنتيجة زعماء أبطال للسلام حينا , وأبطال للحرب حينا آخر . بينما الحقيقة هي أنهم أبطال أفلام سينمائية هابطة لاتقنع عاقل . أبطال حسب الظروف ؟! . من يستغلها بشكل أفضل يصبح هو البطل .
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2009/10/491286.htm
http://arabic.cnn.com/2009/middle_east/10/8/libya.goldstone/index.html
التعليقات (0)