مواضيع اليوم

أبشر يا بشار.

محمد مغوتي

2012-03-01 13:41:59

0

     بشار الأسد هو حديث العهد بالسلطة قياسا لمعايير النظام السياسي العربي التي تحولت بموجبها كل دول المنطقة إلى ممتلكات خاصة يعمر فيها الحاكم ما شاء له القدر أن يعمر. لكن وبالرغم من السنوات " القليلة" التي قضاها الرئيس السوري على رأس السلطة في بلاده، فإنه تفوق على جميع أقرانه وأثبت بالواقع الملموس صحة المثل العامي القائل: " ابن الوز عوام".
    بشار هو ابن أبيه. ولأبيه مآثر يندى لها الجبين. إنه ابن حافظ الأسد الذي قتل بكل برودة دم الآلاف من أبناء حماة في فبراير من سنة 1982 في واحدة من أخطر الجرائم التي سجلها تاريخ الديكتاتوريات المعاصرة. حينها نجحت سلطة " البعث" القمعية في فرض تعتيم إعلامي كامل على حرب الإبادة تلك، ومرت وقائع المجزرة الرهيبة دون أن ينتبه العالم إلى تفاصيلها الدقيقة. ولولا التقارير التي أفرجت عنها بعض الصحف العالمية حينئذ لما تجاوز خبر المجزرة حدود سوريا نفسها... واليوم يعيد التاريخ نفسه، لكن رائحة الموت لا تعبق بها سماء حماة وحدها، بل انتشرت في كل أرجاء سوريا التي تقدم أبناءها كل يوم كقرابين من أجل الحرية والإنعتاق، لكن جشع مصاصي الدماء هناك ليس له حدود، وبالرغم من كل حملات التنديد والإستنكار العالمية ضد الجرائم التي يقترفها نظام الأسد، فإن آلة القتل المتوحشة لا تتوقف أبدا.
    بشار الأسد يقدم مثالا صارخا للعقلية الماكيافيلية التي تتأسس على شعار" الغاية تبرر الوسيلة"، فقد قدم نفسه منذ تسلمه السلطة نصيرا للضعفاء ومدافعا عن الفلسطينين ومعاديا لنظام الهيمنة الأمريكية. أصبح الأسد عنوانا للمانعة وعرابا للمقاومة في عيون الأغلبية الساحقة من المخدوعين في سوريا وخارجها أيضا. وعندما انتفض عليه السوريون نزع كل الأقنعة، ونقل دباباته التي يفترض فيها أن تحمي الحدود إلى شوارع المدن والبلدات المنتفضة في وجه الظلم والطغيان... لم تنجح الجزرة إذن في الإبقاء على استمرار صمت السوريين، فكانت العصا هي الحل. وذلك هو منتهى تفكير النظام السياسي العربي الذي تغذى على وصايا " نيكولا ماكيافيل" للأمير. لكن الغريب في سلوك بشار وشبيحته هو ذلك الإصرار الأعمى على التعتيم وقلب الحقائق بالرغم من كل الصور والمشاهد التي يراها العالم يوميا على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الإجتماعي. بشار يريد لكل شخص في هذا العالم أن يكذب عينيه وينظر من خلال منظاره هو وحده. مهلا، إنه محق، فهو طبيب للعيون. وعلى كل من يشك في سلامة عينيه أن يحصل على موعد للعلاج في عيادة السيد الرئيس الطبيب.
     بشار يدور الآن في حلقة مفرغة، فقد استنفذ كل أوراقه، ولم يعد يصدقه أحد. يقتل أبناء شعبه بدون هوادة، ويجري في الآن ذاته استفتاء على دستور يبشر بمستقبل زاهر لسوريا والسوريين. الشعب يقتل كل يوم في سبيل الإنعتاق والحرية، والأسد يهيئ نفسه للاستمرار في الحكم إلى ما لا نهاية. يعلن أن مايجري في سوريا مؤامرة أجنبية تستهدف قوى الممانعة وتخدم إسرائيل وتحاول أن تقضي على آخر قلاع الصمود والمقاومة. لكنه في الوقت ذاته يؤكد أنه يواجه حركة إرهابية. وهو بذلك يدعو نفسه لدخول بيت الطاعة الأمريكي من بوابة محاربة الإرهاب. إنه يتخبط خبط عشواء. وتلك علامات احتضار نظامه المتعفن.
             محمد مغوتي. 01/03/2012




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !