منذ عقود وحركات الإسلام السياسي تتجرع القهر والاستبداد من الأنظمة الشمولية على اختلاف مشاربها، وقدمت تضحيات جسام بالمال والنفس من أجل خدمة المواطن والمحافظة على موروثه الثقافي والحضاري، فعلى سبيل المثال قدمت جماعة الإخوان المسمين مرشدها العام ومؤسسها الأول الشهيد حسن البنا في عملية اغتيال سياسي استهدفته، كي توقف دعوته، التي غرسها داخل المجتمع المصري وخارجه...
تلك التضحيات هي المخزون الاستراتيجي الذي دفع الشعوب العربية والإسلامية لمنح الجماعة ثقتها في الانتخابات البرلمانية في العديد من البلدان العربية، والتي بموجبها سيترتب على جماعة الإخوان المسلمين استحقاقات سياسية كونها ستنتقل من صفوف المعارضة السياسية والعمل الدعوي إلى صفوف الحكم وبذلك ستصطدم الحركة الإسلامية بتحديات من أبرزها ما يلي:
أولاً: الانتقال من مرحلة العمل الحزبي إلى مرحلة الحكم
وهذه المرحلة بالغة الصعوبة لأن من أهم متطلباتها الانتقال من مرحلة التربية الحزبية إلى مرحلة التربية الاجتماعية، والتي تقوم على أساس القبول بالآخر، والشراكة بمفهومها الواسع، وتغليب المصلحة العامة عن المصلحة الحزبية، وصولاً إلى ثقافة سياسية تدعم ركائز النظام السياسي الذي تمارسه الجماعة من خلاله الحكم.
أضف إلى ذلك غياب الخبرة في ممارسة الحكم لدى حركات الإسلام السياسي مقارنة بالليبراليين، وهذا يستدعي من الإسلاميين الانفتاح على الجميع، ولكن ربما تصطدم بواقع رفض الليبراليين الدخول بشراكة مع الإسلاميين انطلاقاً من رغبتهم بإفشال تجربة حكم الإسلاميين، وهذا النموذج حصل في فلسطين بعد فوز حركة حماس بالانتخابات ورفض جميع القوى الليبرالية واليسارية من المشاركة في حكومة وحدة وطنية مع حماس.
ثانياً: الاستفادة من تجارب الآخرين
أمامنا نماذج حكم سقطت بسبب شموليتها وديكتاتوريتها وفسادها في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك لابد من الإسلاميين أن يستحضروا هذه التجارب كي يستفيدوا من أسباب سقوطها وفشلها، وقد يكون للثالوث الخطير الدور الأبرز وراء الربيع العربي، والمتمثل في:
1- الطغيان السياسي: ونقصد بها استغلال الحكم من أجل إرهاق المحكومين، وتتم فيها إدارة الحكم بعيداً عن العمل المؤسسي، وتكون شخصية القائد أو الزعيم هي كل شيء في الدولة، مما ينجم عن تلك الممارسات دولة قمعية بوليسية، تتسم بالفساد وسوء الإدارة، والظلم والقهر للشعوب.
2- سوء توزيع الثروة: الثروة هي مقدرات البلد وعجلة اقتصاده، وبذلك ينبغي على أي نظام حكم أن يعمل على تحقيق العدالة في توزيع الثروة، تلك العدالة هي من يمنع الفساد الإداري والمالي من الانتشار، ويشعر المحكومين بأنهم سواسية في كل شيء.
3- التبعية للخارج: ويقصد هنا التبعية المطلقة للخارج، والتي تكون على حساب مصالح الدولة والشعب، وهناك عدة أشكال للتبعية، سياسية واقتصادية وإعلامية وأمنية الخ...
ثالثاً: التنمية
التنمية في أي بلد تمثل أمنه القومي، فإذا نجحت حركات الإسلام السياسي من الانتقال من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الإنتاج مستثمرين مواردنا الاقتصادية والبشرية لبناء تنمية مستدامة في بلادنا تؤهلنا للاستغناء عن الغرب اقتصادياً وصناعياً، فإن ذلك من شأنه أن ترتقي الحضارة الإسلامية وتصبح المنافس الأكبر للحضارة الغربية.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)