يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله : (( يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون ))الحجرات : الآية 02 ..
فالله تعالى يريد بذلك أن يعلمنا آداب الحوارات ، وأسس الأحاديث السليمة التي تسودها اللباقة ، ويزينها الإحترام المتبادل ، مع مراعاة الفروق الفردية بيننا كبشر ، وبما فضل - سبحانه وتعالى - بعضنا على بعض ... لذلك صنف الحِلم كأعلى درجات التقوى والثبات .. ولأن الغضب مربوط بالصراخ ، فإنه يمزق أجواء الأحاديث الإنسانية ، والعلاقات الإنسانية ، تماما كما تفعل الملوثات بطبقات الأوزون ..!
كما أن النتائج المتمخضة عن الحوارات الصاخبة ، أقل بكثير من تلك التي تثمرها الحوارات في أجواء هادئة ، وبأصوات تحمل الكثير من الدفئ .. فالصراخ يشتت فكر المحدث والمستمع على حد سواء ، ويشعرهما بالتوتر حتى ولو كانت قضايا النقاشات بحجم قواعد الدين ، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) ، لأن الأخلاق مرتبطة بالحِلم ، والحِلم مرتبط بالحكمة ، والحكيم هو من يمسك بزمام نفسه ..
ولإعطاء صورة عن إنعكاسات الصراخ على حياتك اليومية ، يكفيك أن تتذكر المعلمين في المدارس وصراخهم على تلاميذهم ، ثم يشكون ضعف نتائجهم ، متناسين تماما أنهم سبب من أسباب تدني المستوى الدراسي ... أو راقب فقط منظر شخصين يتحادثان في الشارع بصوت عالي ، واثنان آخران يتحادثان بصوت كأنه الهمس لايكاد يُسمع ...لاشك أن سحر الهمس من سحر الإحترام ، واللباقة ، وحسن الخلق .. ما يدعوا للإقتداء عن قناعة بأن (سوق الصراخ ) سوق كاسدة .
ــــــــــــــــــ
[تاج الديــن : 11 - 2009]
التعليقات (0)