اعرف إنه لي نقائص كثيرة وفضائل ولكني واثق إني متمسك بفضيلتين لا أستطيع التنازل عنهما حتى بالترغيب والترهيب فضيلة النزاهة في العمل والمعاملات مع الغير, وحب الخير للجميع حتى لاعدائي إذا كان لي أعداء .وأعرف أن الثمن الذي يجب أن يدفع للحفاظ على هذين الفضيلتين غاليا.
الناس في الصغر تتفتح أماهم أفاق الفضيلة والخير والمثالية وفي عمر الشباب يسعون لتحقيقها وفي عمر الكهولة يتبين لهم أن هذه الفضائل لا تتحق إلا في الخيال وأن الأنسان غير مخير ومضطرإلى إتباع ما يألفه الناس ويرتضونه لأنفسهم . وفي عمر الشيخوخة يعرف الأنسان أنه غير قادر على تغيير الأخرين فيرضى مصيره المحتوم .
_ الناس يحترمونك لمنصبك ومكانتك ويعاملوك بأسلوبك ويخدمونك لتحقيق مصالحهم ويتخلون عنك إذا نزلن بك الشدئد وفقدت منصبك ولم تعد لهم فيك مصلحة ولا يتذكرون صفاتك الحسنة إلا يوم سماع خبر وفاتك. الحب الصادق الذي لا ينضب هو حب الام .وخير الناس هو من تمنى الخير لك وعاملك معاملة حسنة كلما سنحت له الفرصة فلا تطمع أكثر من هذا .
النجاح في الحياة يدفع الأنسان إلى الغرور, وعمل الخير يبعث في النفس الرضا حتى إذا أساء أليك من أحسنت إليه . فلا يغرنك نفاق الناس لك في حال نجاحك ولا تهتم بما يقوله الناس عنك في حالة فشلك ولا تعمل الخير إتقاء لشر أو إنتظار لأحسان .
الناس من معدن واحد والاختلاف الطبيعي بينهم يرجع إلى البيئة التي عاشوها والتعليم والخبرة والاستعداد الشخصي للتطور واغتنام الفرص وهذا ما يجعلهم يختلفون في السلوك والنجاح والفشل .
الأنسان يولد خيرا وظروف حياته وطبيعة تربيته وتعليمه وتدريبه وخبرته ترسم له طريق الحياة . والشرعامل دخيل على حياته ناتج عن مصدر خارج إرادته . فإذا كنت حاكما أو متصرفا في شئون الناس فأجعل هدفك إزالة مصدر الشر للناس ولا تمعن في عقاب الأشرار. فالترهيب لا يعلم الناس الفضيلة بل يزرع الشر سرا ليطلع جهرا كلما تتاح الفرصة .
كان الأعتقاد الشائع أن العقاب يردع الناس من إقتراف الشر ولكن المسلم به اليوم في علم السلوك ان علاج مرضى مقترفي الشر أهم من العقاب ولهذا فليكن رائدنا علاج الاشرار لا عقابهم فالجهل بأمور الدنيا وأصول المعاملة وسوء التقدير للأمور وظرو ف الحياة وأختلال العقل كلها أمراض إجتماعية تدفع الأنسان الذي ولد خيرا إلى إقتراف الشر والعلاج خير وسيلة لعود ة الأنسان إلى السلوك السليم .
علموا الناس الحكمة والفلسفة في سن مبكرة لخلق ملكة التفكير في الأنسان العادي والعالم المتخصص فالتكفير يساعد الانسان العادي في أمور دنياه ويساعد الأنسان المتعلم في سلوكه ومعاملته للناس وتسخير علمه لاهداف الخير . فكم من إنسان عادي يدفع إلى الشر دون تقدير لنتائجه , وكم من عالم يسخر علمه للشر دون تفكير .
التقدم الحضاري المعاصر نتيجة تطور عاملين العامل الفني التكنالوجي وعامل تطور علم السلوك الأنساني في الظروف المتغيرة .فكما وفر التطور التكنالوجي تسخير العلم لخدمة الانسان وفرت دراسات السلوك الانساني في الظروف المتغيرة الظروف المناسبة للحياة البشرية السليمة.
ما دام البشر يعيشون في ظروف معينة ويخضعون لظروف مختلفة ويؤمنون بأديان متباينة وينقسون ألى قوميات متباعدة فأنهم مضطرون للتنافس لتحقيق المزيد من المصالح لأشخاصهم ودولهم . وإذا تعذر التنافس السليم بين الناس وبين الدول نشأ النزاع والصراع لتحقيق المصالح وما في ذلك من إهدار لطبيعة الأنسان الخيرة .
كتبت سنة 1970
التعليقات (0)