المطرب العراقي المعروف "كاظم الساهر" بلغ خلال السنوات الأخيرة درجة آية الله العظمى، فحين زار المغرب مؤخرا وحل ضيفا على مهرجان موازين حجت جموع كثيرة من عشاقه من شتى مناطق المغرب الأقصى، جاءت من كل فج عميق لتستمتع بأغانيه العاطفية التي تحرك وجدان الإنسان العربي الجامد والمتكلس، جاءت من الداخلة وبوجدور وطانطان ووجدة والناظور..الخ، وكلها فرح وسرور لتترنم مع "آية الله العظمى" كاظم الساهر بأعذب الأغاني في العشق والهيام بالحبيبة الموجودة في دفاتر أشعار نزار قباني، ولتحيي معه سهرته بالرباط، ولا أخفيكم سرا أني من المعجبين بهذا المطرب العربي، ولذلك سافرت الى الرباط لأمثل مدينتي في هذه الحفلة السهرانة، وكان أملي كبيرا أن أكون في مقدمة المنصة، وأجلس مع كبار الشخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام، وآخذ له بعض الصور، وكنت أمني النفس حين ينطلق اللحن صداحا وتخشع القلوب الظامئة لأمير الأغنية العربية، كنت أنوي أن "أعلق ليه" على قميصه 200 درهما كاملة /4000 ريال زرقاء، وأقف الى جانبه منتشيا بانتصاري، وأقول للآلاف من الحجاج والحاجات الذين قدموا من كل جهات الوطن: انظروا واحسدوني، ها أنا بجانب آية الله العظمى كاظم الساهر... أنا واااااااااعر!! وأترجاه طالبا منه أن يغني "هل عندك شك" ..وذلك في خاطر(هدية) خوتنا في العراق من المعطوبين، والمجروحين، والشهداء والضعفاء والشعراء، والمهجرين والمهاجرين والمبعدين، والمحتلين والمختلين، والمقاومين والمساومين، وآل البيت الأبيض والموساد ،والعرب العاربة والعرب الهاربة.. ومن الربااااااااط الى بغدااااد، حزن واحد، ودم واحد، ودمع واحد ...كنت سأفعل هذا أسوة بأبناء بلدتي مع بعض المغنين في مدن وقرى جهة الشراردة الغرب بني حسن مع "إدريس الكروة" و"أحمد بلخمار" و" ولد البولنجي ومليكة" .. لأنهم بتقديري الشخصي جميعهم مغنون وكلهم فنانون وكلهم مطربون، فالأمر سيان..فما العجب يا ترى!!
كما كنت أحلم أيضا أن ألمس آية الله العظمى كاظم الساهر بيدي حتى أتحقق هل هو شخصية حقيقية من لحم وشحم ودم وعظم ؟ هل هو بشر مثلنا يأكل ويشرب وينام ويتغوط ؟ أم ماذا..؟؟ المهم أني كنت مدفوعا بفضول معرفي وفكراني يشغل الدهماء مثلي أنا.
لكنني في الحقيقة خفت، والخواف ما تخاف عليه أمه، عفوا حبيبته كما يقضي السياق العام في هذه السهرة الكاظمية، لأن مراسل العربية الصديق عادل الزبيري قص علي قصته مع رجال العنيكري حين أراد أن يغطي سهرة الشاب خالد، فتعرض لضرب مبرح من ثلاثة رجال غلاظ ومعهم رجل من شركة حراسة خاصة، لم تشفع له بطاقته الصحفية ، ضربوه عشر جلدات معدودات على بطنه، هرب فتبعوه وهم يلعنون دين أمه ويصفونها بالعاهرة..ذا ما جعلني أعدل عن رأيي، لأنه لو فعلها رجال العنيكري معي واعتدوا علي وأشبعوني ضربا و شتما، كان كاظم الساهر سيحكي ما وقع لي من اعتداء لزملائه في مدينة الكاظمية الشيعية، الذين سيتشفون في مدينة الأعظمية السنية على شاطئ نهر دجلة، لأني أحسب مذهبيا من الأعظمية لا من الكاظمية، أو ربما يثور أهلي في الأنبار، وهنا سينددون بما وقع لي أبناء عمومتي من قبيلة ادليم، وكنت أخشى أن تسارع بعض القوى المتهورة في العراق وهي تحسب أنها تتضامن مع مواطن مغربي يعود أصله الى العرق، أي أولاد ادليم، فتخطف مواطنين مغاربة كما وقع سابقا لمواطنين لم نعرف الى حدود الآن مصيرهما بالرغم من خروج المغاربة في مسيرة بالدار البيضاء، وإدانة العلماء الرسميين لحادث الاختطاف، فنصبح نحن المغاربة كلنا ضحايا، ودرءا للفتنة، قمعت فضولي وعدت الى مدينتي، ولم أظفر بما أحكيه للزملاء والزميلات الذين ذهبت لأمثلهم أصالة عن نفسي ونيابة عنهم.
آية الله العظمى كاظم الساهر أطلق فتوى صريحة من المغرب، وقال –حسب ما تناقلته الصحافة- أنه لو كان مغربيا لساهم في انتشار الأغنية المغربية... هكذا دون أن يرف له جفن من فرط الحياء وجزاء لكرم الضيافة، هذه الفتوى الخطيرة من مغني مشرقي هي إساءة للمغني المغربي، وتشويه لسمعته لأنه لم يستطع أن يرقى بالأغنية المغربية الى مصاف النجومية التي تستحقها. ولم نسمع لحدود كتابة هذي الأسطر مغنيا أو فنانا مغربيا استنكر هذي الفتوى، ولا حتى وزارة الثقافة التي تقودها فنانة مغربية استقبحت هذا المذهب الغريب من أناس يأكلون الغلة ويلعنون الملة.
تصوروا معي، وتذكروا ، حفظكم الله، أنه لما كتب جورج طرابشي كتابه "نقد نقد العقل العربي" في نقد أطروحة د.محمد عابد الجابري، لم يتردد الجابري في نعت طرابشي كونه مسيحيا لا يفقه شيئا في الثقافة الإسلامية، فكان رد طرابيشي بأنه مسيحي الديانة ومسلم الحضارة، ولما زعم د.محمود إسماعيل أن ابن خلدون مجرد ناقل لفكر "إخوان الصفا" كتب بن سالم حميش مقالة في الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي بعنوان " مثقف لا يعرف كعو من بعو" يهدف من خلالها الى تسفيه مزاعم محمود إسماعيل، ولما زار العلامة يوسف القرضاوي المغرب وأطلق فتواه المشهورة في تحليل الاقتراض من الأبناك،بناء على سؤال طرحه عليه بعض المغاربة، قامت القيامة ضده من رجال الإعلام ورجال الدين الرسميين، والى حدود الآن لم نسمع منهم تفصيلا في النازلة... تصورا لو كان كاظم الساهر عالما من المشرق شيعيا كان أم سنيا، وأعطى رأيه في مسألة عرضها عليه مقلدوه أو أتباعه أو " المعجبون به" كعالم و"نجم" من نجوم الفقه والفكر الإسلاميين..أو حتى مثقفا أو مفكرا...ماذا سيكون الرد؟؟ ألم أقل لكم أن كاظم الساهر بلغ هذه الأيام درجة آية الله العظمى؟؟!!
لكن، وللإنصاف، أقول : إن بعض المطربين حققوا وحدة مذهبية عجز عنها علماء الدين طيلة سنوات من الحوار، فالمطربة اللبنانية هيفاء وهبي وهي الشيعية حققت وحدة مذهبية مع المقاول المصري السني أبو شوشة على فراش النوم، وصرحت للصحافة أن مهرها كان عبارة عن مصحف/القرآن الكريم فقط، وأكيد أن أبا شوشة أهدى لها مصحفا غير محرف ولا هو مصحف فاطمة، ومع ذلك قبلته منه وتنازلت عن عقيدتها المنحرفة لصالح الميثاق الغليظ، وأيضا كاظم الساهر جعل مستمعيه يؤمنون بحب المرأة كحب الهي وميراث نبوي بعبارة ابن عربي، في حين نجد أن المرجع علي السيستاني في العراق يحرم على المرأة الشيعية أن تتزوج من رجل سني بناء على سؤال تقدمت به شابة "مستبصرة"، وتصوروا معي لو سمعته بعض الشيعيات واعتقدن بهذي الفتوى لما تزوجت هيفاء وهبي أبا شوشة بمهر مصحف فقط، وربما لطلبت زوجة الصحفي التونسي غسان بنجدو الطلاق وشتت شمل الأسرة المكونة من ثلاثة أطفال، وكذلك الصحفي الجزائري الصديق العزيز يحيى أبو زكرياء وهو أب خمسة أطفال من امرأة شيعية من لبنان...!!
حين ينتصر المطرب على العالم فهي من علامات الساعة... هكذا قال السلفي الوهابي موقعا عن رب العالمين.. أما أنا فلست معنيا بهذي الأمور بعدما فشلت أن ألتقي آية الله كاظم الساهر في الرباط في مهرجان موازين... أنا " داخل سوق راسي"
التعليقات (0)