قال تعالى ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) . هل ينطبق معنى هذه الآية على علاء وجمال مبارك وهما يظهران فى المحاكمة وبيد كل منهما مصحف أمام الجميع ؟ بمعنى أنهما شعرا بسوء موقفهما فلجآ إلى الله يطلبان منه العون والمساعدة حتى إذا حصلا على البراءة تركا المصحف الذى تشبثا به فى حالة الضعف والخوف ؟, ولكن الإنسان حينما يلجأ إلى الله وحده فإنه لا يفعل ذلك أمام كاميرات المصورين ولا أمام أعين القضاة , الإنسان يضرع إلى ربه سرا ليساعده فى محنته , ولا أظن أن الرجلين يمسكان بالمصحف وهما فى حبسهما المميز . أعتقد أنه مظهر آخر من مظاهر استهبال الشعب المصرى حتى رجال القضاء فيه , هذا الشعب الذى طالما وصفه الكثيرون بأنه متدين بطبعه هى رسالة ساذجة لهذا الشعب تريد ان تعزف على عاطفته الدينية كما فعل الكثير من مستغليه وسالبى قوته وحريته , إن جمال مبارك وعلاء لم يعرف عنهما التدين يوما ما , والخطب التى كان يلقيها جمال أثناء تدشينه لوراثة الرئاسة خالية من أى توجه دينى , إننى أظن أن المحامى فريد الديب هو الذى أوصاهما بهذه الوصية متصورا أنه بذلك يضيف عاملا آخر من عوامل الاستعطاف الذى يقوى مركز المتهمين فى القضية , إننى اراها ألاعيب بقدر ما هى ساذ جة ومفضوحة الغاية إلا أنها تكشف التدنى الفكرى والأخلاقى السائد لدى قطاعات كثيرة فى مصر حتى هؤلاء الذين من المفترض أنهم على قدر من الثقافة , هذا التدنى الذى يجعل من طقوس الدين ورموزه مادة للمتاجرة وبابا للولوج إلى عقول الناس وقلوبهم . ويدخل فى باب العزف على العواطف الجماهيرية هذه التوصية التى طلب فيها من مبارك أن يظهر بهذه الصورة المهينة مستلقيا على ظهره طيلة فترة المحاكمات فى ادعاء ذليل للمرض الشديد , مع أننى سمعت من كثير من الأطباء أن الجلوس مضطجعا على مقعد مريح هو الأكثر مناسبة لمن هو فى مثل عمره وحالته , ولقد كان قبول مبارك لهذا الوضع المهين دليلا جديدا على أنه لم يكن الرجل المناسب لتولى قيادة دولة فى حجم مصر , كانت دليلا على أن هذا الرجل لا يملك حتى مزايا الطغاة من عزة النفس وصون الكرامة وهو يواجه آخر مواقفه فى الحياة , وسواء كان الحكم بالإدانة أو البراءة من التهم المنسوبة إليه فأن محاميه بهذه التوصيات قد أدانه مسبقا بأنه رجل لم يكن يستحق موقعة وأن مثله يمكن أن يسلم أمر وطنه إلى مجموعة من المستغلين واللصوص مقابل حمايته وبقائه فى موقع لا يستحقه . وللأسف الشديد ورغم وجود مبارك ونجليه فى انتظار حكم القضاء فإن مظاهر استهبال الشعب المصرى وإهانة وعيه لا تزال مستمرة حتى الآن فى كثير من التصريحات التى تحمل مسئولية قتل كثير من الثوار إلى عناصر مندسة أو أيد خفية أو طرف ثالث , ولكن الشعب المصرى سيثبت أنه أكثر وعيا وفطنة وذكاء مما يتوهمون
التعليقات (0)