لما ، لحدود الآن ، لا تزال تجربة التشريع المؤسساتي بالمغرب ، في نظر أغلبية المواطنين ، لا تجدي نفعا ، ولا تبارح مكانها، نفس الوجوه المتكررة ، نفس الرتابة والبطء في وتيرة سيرالعمل ، و نفس الصور النمطية المسوقة حولها ... نتائج لا تسايرالمتغيرات الحاصلة عبر تفاصيل الحياة العامة بالبلاد ، و دون مستوى طموحات وحاجات المجتمع...
في سجال أخير ، واكب الموسم النيابي الحالي بالمغرب ، لامس أحد العوائق المركزية الكابحة لأي تغير وتفاعل متوخى داخل البرلمان ؛ وهي ظاهرة حضور أزيد من ربع ممثلي الأمة من الحاصلين فقط على الشهادة الابتدائية ، محللون يرجعون مسؤولية تفشي هذه الأمية البرلمانية إلى ثلاث جهات ؛ الأحزاب التي يوما عن يوم تفقد بريقها وتنحذر موتا في بنيتها التقليدية المتجاوزة ، توافق على مرشحين أميين .. والحكومة التي لا تشترط قانونا يمنع ترشح الأميين للانتخابات التشريعية، ثم المواطنون الذين يصوتون على الشخص الأمي ... ومقابل ذلك هناك من النواب من يبرر ويعتبر أن المستوى الثقافي والشواهد العلمية ليست شرطا أساسيا ليتولى الشخص مهام البرلماني ، لأن الأمر يتعلق بقدرته على التعاطي مع قضايا المواطنين...
هناك تأكيد أولي مفاده ، أن مجرد حضور ووصول أمي لا يجيد القراءة والكتابة ، وانتهى مساره الدراسي فقط عند حدود الشهادة الابتدائيه إلى علياء التقرير والبث في أمور العباد والتفكير والبحث مكانهم عن الحلول المثلى لقضاياهم المستعصية والمركبة ؛ يعتبر ضرب من اللامعقولية وخلل مشرعن حضوره بالقوة ، مستعصي عن التجاوز و كابح لأي اشتغال وانشغال مفضي لتحسين مردودية العمل النيابي بالبلاد ، وكذا يؤسس لثقافة سياسية مبتذلة تعتمد التسطيح في الخطاب والممارسة ؛ ولعل طبيعة السوق الانتخابي والآليات المتفاعلة ضمنه خصوصا أثناء الحملات الانتخابية يؤشر عن غياب الوعي السياسي و أشكال عمله الميداني . من هذا المرتع الغارق في تناقضاته يقتنص أصحاب المال والنفوذ فرصة للمزيد من التطلع ، ولما لا" فالفلوس تادير الطريق فالبحر" خصوصاإذا ما تم استحضار أن مصادر الثروة في المغرب حسب السوسيولوجي محمد جسوس في إحدى بحوثه الميدانية الصادمة ، يلفها الغموض في تبيان مصادرها وخلص إلى أن أهم مورد للثورة في المغرب هو التجارة في المخدرات ثم العقارات...لهذا تجد بعض الشخوص يلجؤون إلى الهروب إلى الأمام بركوبهم موجة السياسة والولوج إلى العملية الانتخاباية لإرباك كل البناءات المحتملة للحساب اتجاههم ، ويسعفهم في ذلك تداخل العديد من العوامل الأخرى التي استنبتت عبر تفاصيل اختيار ممثلي الأمة حيث الحسم في كسب المعركة يكون في آخر المطاف لا علاقة له بالكفاءة أو السمعة أو الخبرة والتجربة أو المستوى العلمي…
التعليقات (0)