بقلم: عطاف يوسف
جرائم قتل النساء منذ بدء التاريخ وحتى اليوم، لم تلق الاهتمام الكافي من المسؤولين والقضاة، ودائماً تم التعامل معها ليس كجريمة قتل من الدرجة الأولى، يعاقب فيها القاتل كمجرم ارتكب جريمة قتل، أدت إلى إزهاق روح بشرية.
في جميع القوانين بدءاً من القانون الفرنسي، مروراً بالقانون العثماني، وانتهاءً بالقوانين في معظم الدول العربية والإسلامية، كان هناك دوماً مواد تشرع قتل النساء، تحت حجج الأعذار المحلة والمخففة، التي تتعامل مع النساء وكأنهن ملك رجال العائلة، من الجد والأب والأخ والعم وأبناء العم.
بعض الدول، وبعد مرور سنوات طويلة، راجعت قوانينها وعدلت عليها، لكن بعض الدول مثل الأردن، لا زال مجلس النواب يرفض تعديل المادة 340 والمادة 98، اللتان تعفيان قاتل النساء من العقوبة، بحجة دفاعه عن شرفه وشرف عائلته، وأصبحت هذه الحجة جاهزة في أي حادثة قتل للنساء، سواء كانت لأسباب تتعلق بالشرف أو بغيره، فليس أسهل من إلصاق تهمة الشرف بأي امرأة تقتل، ليتخلص الجاني من العقوبة المشددة، وفي أغلب الحالات يكون هناك تواطؤ من العائلة مع الرجل القاتل، ويقبلون بتشويه سمعة بناتهم دعماً للقاتل، بل ويعتبرونه بطلاً ولا عزاء للمرأة المقتولة.
في فلسطين لا زلنا نتعامل في هذه القضية حسب قانون العقوبات الأردني، الذي لا زال يتعامل مع العذر المحل والعذر المخفف.
في الفترة الأخيرة ازدادت حوادث قتل النساء، ففي الشهر الأول من العام 2010 قتلت 6 نساء، وهناك عدد آخر من حالات قتل النساء سجلت على أنها حالات انتحار، فما الذي يدفع النساء للانتحار ووضع حد لحياتهن؟ ربما لو تم تحقيق جدي في أسباب الانتحار، لتبين أن السبب ربما تعرض الفتاة أو المرأة للضغط النفسي، أو العنف بأشكاله المختلفة، وقد وضعت حداً لحياتها، للتخلص من هذا الضغط وهذا العنف.
ولو تم تحقيق معمق في حالات انتحار النساء، ربما تبين أن بعض النساء أجبرن على الانتحار، درءاً للفضيحة، وحتى لا يسجن أي من أفراد العائلة.
تقارير الشرطة تفيد بازدياد حالات الانتحار بين صفوف النساء، بشكل ملفت للنظر في الأشهر الأخيرة، لكن لا يتم نشر تفاصيل حول الأسباب التي تقود النساء للانتحار، على اعتبار أنها قضايا شخصية غير متاحة لوسائل الإعلام.
قرار مجلس الوزراء الأخير، بالتنسيب للرئيس بوقف العمل بالمادتين 340 و98 من قانون العقوبات الأردني الساري المفعول في الضفة الغربية، خطوة أولى في الاتجاه الصحيح طالما أن المجلس التشريعي معطل، ولا يوجد أفق قريب للمصالحة وإجراء الانتخابات لمجلس تشريعي جديد، ليقوم بتشريع قوانين جديدة ومن بينها قانون عقوبات فلسطيني جديد، يتلاءم مع حاجات وأوضاع النساء في كل الوطن.
لكن وقف العمل بالمواد ليس كافياً، فيمكن التراجع عنه في أي وقت، وكان المطلوب أن يكون التنسيب بالإلغاء، وليس وقف العمل بالمواد، التي تعتبر مجحفة بحق النساء، وتعطي للرجال رخصة قانونية بقتل النساء، ويتملصون من العقاب.
موافقة الرئيس محمود عباس على القرار ضرورية، للمساهمة في وقف قتل النساء المجاني في المجتمع الفلسطيني، وإذا تحققت، ممكن أن تشكل الأحكام رادعاً قوياً أمام من يستسهلون قتل النساء، وإلصاق تهمة الشرف بهن، مع أن معظم النساء المقتولات منها براء.
مطلوب من المؤسسات النسوية والحقوقية، ومؤسسات حقوق الإنسان، ورجال الدين، وكل من يعتبر أن للنساء الحق في الحياة، على قدم المساواة مع الرجال، الوقوف بحزم وقوة لمواجهة الظاهرة، والإسراع في أقرار قانون عقوبات عصري جديد، يساوي بين النساء والرجال، ولا يظلم المرأة، استناداً إلى القانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال، مع تشكيل المجلس التشريعي الجديد، في حال تمت المصالحة وجرت الانتخابات، أو من خلال مرسوم رئاسي، فقد آن الأوان.
التعليقات (0)