ناقشت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة في جمعها العام العادي السابع، ، مشروعا استعجاليا لمحاربة الفساد بالمغرب من أجل إذكاء دينامية جديدة على سياسة الوقاية من هذه الآفة ومكافحتها.
وأوضح رئيس هذه الهيئة أن هذا المشروع يأتي كمساهمة من الهيئة في إعداد وتفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات التي يستعد المغرب لإقرارها والتي "تستلزم إعطاء إشارات قوية حول انخراط البلاد الحقيقي والجدي في محاربة الفساد والمفسدين".
وأضاف أن المشروع سيصاغ على شكل أرضية منقحة تتضمن بالخصوص وضع آليات تترجم التوجهات الاستراتيجية العامة إلى التزامات وطنية لجميع فعاليات المجتمع، وضمان البعد الاستراتيجي لمكافحة الفساد، وتطويق وتجريم جميع أشكال الفساد، وتعزيز الأثر الردعي لنظام العقوبات، والتصدي للإفلات من المتابعة والعقاب.
وأشار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى أن المشروع يرتكز على خمسة محاور تتمثل في استصدار ميثاق وطني للنزاهة ومكافحة الفساد، وتصحيح البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد، والشروع في استكمال الآليات الزجرية، وتدعيم الآليات المؤسساتية المعنية وإحكام التنسيق في ما بينها.
وللإشارة، فقد شهد المغرب في السنوات الأخيرة أكبر موجة اعتقالات في صفوف كبار المسؤولين لاتهامهم بالفساد، على خلفية تقارير وضعها المجلس الأعلى للحسابات، وهو مؤسسة رقابية رسمية، سجلت وجود اختلالات كبيرة في التدبير المالي لمؤسسات عمومية وشبه عمومية. وبل أحيانا على مستويات أخرى كما ذكر موقع ويكيليكس رشاوى تؤخذ من مستثمرين عرب وأجانب من اجل استثمارهم بالمغرب.
ففي عقد التسعينات من القرن الماضي تم فتح تحقيقات في ملفات الفساد داخل مؤسسات عمومية كبيرة مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والبنك العقاري والسياحي، والبنك الفلاحي، والبنك الشعبي، والخطوط الجوية الملكية، وشركة عمومية للملاحة، وتم تقديم الكثير من مسؤولي هذه المؤسسات إلى المحاكمة، وبعضهم صدرت في حقهم أحكام غيابية بعد أن فروا خارج المغرب. وقدرت آنذاك قيمة الاختلاسات التي أدت بتلك المؤسسات على حافة الإفلاس بملايير الدراهم المغربية التي لم تستعدها الخزينة المغربية إلى اليوم.
ويلاحظ الباحثون أن الجرائم المالية والاقتصادية في المغرب، باتت تشكل اليوم 10 في المائة من مجموع القضايا المعروضة على المحاكم، وهي جرائم تقوم على نهب وتبديد المال العام واستغلال النفوذ والسلطة للثراء غير الشرعي، وفساد الذمم، والتمتع بامتيازات غير قانونية
ورغم وجود مجتمع مدني حي وصحافة ناقدة، كان لها الفضل في إثارة الكثير من ملفات الفساد داخل المؤسسات والإدارات العمومية، إلا أن المغرب لم ينجح حتى الآن في القضاء على هذه الآفة التي تنخر اقتصاده.
وقد سبق لبعض هذه القضايا أن وصل إلى مجلس النواب وأسست من اجلها لجان للتقصي كشفت عن وجود اختلاسات مالية في المؤسسات المعنية. كما قامت الحكومة بدراسة بعض هذه الملفات، وقررت إحالة بعضها على القضاء.
إن إصلاح القضاء المغربي ومنحه ضمانات الاستقلال والنزاهة، كما أن اخذ تقارير المجلس الأعلى للحسابات على محمل الجد والعمل بها يشكلان المدخَـل الأساسي لمكافحة الفساد.كما انه لتحقيق نسبة نمو مرتفعة مرتبط بمدى جدية السلطات في التصدي لظاهرة الفساد التي تعطل كل مخططات التمنية الطموحة.
التعليقات (0)