آمن أم غير آمن؟..
يلفّك دفء بيتك وأنت ترقب من نافذتك البلّورية عربدة الطبيعة زبدا من الموج يتكسّر على صخور صلدة ليزداد عنادا وعتوّا،وأشلاء كائنات انفصلتْ عن جذورها أو حاوياتها فراحت تُحلّق بجناحي عاصفة هوجاء...لن تكون-حينها- في حالة هلع بحّار في زورقه الصغير ولا في حالة جزع عابر سبيل لا مخبأ يحميه...
تُرى هل في المشهد من عبرة؟..
أجل،ما دامت ترقب أحداثه وهي تُؤذي غيرك ولا تُؤذيك...
تُرى هل يعتريك شعور بمتعة الأمان،أم ينتابك قلق على غير الآمن؟..ثمّ إن كنت ممّن لا ينعم بنعمة الأمن ما دام غيره غير آمن هل تكتفي بالقلق عليه أم تفعل شيئا لأجله؟..
إن كنت في شقاوة غيرك تنعم،فهنيئا لك.ا..لكنّ الخوف كلّ الخوف عليك أن تضعك أقدارك في مواجهة مكروه-لا قدّر الله- لا تحتمله ولا تجد من يُخلّصك من براثنه...إن حالفك حظ الخلاص منه فهنيئا لك.
أما إن كنت في أمنك ونعيمك تشقى بخطب غيرك، فأنت تظلم نفسك بتحميلها هموم الآخرين...لكنّك تنعم بمتعة لا يعرفها غير من قُدّ من طينتك، وهي سعادتك في إسعاد الآخرين...إنها سعادة شبيهة بتلك التي لا يبلغها غير المتصوّفة ولا يُدركها غيرهم، لأنها تجربة ذاتية تُحلّق مع الملائكة...
وأيام الشعوب كالأفراد بعضها تنعم بأمن أوطانها ورخائها،وأخرى تفتك بها حروب أو تستهدفها آفات..."ودوام الحال من المحال"..."ويوم إليك ويوم عليك"...
أنت في بيتك آمن يلفّك دفؤه،لكنّك لا تستطيع أن تحجب عن عينيك غضب الطبيعة إلا إذا أغلقت نافذتك البلورية أو أغمضت عينيك وانشغلت بموسيقى صاخبة تصرف عن سمعك صوتا لا تريد أن تسمعه...ومن الأصوات ما يؤذي وأكثرهم إيذاء صوت ضمير يُوبّخ أو صوت البهتان يعلو على صوت الحقّ...
أما المؤمن فيستحضر قوله تعالى :"فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"...
هل نتّعظ؟
لكن،ترى هل خلقنا لأنفسنا أم لغيرنا؟..
عش حياتك آمنا،كما شاءت لك الحياة...لكن تحسّب من نكثها لوعدها...تَحسّبْ...بانشغالك عنها-أحيانا-بالانتصار لمظلوم ومواساة مهموم...لعلّك تقوى على فهم الحياة...
التعليقات (0)