آمان يا مصر مع المغناطيس
بقلم د صديق الحكيم
نعمة الأمن هي من أجل النعم التي امتن الله بها علي عباده وجعلها لازما من لوازم عبادته فقال سبحانه لقريش وهويخاطب نبيه صلي الله عليه وسلم (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)
فالأمن من الخوف نعمة عظيمة لا يعرف قيمتها إلا من حُرم منها ووظيفة الدولة الأولي هي أن تجعل مواطنيها في آمان من خوف أي خوف -لأنها أي كلمة خوف جاءت نكرة لتفيد العموم أي كل أنواع الخوف-
والأمن من الخوف أحد الحاجات الأساسية للإنسان في أي زمان ومكان كما ذكر عالم النفس الشهير أبراهام ماسلو في نظريته (هرم الحاجات) وقد عبرت عن ذلك في قصة الهرم الأزرق من مجموعة وادي القمر في الفقرة التالية: ( وبالمناسبة فالنسبة الغالبة من الناس فى بلادى يبدو أنهم غير قادرين على تجاوز هذا المستوى من الحاجات –يعني المستوي الأدني للحاجات الإنسانية -، وذلك مرجعه لظروف خارجة فى معظم الأحيان عن إرادتهم الضعيفة.
ردت أميرة تقصد ظروف من صنع الحُكام!
ـ نعم تماما لا فُض فُوك فالحُكام وخصوصا الضغاة منهم يريدون لشعوبهم أن تبقى على الدرجة الأولى لهرم ماسلو وربما ركلوهم بعيدا عن الهرم البشرى ليعيشوا بلا هرم أوأن ينافسوا الحيوان على هرمه.
ـقالت أميرة وهي تنظر لأخيها سامي من فوق نظارتها التي دحرجتها علي طرف أنفها : هذا تصريح لاذع جدا
ـ نعم فقد فاض الكيل فالحاكم المستبد يلعب فى حاجات شعبه الأساسية كالطعام والشراب والسكن الذى هو أهم مستلزم من مستلزمات الزواج
ويلعب المستبد على حاجة أساسية آخرى وهى حاجة تجنب الألم فيستعمل زبانيته فى الترهيب والضرب وزيارات الفجر المشهورة
وتنتشر زبانية المستبد على الدرجة الثانية من الهرم فتحفظ أمن الحاكم الطاغية وتهدر أمن الشعب المستضعف، وينهي سامي كلامه قائلا :لكن فى النهاية ما أروع ما سمعته من حبيبتى وهى تعلق على هذا الوضع المشين بقولها "لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا فالمصيبة ليست فى ظلم الأشرار بل فى صمت الأخيار"
إلي هنا انتهت هذه الفقرة المقتبسة من قصة الهرم الأزرق لنكمل بعدها الحديث عن الجهة المنوط بها توفير الأمن للمواطن وهوماكان يُعرف في مصر في السابق بجهاز أمن الدولة
يروي القيادي الإخواني الدكتور أحمد أبو بركة علي عهدته أن حسن عبد الرحمن – وفقا لما قاله له بعض معاونيه – إنه كان يتمتع بالسادية والاستعلاء وأنه كان يطرب كثيرا حين كانت تأتيه تقارير تتضمن انتهاكا أو اختراقا أو مصادرة لحق أو الاعتداء على كرامة إنسان أو آدميته، وكان يسعد أكثر برفع تلك التقارير لرؤسائه.وحسن عبد الرحمن لمن لا يعرفه هو رئيس الجهاز المنوط به أمن المواطن والوطن
ويضيف أبو بركة أن حسن عبد الرحمن كان يُطالب مساعديه بالبطش بكل من يُعارض النظام السابق ، مشيرا إلى ان التعذيب والقتل كان يمارس تحت عينه وبصره وبمعرفته.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه لماذا انحرف هذا الجهاز عن وظيفته الأساسية ،من أمن المواطن إلي أمن الفكر الجديد في الحزب البائد ؟ والإجابة بسيطة ومنطقية وقد قالها سبط بن التعاويذي شاعر العراق قبل مايربو على ألف عام
إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
والسؤال الثاني المحير بالنسبة لي هو :ما صدر كل هذا الجبروت الذي ظهر به جهاز أمن الدولة المنحل ؟ وما سر هذه القوة وما مصدر كل هذه المعلومات عن الشعب؟ وظلت هذه الأسئلة تؤرقني و لم أجد الإجابة الشافية إلا عندما قرأت بالأمس مقالا للكاتب الصحفي عادل حمودة
يقول حمودة ربما كانت القوة الحقيقية هي قدرة ذلك الجهاز على التنصت على الناس من خلال التسجيلات الصوتية على المكالمات وخلافه، مشيرا إلى أن ما كشف من وثائق خاصة بجهاز أمن الدولة المنحل يؤكد أنه كان هناك شركة ألمانية تسمى آمان كانت مسؤولة عن توريد أحدث أجهزة التنصت لجهاز أمن الدولة المصري المنحل.
وتطرق حمودة عن بعض الطرق التي كانت تستخدم في عمليات التنصت، مثل طريقة المغناطيس، حيث يتم برمجة عدد من الكلمات مثل مبارك، توريث، انقلاب .. إلخ، وفور أن يسمع جهاز الكمبيوتر المبرمج على هذه الكلمات أيا منها يتم تتبع الهاتف، مشيرا إلى أن عدد الضباط الذين كان مكلفين بالتنصت لا يزيد عن 40 أو 50 ضابط، ومن ثم ربما تكون هناك مبالغات بأن جميع التليفونات مراقبة أو وفقا للتعبير الفني التليفون مركوب. على حد قول حمودة.
ولفت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تستحوذ على أهم التسجيلات، مؤكدا أن الرئيس السابق مبارك كان يجري التنصت على مكالماته في بعض الأحيان بطلب من زكريا عزمي وموافقة حبيب العادلي. وقال حمودة إن اللواء مرتضى إبراهيم هو الذي كان مسؤولا عن (التنصت) التسجيلات، وظل نحو 15 عاما يقوم بهذا الدور، وكان الوحيد الذي كان له صلاحية الدخول على (وزير الداخلية الأسبق) حبيب العادلي وقتما يشاء.
ويصف حمودة حالة رئيس أقوي جهاز في الدولة بعد قيام ثورة يناير المجيدة إن الرجل (حسن عبد الرحمن) الذي آثار الرعب في نفوس المصريين والسياسيين جاء عليه الوقت ليكون مرعوبا سبحان الله كل هذا من أجل ماذا ؟ منصب زائل وكرسي هالك ، أين الآن الرئيس وابن الرئيس والعادلي وعبدالرحمن الكل خلف القضبان وغدا ربما كان المصير خلف الأسوار أو حبل عشماوي
هل نفعت شركة آمان يا مبارك ؟ وهل نفعت طريقة المغناطيس يا حبيب؟
الجمعة 5 رمضان 5 أغسطس 2011
التعليقات (0)