لسان حال المسؤول يقول (هذه مشاريعي وأنا أتباهى بها , وهي غدا لآخر يصلحها)
من مشاكل مجتمعنا .. إن التعامل يقوم على تصحيح الشكل وتزيين العنوان .. أما الحقيقة داخل القلب واللب فأمر ثانوي .. يقول المثل (كُلْ ما يعجبك والبسْ ما يعجب الناس ) قد يكون الأمر إلى هنا أمراً عادياً غير مهم .. ولكن .. هل أنتم معي أن الأجهزة الحكومية هي بشكل أو بآخر صورة من صور المجتمع , فهي مكونة منهم وهم منها , لذلك تجدنا مثلا إذا أردنا إنشاء مطار .. نعمل على ان يكون أجمل مطار في العالم " وتحفة الأنظار ".. وتستعمل فيه أفخم الأدوات , من رخام وزجاج ...الخ وتجده في النهاية شكلاً من غير مضمون عملي , لم يبنَ ليعيش ويراعي الظروف المستقبلية من زيادة عدد مستخدمين , أو التوسع أفقيا أو عمودياً .. إنما هو شكل ومنظر فقط ..للتباهي أكثر منه لأداء مهام عملية لأزمنه طويلة على الأقل بقدر ما صرف عليه من أموال.. جزء كبير منها ذهب إلي دراسات جدوى ثبت بعد فترة وجيزة أنها مخطئة !! خذ الطرق داخل المدن كمثال فيما يخص سوء التخطيط الذي يسبق المشاريع .. آلاف الملايين صرفت لشقها وآلاف أخرى على الدراسات !! أين تلك الدراسات من ما حدث في جدة , مدينة غرقت وتقطعت أوصال طرق شقت بآلاف الملايين , من يوما ماطر .! هو يوم عادي في كثير من مدن العالم , كذلك ما حدث في الرياض من سحابة الصيف , إني اعتقد ان المكاتب الاستشارية التي درست تلك المشاريع درستها في صيف جاف وتوقعت ان هذا الوضع أزلي لن يتغير .! وان أعداد السكان لن تزيد لان السعوديين أصيبوا بالعقم وبذلك لن يكون هناك تمدد عمراني .. سبحان الله.. هل تمت محاسبة تلك المكاتب والشركات الاستشارية , أو على الأقل هل استبعدت من دراسات مستقبلية ؟ طرق ضخمة الآن يعاد تصحيحها بعد افتتاحها بسنوات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ! سبحان الله ..إذاً هي آفة إرضاء الناس والتباهي بانجاز ناقص لم يدرس جيدا ولم يراعِ المضمون قبل الشكل والمنظر .. ان مطاراً مثل مطار جون كندي في أمريكا , ليس فيه رخام ولا أشكال جمالية .. ولكنه عملي رائع , وبتكلفه حقيقية تساوي ما تستحقه الحاجة الفعلية, وغيره كثير من المنشآت العملاقة في أنحاء العالم .
ان مشكلة إرضاء الآخرين والتباهي هي مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى .. طلب إعجاب الناس أساس .. بل أصبح عند البعض فقط للنجاة من نقدهم .. وأصبح الرياء عملة متداولة , وفقدت الفضائل أسسها النفسية .. هناك من يعرف الحق معرفة جيدة ثم يتركه لأن التقاليد السائدة ضده وهو مهزوم مرغم على المشي خلفهم كالهمل يساق سوقا ..إن الأجهزة الحكومية صورة لما نحمله من قيم اجتماعية .. فكل مسؤول يحمل المسؤولية يوما يستقر في خلده هذه المقولة ( اليوم هذه مشاريعي وأنا ربها أتباهى بها , وهي غدا لرب يحميها ويصلحها ).
إن المشكلة الآن تكمن في المستقبل , هناك الآن مشاريع جبارة تحت الإنشاء مثل مشروع سكك الحديد والميترو داخل المدن , فهل درست هذه المشاريع جيدا ؟ هل ستنجح إذا أصبحت حقيقة واقعة ؟ هل سيستخدمها المواطنون أو سيصيبها قانون العيب وآفة إرضاء الناس والتباهي ,, وعجبي
التعليقات (0)