آسف...
فقد أنكرتك يا أختي
في ذلك الوقت لم تكن خطواتي قد عرفت ذلك البلد العربي البعيد، حيث عاش أخي لسنوات طوال يعمل فيها. وقد اصاب بعض الحظ هناك، أحب البلد وربطته علاقات طيبة بأهلها.. لكن صديقه الأثير والذي اعتاد لقاءه اسبوعيا كان من رجالات بعض أجهزة الدولة..
جاء الصديق يوما لزيارة اخي في مكتبه. وبعد اول رشفة من فنجان قهوته سأل الرجل: هل تعرف حنان بكير؟ وبلا تردد او أدنى تفكير أجابه: انها اختي! لكنه استدرك بنوع من الريبة، كيف يعرف رجل السلطة هذا اختي! فسأله: لماذا؟؟
انها تكتب في احدى جرائدنا!
اطمأن قلب اخي، فاعتدل في جلسته، رفع ساقا فوق الأخرى، نفخ صدره مثل طاووس نفش ريشه لاغراء أنثاه، اخذ نفسا عميقا من سيجارته ونفث دخانها الى الأعلى نحو سقف الغرفة، قبل ان يتابع: اختي طول عمرها شاطرة وقوية و.. و.. وبدأ بكيل المديح والاطراء، وأغلب الظن انه بالغ وأضفى عليّ من الصفات ما هو ليس حقيقة!
انتبه اخي لشيء ما.. وماذا تكتب اختي؟
عن فلسطين والذاكرة الفلسطينية!
انكمش اخي على نفسه، لملم الطاووس ريشه المنفوش منكفئا على ذاته، احنى ظهره قليلا ، انزل ساقه اليمنى التي استراحت فوق الساق اليسرى، اخذ نفسا عميقا من سيجارته ونفث دخانها نحو ارض الغرفة التي اطرق بنظره نحوها، قبل ان يرفع رأسه نحو صديقه متظاهرا باللامبالاة: لا أعتقد انها هي اختي، فقد يحدث ان تتشابه الاسماء!!! انه مجرد " اسم على اسم" ليس أكثر!!
لكنها تكتب بشكل جيد وجميل! عقّب الرجل..
لا يهم، انها ليست أختي بالتأكيد!
ضحك أخي ملء شدقيه وهو يخبرني الحادثة على الهاتف.. وأضاف: انا الآن اضحك على نفسي ولكن الموقف في ذلك الوقت لم يكن كذلك ابدا! آه والله انكرتك ولو اضطررت لتبرأت منك.. أنا جدا آسف لذلك..
هوّن عليك يا أخي، فاذا كانت الرسل قد انكرت معلمها ثلاثا قبل صياح الديك، فما انت الا بشر، وانسان من العالم الثالث!!
أجبته لأهونّ الأمر عليه.. لكنه اضاف: " الله يخليكي يا أختي لا تخربي بيتنا، خلينا مستورين"
التعليقات (0)