آخر كلام قبل النوم......

الحقد والحسد نبتتان في صحراء الحرمان, والرضا والغبطة ثمرتان في حديقة الإحسان, وجائزة المحب تقدير الحبيب, وتضحيته في سبيل سعادته, وانصراف الحبيب عن حبيبه, جفوة تذيب العلاقة بعصير الحنظل وشراب المرارة. والإنسان وعاء للمتناقض من الصفات فهو أكبر المحبين, وأغدر الغادرين, وأصدق الأصدقاء, وأكذب الأعداء وعنوان النفاق, وسمير الرفاق, وخصم الأقارب, وعدو الأحباب, ورفيق العدو, وعدو الصديق, ولن يكشف الإنسان عن قلبه لأحد, إلا بقدر ما يريد ابتغاء تحقيق مصلحة, أو درءا لمغرم, أو لحب خالص نادر, أو لإسعاد من يحب, أو للوفاء لمن أحسن إليه, أو ليكشف عن شعور بالعرفان لمن قدم له معروفا, أو شعور بعدم الارتياح لتصرف غريب من شخص قريب, وما يخفيه أي شخص أكثر مما يظهر علي وجهه أو في تصرفه, لأن المقبول من الإنسان أقل مما يفعله, والذي يقر به أقل مما ينكره, والذي يستطيع فعله أكثر مما يفعله, وحبه مشكوك فيه إلا النادر مما يصدق فيه, وافتراؤه علي الناس إسقاط لما في نفسه, واجتراؤه عليهم تغطية لضعفه, أو بيان لغلظة قلبه وسوء خلقه, وأما من خلصت نيته, وطابق خلقه المحمود من القول والفعل, ورق قلبه للضعيف, وأخلص في عمله, وراقب ربه في السر والعلن, وحسنت أخلاقه بين الناس, وارتفع ذكره بينهم, وعلت همته في خدمتهم, وكان في السراء مهنئا وفي الضراء مواسيا, وفي الملمات عونا, وفي الشدائد سندا, فذلك ممن أحبهم الناس وقدموه علي من سواه وشهدوا له عند الله وهو ممن رضي الله عنهم وأعد لهم أحسن الثواب وأمنهم من العقاب وأدخلهم جنته بغير حساب.