مواضيع اليوم

آخر (صرعة) : الشباب والسعار الجنسي والمرأة الطريدة !!

تركي الأكلبي

2011-05-28 13:59:53

0

 

 

لم تكن تصورا خاصا ، تلك الحجة التي طرحها أحد الزملاء كأحد أهم الأسباب التي تقف وراء منع المرأة من قيادة السيارة ، مع تأكيده أنها لا تمثل رأيه الشخصي وإيماني بذلك لمعرفتي به ، فهي نتاج داء الوساوس المرضية المصاب به أغلب المؤيدون للبحث عن ذريعة تشرعن لمنع قيادة المرأة للسيارة ، وهي نتاج طبيعي للتخبط الذي يمنى به من لم يجد سببا مقنعا للآخرين يستند إلى نص ديني ثابت ، أو إلى منطقا لا يتعارض مع طبيعة الحياة البشرية .

وقبل الحديث عن هذا النتاج الذي ربما لا يكون الأخير أود أن أؤكد على أن"قيادة المرأة للسيارة" رغم كونها حق طبيعي للمرأة إلا أنها ليست أهم من غيرها ، وأن كانت مهمة لكثيرين بالنظر لحاجتهم الحقيقة لها .
ومع كل ذلك فأنا اعتقد أن قضية "قيادة المرأة للسيارة" زوبعة في فنجان تعاد إثارتها بين كل حين وآخر . وكان يمكن للمرأة السعودية أن تقود السيارة دون ضجيج . ولكن قضية قيادتها للسيارة لا تختلف عن غيرها من قضايا المرأة الأخرى كالعمل والتعليم من حيث هي الميدان الوحيد لآل " حميدان " !!!

وفي هذا الجانب من (الميدان) نجد أن المبرر الشرعي الذي يستند إليه منع قيادة المرأة للسيارة هو " سد الذرائع درءا للمفاسد " وهذا باب فقهي معروف يُعنى بالممنوع لكونه يؤدي إلى مفسدة وليس لأنه محرم في حد ذاته .
والذريعة التي تكون سببا شرعيا كافيا للمنع هي التي يغلب فيها اليقين على الضن في كونها تؤدي إلى مفسدة عامة .
وهي التي يؤدي منعها إلى نتائج إيجابية تغلب فيها المصالح العامة على المصالح الخاصة.
فما هي المفاسد التي ستؤدي إليها قيادة المرأة للسيارة على وجه اليقين ؟!!
وما هي المصالح العامة التي تتحقق من تطبيق المنع أو تنتفي في حالة عدم المنع ؟!

والثابت أن ذريعة منع قيادة المرأة للسيارة تستند إلى :
الشك - الظن – التخمين – التوقع – الآراء الخاصة – الاستنتاج المبني على وقائع فردية لا حكم لها . ثم التبرير لهذه الظنون بأعذار تثبتها وتدلل علها - أي أن هذه الأعذار والتبريرات لا تنفي تلك الظنون بل تثبتها – وفي الوقت نفسه تتنافى مع مقومات السبب الشرعي والعقلي الكافي للمنع أو الذريعة التي تؤدي إلى مفسدة مؤكدة .
ومن هذه المبررات والأعذار :
1- تعطل السيارة في الطريق العام .
2- المعاكسات عند الإشارات والميادين العامة .
3- تكرر خروج المرأة للسوق والأماكن العامة إذا أصبح بإمكانها قيادة السيارة بنفسها .
4- تصرف رجل المرور مع "السائقة" المخالفة لقواعد المرور .
5- هناك من ذهب لأبعد من كل ذلك فقال عبر منبره الشهير أن قيادة المرأة للسيارة سوف يوفر لها الإغراء اللازم للتفكير و- ربما الفعل – في الذهاب لأماكن الرذيلة حيث قد يدفعها إلى ذلك ذهابها إلى الأماكن العامة . بل هناك من دعا إلى إصدار حكم " الشارع" على المرأة في الشارع بالجلد أن ساقت سيارتها علنا ، وهناك من اعتبرها مجرمة تمارس جريمة أخلاقية فهب للاحتساب بإبلاغ الهيئة ، وهناك من حذر المرأة أن تجرأت و"ساقت" سيارتها في الشارع من انقضاض مؤكد ينتظرها .. أبطاله السباع والضباع الجياع المختبئة في جلود الشباب السعودي ..!!!

ومن هنا وقع الكثيرون في أخطأ كبيرة من حيث يدرون أو لا يدرون . وهي على النحو التالي :

لنبدأ أولا بالمبرر الخامس " فنقول :
هذا بلا شك طعن في أخلاق المرأة السعودية وكرامتها واعتدادها بنفسها وتربيتها وقدرتها العقلية والتربوية المكتسبة على التحكم في غرائزها الجسدية ودوافعها العاطفية مهما بلغت من العلم والسن والرشد كفرد سوي . وهو بلا شك تقليل من دور الوازع الذاتي والديني والتربوي .

وفي كل ذلك إغفال وتجاهل للدور التربوي للمجتمع والمؤسسات التربوية . وفيه تشكيك صريح في دور رجال الدين والوعاظ بعدم التأثير الإيجابي في المجتمع بما يحقق الرقي الأخلاقي المستمد من الثقافة الإسلامية والقيم الدينية . وفيه تشكيك في دور الهيئات الدينية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعمل الأنظمة الرسمية والاجتماعية للمحافظة على الفضيلة .. !!
بل هو إقرار واضح بفشل كل المؤسسات الدينية والتربوية والاجتماعية في تنمية السلوك الحضاري والتزام أفراد المجتمع بالقيم الدينية والاجتماعية ، أو على أقل تقدير تحجيم الانحرافات السلوكية فلا تشكل ظاهرة اجتماعية تتخذ ذريعة للمنع أو يوسم المجتمع السعودي !!

ثانيا : اعتقد أنه غاب عن البعض أن هناك أربع حالات متساوية في الحكم والظروف وفي احتمال تعرض المرأة لبعض المبررات السابقة ما عدا ( تعطل السيارة ) و( تصرف رجل المرور مع السائقة المخالفة ) وهما جزئيتان ليستا مستعصيتين على الحل !
وهذه الحالات الأربع المتساوية في الحكم والظروف هي :
1- قيادة المرأة للسيارة بنفسها وبمفردها .
2- سير المرأة مشيا على الأقدام بمفردها .
3- استخدام المرأة سيارة الأجرة بمفردها أو ركوبها مع سائق ليس له أمر عليها ولا نهي !.
4- استخدام المرأة لأي وسيلة نقل أخرى بمفردها .

وبما أن هذه الحالات الأربع متساوية في الحكم والظروف وفي الاحتمالات لوقوع أي من "المبررات" الخمس السابقة بناء على (النظرية الظنية) فأن السؤال الذي يفرض نفسه هو :

ما لم يكن في السيارة التي تقودها امرأة عنصر ( جاذبية مغناطيسية للرجل ! ) ألا تؤدي كل حالة من هذه الحالات الأربع إلى المفاسد المتوقعة في حالة قيادة المرأة للسيارة بنفسها ؟!!!

ثالثا : أود أن أؤكد على أمر مهم وهو أن هذه الحالات الأربع متساوية في الحكم والظروف والتوقعات والنتائج سواء كانت إيجابية ناتجة عن الثقة والالتزام بالقيم أو سلبية ناتجة عن التخوين وانعدام الثقة و( الإنسداح ) أمام المغريات والإغراءات . لذلك فأن ما يمكن أن يترتب على قيادة المرأة للسيارة بنفسها من نتائج سواء كانت إيجابية أم سلبية يمكن أن يترتب على سيرها على الأقدام أو ركوبها مع سائق أو سيارة أجرة أو استخدامها لأي وسيلة نقل أخرى قديمة أو حديثة !!!

وفي الختام يبدو أن كل المبررات السابقة لتأييد المنع لم تجدي نفعا كأسباب مقنعة لشرعية الذريعة فأضيف إليها مؤخرا مقولة : "بعض شبابنا مصاب بالسعار الجنسي ، وقد تحولوا إلى مطاردين للمرأة" !!
وأقول : أن صحت إشكالية "السعار" هذه فتلك مصيبة أخرى ، وهي قضية تعني أن هناك خلل أكبر من مسألة عدم نجاح الخطاب الوعظي التدييني المكثف ، وعدم نجاح المؤسسات التربوية ومناهجها ومقرراتها في تحقيق أهدافها ، وكذلك جهود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهو خلل لن يقلل منع المرأة من قيادة السيارة بنفسها وركوبها بدلا من ذلك مع السائق الأجنبي من نتائجه السلبية الكثيرة وآخرها (السعار الجنسي) !!!

تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !