مواضيع اليوم

،، جـُـوع .. ! ،،

عنود عبيد الروضان

2009-07-18 17:27:16

0

 

 

:

أحيانا حين نتحدث حول عواطفنا الصالحة .. و عن خروج الإنسانِ عن نصِّ الحياةِ و إن كان على قيدها ؛ نعودُ إلى أنفسنا .. وحدنا ؛ نجدُ أن ما تعدُّهُ الأصابعُ من احتمالاتٍ لهذا الخلاف المتواصل مع الرضا إنما هو سدٌّ لفراغِ الأيام الطويلةِ التي تفتعلُ الألم ؛ الألم الذي قال عنهُ بسام حجار بأنه :

" حينَ يجفُّ الحلقُ ولا عطش ؛
! حين يرفُّ جفنٌ ولا يزولُ الغبشُ في صورتنا " .

لأننا نقعُ في فقاعات أحزاننا التي لا تنفجر .. ونسرحُ في مدى الرحيلِ لا مدى البقاء ؛ ونختلسُ استياءنا بأمزجةٍ متموجة .. حين نملكُ كل شيءٍ ؛ لا ندري بأن جُلّ الأشياء ليست إلا إضافاتٍ مملولة .. وأنَّ نظرنا نشيحهُ عن الأقربها نفاذاً عبر شفافية الروح !

قل للموتِ بأن يفسرَ غايتك .. ذلك الذي لن تحتاجهُ قبلَ أن يفكَّ طلاسمَ رغبتهِ ؛ و يرفقَ بحلمكَ .. بجهتكَ الهادئة .. بأولئك الذينَ يجلبون معهم هواء صدركَ .. ويصقلونَ الضوءَ العابرَ في ماءِ عينيكَ ؛ قل لهُ بأن يلطفَ بهِ .. وبها ؛ لا بجسدك فقط !

ثمةَ سرٌّ لا يُقالُ – إلا سراًّ – يحتكمُ في عزلتهِ إلى القلب ؛ حينَ تفنى التفاصيل العابرة .. يكشفُ عن نفسهِ إذ لا أحدَ يمحو طيفهُ بوحشيةٍ .. ليندمجَ كلونٍ ثانوي بالغياب ؛ هذا السرُّ الذي لا يرتبُ هندامهُ .. ليستلطفهُ آخرون ؛ إنْ هو إلا يقظةٌ صافيةٌ لكل ما تسلقهُ الغضبُ وألهاهُ بالضجيج ؛ ضجيجُ الخطى الخشبية .. ووقْعِ الأفكار المنهارةِ .. وتكسِّر الرحمة !

كل ذلك ليسَ بمنأى عن لحظةٍ تأملتُ فيها ( جوعهما ) فقط .. شعرتُ بأنَّ يديَّ قد ترتجفانٍ وتسقطُ وردةٌ لأنني أعرفهما تماماً .. لهما عيناي وشفقتي الضارية التي ترهقُ صمتي ؛ لهما صوتي الذي قد يدندنُ به عصفورٌ .. لهما خجلٌ من بقعِ العالم .. تلك التي بقيت آثاراً من حفلات البشرية المتسخة !
ليس من مكتفٍ يقولُ بأن " الجوعَ هو أنا " كما قالت أميلي نوثومب ؛ هذه الحالةُ المنتهيةُ بلذةِ التحقق لا بلذة " الشبع " ؛ هذا المصيرُ الفاصلُ بينَ الرغبة والخطيئة ؛ رغبةُ البقاء .. وخطيئة الحاجة !
فتاتهُ المتساقطُ من الوهم .. لا يرممُ وجعَ الروح ؛ ولا يعلمُ غريباً كيف ينتحرُ وشدةُ الضوءِ في جهةٍ مجهولةٍ قد تفضحُ يأسهُ على افتراضٍ الأمــلْ !

هذه الصورةُ مفصولةٌ عنا !

أن نشعرَ لا يعني أننا نخفي ندوبَ اللحظةِ ؛ أن يفترسَ الوقتُ وجودنا ونحنُ نراجعُ اغترابنا ؛ نحن الذين نحبُّ كما لو أننا نسلِّحُ قلوبنا بانتظارِ مشهد النهاية المأساوي .. ونعطي حتى أننا ننتظرُ كل شيءٍ في لحظةٍ مستحيلةٍ كفيلةٍ بأن تقلبَ ذواتنا كما ينقلبُ الثوبُ .. ويرتديه الجنون !
مُتكافئون في جهاتنا المتعاكسة فقط ؛ كثيراً ما تجاملنا المشاهد التي تسيّرها الظروف ولا ندري بأننا لسنا في مكانٍ آخر من الوحشة ؛ لسنا في هذا الركن الذي يُحني جسدَ طفلٍ قبلَ أوان " انحناء فرحه " !!
:
نظرتُ إليهما وأنا أعترف بأنَّني لم أحمل لهما رغيفاً .. لكنهما حملا لي صورة ( الجوعِ ) حين لا تكونُ ترفاً !

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !