مواضيع اليوم

،، ثقافةٌ .. مُقـنَّعة ،،

عنود عبيد الروضان

2009-06-24 17:29:08

0

 

 

 

- زاوية أخيلة الأسبوعية -

- جريدة الرأي العام الكويتية -

الأربعاء 24 / 6 / 2009 م

 

رغم افتراض الكثيرين أن النظر إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها الأوساط العربية يمنع الخوض في مسألة تردي حال المؤسسات الثقافية .. كما أنه يؤخرُ أو يجمدُ حراكها المستمر إلا أن مشكلة الثقافة هي مشكلة قد تتأثر بكل ذلك ولكنها مستقلة بأسبابها .. حتى أنها أحيانا تبدو وكأنها " ثقافةٌ " في ظاهرها لكنّ المتوهمينَ بأنهم مثقفونَ لم ينتجوا للوعي الإنساني حتى في محيطهم سوى أسمائهم التي تُجدول في الفراغات .. و التي شغلت حيزاً من " البريق " على حساب منتجٍ فكري وعلمي لمبدعينَ مُغيّبينَ لم تحتفِ بهِم الظروف والصفحات .
أن نميزَ مفهوم الثقافة .. فعلينا أن نكون قادرينَ على مزاوجة القيم بالأخلاق.. بالمعرفة .. بالتراث الإنساني .. بالذوق الفني ؛ بالشعور الأرفع بمنزلة الآخر كعنصر له قناعاته وأفكاره دونَ أن يخضعَ لتقديراتنا الذاتية المحدودة .. ودون أن يكونَ نداًّ علينا أن نتخلصَ من وجودهِ .. لا أن نقابلهُ بما نمتلكُ من وعيٍ ونصنعُ معاً رؤيةً كاملةً لهذه الحياة بأوجهٍ مختلفةٍ يستطيعُ المتأمل لها أن يميزَ خيارهُ .. ويعتدَّ بسلوكه الإنساني الذي يحترمُ بهِ وجوده والآخرين .
لا زال كثيرٌ من المضللينَ يتوهمون بأنَّ المثقف هو من " قرأ كماًّ من الكتبِ " .. بينما استعصى عليه ترجمتها سلوكاً أو رؤية مستقلة .. أو أنهُ قرأ كتاباً وظلّ يرتلهُ في كل مكانٍ وزمانٍ ليتوقف هناك . ولا زال آخرونَ يتصورون بأن الشهادة الأكاديمية قد تصنعُ شاعراً أو روائياً .. أو ربما عالماً فذا ؛ حتى أن الواقع لازال يحملُ عبء أسماءَ تورطت بها الثقافة والأدب من بابِ أن صكوكَ الإجازةِ قد مررتهم إلى المشهدِ .. وما أسوأ أن يكونَ المشهدُ رمادياًّ في مخيلةٍ ملونة .
من ينتقدُ كلّ ذلك .. سيخرجُ عن ملةِ حقيقتهم ؛ هذه الحقيقة النسبية التي ارتأت أن تجعلَ من الأنماط المذهبية والسياسية نموذجاً باطناً لكل سلوكياتها ؛ .. التي قسمت الحياة إلى طوائف لا يعرفُ بها بعض المثقفينِ سوى أنهم سقف الثقافةِ وفق مفاهيمهم .. لا يلتقي بها وعي الشاعر .. بوعي الفنان الذي يحملُ لوحتهُ كقصيدة ؛ ولا يستشرفُ بها المتأملُ ما سينجزهُ الوترُ في روحهِ بعد أن يكشف العازفُ فكرتهُ .. ويرتفع !
لا زال هناك من تنقصهُ الشجاعة الأدبية ليعترفَ بأن الثقافة ليست حكراً على أهوائـه الخاصة .. ولا ضحية السلطات بمختلف توجهاتها بقدر ما كانت أحيانا صيدا سهلاً " للمستثقفين " الذين يترفع حاملو الرسالة والحالمون عن مباركة فشلهم الفادح !
الثقافة بحاجةٍ إلى ثقافة ؛ ثقافة ألا نخادعَ تقديراتنا و قناعاتنا كي نجاملَ على حسابها العابرين خارج الذاكرة الإنسانيةِ ذات إنصـاف !

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !