على عتبة الذكرى الأربعين من نكبة الشعب الحضرمي ظهرت أخيراً النزعة التي لطالما انتظرناها ، نزعة إرادة امتلاك الحق ، وما حق أعظم من حق الوطن المصلوب بين صلبان بالية سميت غدراً وزوراً وبهتاناً باليمن وما حضرموت من اليمن ولن تكون ...
كشفت المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت / حتوم جزءً من المبهمات ، وبالمناسبة فللحضارمة مع الرقم أربعين علاقة خاصة ، فنحن على عتبة الذكرى السنوية الأربعين ، وحتوم تضع بيانها التأسيسي بعد أربعين يوماً من اعلانها الأول متوافقة مع الأربعين لمظاهرات الفاتح من سبتمبر المجيد .
ونبقى مع ما كشفته المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت فالمبدأ الذي افتتحت به بيانها وختمته واضح جلي يتمثل في ( استقلال حضرموت ) ، مبدأ بالتأكيد يضع هذه المنظمة ومعها ملايين الحضارمة وحتى المحيط الإقليمي والعالمي في إطار تجاذب مهم متى ما وجد المحيط بحضرموت ما يدفع بحق الدولة المغتصبة من انتهاكات إنسانية ، وممارسات يرفضها القانون الدولي ، وعلى هذا فأن المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت عليها أن تجمع ملفات إدانة دولة الاحتلال اليمني وتستحضر تحركاتها في الإتجاهات الصحيحة لتغذي حق الاستقلال بواقعية يمكن معها تحقق الغاية والهدف المنشود ...
حق الاستقلال الحضرمي يبدو ورقة سقفها أعلى بكثير من كل الحركات والتجمعات سواء العاملة ضد دولة ما يسمى الوحدة اليمنية أو الأحزاب المنطوية في إطار الدولة اليمنية ، فالمنظمة الوطنية لتحرير حضرموت وهي تطرح حق الاستقلال الوطني الحضرمي تأصل تأصيلاً للقضية الحضرمية غير مراعية للتحولات والتغيرات السياسية الكبرى التي نجمت خلال أربعين عاماً أدخلت فيها حضرموت في حقبة أولى هي الحقبة اليمنية الجنوبية من خلال الفترة من 30 نوفمبر 1967م وحتى 22 مايو 1990م ثم الحقبة الوحدوية اليمنية فيما بعد 22 مايو 1990م ، أي أن العودة لما قبل 30 نوفمبر 1967م يعني الحاجة للتمسك بمشاريع سياسية لم يكتب لها النجاح سابقاً في إطار تحقيق غاية الاستقلال الوطني ، أي أن إطار العمل السياسي يستدعي قراءات نقدية لتلك المشاريع الوطنية الحضرمية بروح متجددة آخذة من مضامين الماضي العبرة والعظة ...
ولعلنا نتوقف ملياً هنا في حق الاستقلال الحضرمي في مقارنة عابرة مع ما يردده الآخرين من حقوق مبهمة معتمة ، فحق تقرير المصير لا يحق الجزء الرئيس في أحقية الحضارمة لذا فأن الأخوة في المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت / حتوم عبروا بكل دقة عن المطلب السياسي وإن كان حاداً وعالياً ، حتى وإن أحاطت به الشكوك في تحقيقه لصعوبته في الفهم السياسي ، الفارق بين تقرير المصير وبين حق الاستقلال فارق يعيد الأمور إلى نصابها من حيث التأصيل ، فالآخرين ينتمون فعلياً لجغرافية اليمن بينما حضرموت لا تنتمي لهذه الجغرافية مسنودةً بالتاريخ الحضاري والسياسي الذي يدفع بالحضارمة أن يتمسكوا بحق دولتهم وسيادتهم على أرضهم ...
المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت ولدت في الداخل الحضرمي ، تجربة مكررة لتجربة المناضل السياسي عمر باعباد يرحمه الله والوارد ذكره في البيان التأسيسي ، التجربة مكررة بالمعنى والمفهوم ، فالمشروع الأول الذي طرح من جهة عمر باعباد يرحمه الله جاء وحضرموت خاضعة للانتداب البريطاني ، والآن يظهر ذات المشروع وإن كانت الواجهة القومية قد زالت وحلت مكانها عبارات دينية تحاول ملامسة الراديكالية غلا أن التطابق واحد مفهوماً وعمقاً فالاستعمار الحاضر استعمار يمني يفرض على حضرموت الخضوع لآلياته ومفاهيمه ومسوغاته ، حالة اليوم لابد وأنها تختلف فقط في أن الداعم للمنظمة الوطنية لتحرير حضرموت / حتوم لابد وأن يكون داعماً خارجياً يتمثل أولاً في سياق المهجر الحضرمي الذي يجب عليه أن يستدعي الذاكرة الزمنية بعدم خذلان هذا المشروع والإحاطة به جيداً واستدراك الاخفاقات السابقة لتهيئة الأرضية لنجاح المنظمة على الأقل في دورها الاجتماعي على أساس أنها مجرد تكتل حضرمي متشعب في أعماله ...
الميلاد السري داخلياً ، والميلاد العلني عبر شبكة الانترنت العالمية ، موضع من مواضع القوة ، فلطالما أخفقت الحركات السياسية وغيرها في المجتمعات العربية المتعسكرة مع كشف وجهها للداخل فتتعرض باستمرار إلى ضغوط الاعتقال والتهميش والازدراء ، ولكن هل قوة الخارج تستطيع إثراء الحركة معنوياً وعملياً في الوطن المحتل ..؟؟ سؤال كبير يصعب الإجابة عليه إلا بتحقق النزعة الذاتية لدى الحضارمة في الداخل والمهجر على الخروج من الآليات العمل السري في وتحقيق مفهوم مؤسسات الرعاية الاجتماعية لأدوارها الحقيقية عبر منافذ صريحة الاسم والعمل ، فخلال التجربة الحضرمية وتحديداً الحقبة الاشتراكية عرف الحضارمة كيف يتواصلون مع موطنهم من خلال العمل الاجتماعي السري ، كل في منطقته وبلدته ومدينته أي داخل محيطه الضيق ، في تلكم المرحلة السياسية الصعبة كانت فرص العمل ضيقة والتعامل حذر ، وهو ما حقق في تلكم المرحلة المذكورة نجاحات على الأقل أحكمت حضرموت من خلال المهجر الحضرمي وهو ما حد من التغلغل الشيوعي في حضرموت إلى حد كبير ، يضاف إلى ذلك الدور الاستراتيجي الذي لعبته القبائل الحضرمية في تعاملها الدقيق مع تلكم الحقبة .
هذا يعني أن على الحضارمة أن يستبدلوا الطرق والأعراف المعمولة بها خلال الأربعين سنة المنصرمة وتحديثها عبر بناء جدران محصنة من الثقة في الداخل الحضرمي الذي عليه أن يعمل على الخلاص من بقايا التعاليم الماركسية واليمنية على حد سواء وذلك بإثراء المنهج الديني الصحيح وازدراء المفاهيم الباطلة من رشاوى وتناول للقات وغيرها مما أقحمه الاحتلال اليمني في حضرموت ...
من المهم جداً النظر إلى أن البيان التأسيسي للمنظمة الوطنية لتحرير حضرموت قد مدت يداً للأخوة في الجنوب العربي ، وقد أحسنت صنعاً بتأكيدها لمفهوم الجنوب العربي بعيداً عن اقحام اليمن الجنوبي أو جمهورية اليمن الديمقراطية في هذا الأتون ، موقف جليل محسوب للمنظمة الحضرمية لابد وأن يقابل بكثير من الاستحسان نظراً لأن الجنوبيين في ( عمومهم ) يعمدون على إقصاء الفكرة الحضرمية لإدراكهم أن لا جنوب بغير حضرموت ، لذا فأنهم يتعمدون الإقصاء للفكرة الحضرمية ويعتبرون أن الارتكاز على نتائج حرب صيف العام 1994م هو الطريق المحقق لغاية الانفصال وهو ما سيعيدنا ويعيدهم إلى حكم يماني آخر تحت راية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهو أمر مرفوض جملةً وتفصيلا وتحت أي ذريعة كانت لا يمكن القبول بهكذا نتائج وتأويلات ، هنا على الجنوبيين واجب مراجعة الذات ومحاسبتها فلن يقف معهم من أحد كان على هذه الأرض بمنهجية عقيمة أرهقت وأزهقت الجميع تحت دلائل باطلة لم تنجب يوماً ثمرة يانعة ...
القادم .. بإذن الفرد الصمد
لنا في اسكتلندا وايرلندا الشمالية وحتى بورما والهند وفلسطين وغيرها من الشعوب المضطهدة والمستعمرة أمثلة ، فنحن على ديمومة وصيرورة الحق الحضرمي متفقين ، هذا الحق الوطني الذي خرجت له المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت / حتوم من داخل الوطن تعلن هدفها الصريح بتحقيق غاية الاستقلال الحضرمي على التراب الحضرمي ، هذا المطلب لن يتحقق من خلال بيانات ، ولن يتحقق من خلال إدعاءات ، ولن يتحقق من خلال أمنيات ، بل سيتحقق من خلال أعمال وأفعال ، في هذا الإطار وحده لابد للشخصية الحضرمية أن تحضر وتستحضر ذاتها في موطنها ومهاجرها كلها ، فالصبر والمصابرة والأمانة والشدة على أحوال الزمن ومتغيراته لابد وان تستحضر ذاتها في مجال هذا الوطن لتحقيق هدفه المنشود بالاستقلال ، الشخصية الحضرمية هي الرهان السياسي والاجتماعي والاقتصادي في حركة النجاح لتحقيق الغاية الأسمى والأعلى ، لا تنتظروا استقلالاً في يوم غد أو بعد غد بل انتظروه متى ما ألتف الحضرميين جميعاً تحت راية واحدة وهدف واحد ، متى ما تعامل الجميع وفوق قانون أن الخلاص من اليمن يعني الحضور الحضرمي في هذا العالم ، حضور طبيعي لوطن لم يكن له أن يغيب إ بمؤامرات ودسائس ، وطن سيكون لحضوره تأثير يجب علينا أن ننميه في الأجيال الحضرمية جيلاً يعقب آخر
التعليقات (0)