مواضيع اليوم

( اتفاقية وادي عربه ) أن الاوان لالغائها

حسن الطوالبة

2012-04-08 14:47:33

0

 " ارض وكرامة ـ الاسبوع العالمي لمقاومة الاستعمار والفصل العنصري الصهيوني" .

 

 موضوع العنوان هو نشاط  سنوي يتضمن مجموعة من الانشطة والفعاليات التي تقام في شهر اذار من كل عام في العديد من مدن الاردن والعالم , ومن المفروض ان يصل النشاط الى 110 مدينة في الوطن العربي والعالم هذا الام  . يهدف الاسبوع للمساهمة في المعارضة الدولية لنظام الفصل العنصري في اسرائيل , ولدعم المقاطعة والعقوبات عليها , ولدعم المطالبة بالمساواة الكاملة للعرب في داخل الخط الاخضر , اي في فلسطين عام 1948 , وكذلك هدم جدار الفصل العنصري , وحماية حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم التي طردوا منها بالقوة والعنف عامي 1948 و 1967 . وتتجسد عنصرية الكيان الاسرائيلي  في القانون الذي ناقشه الكنيست في تل ابيب عام 2009 , وهذا القانون يشترط للحصول على مواطنة اسرائيلية بالتوقيع على تصريح ولاء لدولة اسرائيل كدولة " يهودية " وصهيونية , والولاء لرموزها وقيمها , وفرض مشروع القانون على كل مواطن واجب الخدمة في الجيش .

ما يميز عنصرية  الكيان الصهيوني غير ما ذكر هو انه اقام في زمن فائت علاقات وطيدة ومتنوعة مع النظام العنصري في جنوب افريقيا , وفي ذاك الوقت ادان العالم ذاك النظام العنصري , ولكن العالم الغربي لم ينبس ببنت شفه ضد الممارسات العنصرية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد العرب بعامة وضد الفلسطينيين بخاصة  , ومن يرصد اقوال زعماء هذا الكيان وحاخامات اليهود يلمس العنصرية النتنة ضد العرب والشعوب الاخرى . ورغم كل ما قدمته الرسميات العربية من تنازلات امام هذا الكيان الا انه يواصل سياسته العنصرية , وينفذها بالقوة المسلحة , وباستخدام الاسلحة المحرمة دوليا مثل قنابل  الفسفور وقنابل النابالم واليورانيوم المنضب .

اتفاقية وادي عربه :

وقعت اتفاقية وادي عربه في 28/10/1994 في مكان بين الاردن وفلسطين المحتلة اسمه وادي عربه , برعاية امريكية زمن حكم الرئيس بيل كلنتون . وقد وقعت تلك الاتفاقية في ظروف نالت من الصمود العربي , واشاعت اليأس في نفوس الكثيرين , وصار اعتقادهم ان لا سبيل امام العرب غير الاعتراف باسرائيل وحقها في الوجود , رغم ان وجودها كان في غفلة من الزمن , وفي وقت كان العرب ضعفاء خارجين من سيطرة الحكم العثماني الى الوقوع تحت الحكم الاستعماري الغربي , وخاصة بريطانيا وفرنسا , والكيان الذي اوجده الغرب في قلب الوطن العربي هو ضمن مشروع بريطاني لمنع التفكير في الوحدة العربية . وما زلنا نذكر تقرير لجنة " كامبل بانرمان " رئيس وزراء بريطانيا ورئيس حزب الاحرار , التي كانت مهمتها دراسة مستقبل المنطقة العربية عقب زوال الحكم العثماني , اي قبل نشوب الحرب العالمية الاولى , وقد اصدرت اللجنة تقريرا واسعا بعد اجتماعات استمرت لسنتين 1905ـ1907 , وجاء فيه حول المنطقة العربية " ان المنطقة الواقعة جنوب وشرق البحر المتوسط يقطنها شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ واللسان والامال وكل مقومات التجمع والترابط والاتحاد ," واذا ما توفرت لهذا الشعب مقومات النهضة فسيكون ذلك ضربة للنفوذ الغربي قي المنطقة , وعليه قررت اللجنة : " وجوب تقسيم المنطقة الى دول صغيرة تتنازعها الخلافات قدر المستطاع " و " العمل على زرع كيان يفصل الجزء الشرقي عن الغربي للعرب بحيث يكون هذا الكيان قوة معادية للكيانات الصغيرة في هذه المنطقة الحيوية للتجارة الدولية .

ما ورد في ذاك التقرير " تقرير لجنة بانرمان " قد نفذ بالحرف , فقد ابرمت بريطانيا وفرنسا " اتفاقية سايكس ـ بيكو " عام 1916 , قسمت بموجبها المشرق العربي بينهما , رغم وعودهما للشريف حسين بن علي زعيم الثورة العربية الكبرى , باقامة دولة عربية موحدة في المشرق العربي , مقابل وقوفه مع دول الحلفاء ضد دول المحور ومنها الدولة العثمانية . كما عملت بريطانيا على اصدار وعد " بلفور " 1917 , الذي منح اليهود حقا لا يملكونه في فلسطين والادعاء ان هذه الارض ليس فيها شعب . وبرعاية بريطانية مخلصة تمت الهجرة اليهودية الى فلسطين وسهل الانتداب البريطاني هذه الهجرة , كما سهل لليهود السيطرة على الارض العربية بالقوة والاغراءات المالية , لاقامة المستوطنات فوقها .

جاء توقيع معاهدة وادي عربه بعد اتفاقية " كامب ديفد " مع مصر السادات , وبعد اتفاقية " اوسلو " مع منظمة التحرير الفلسطينية , وبعد العدوان الثلاثيني على العراق 1991 , وبعد مؤتمر مدريد 1991 , الذي جاء عقب حصار العراق واخراجه من حلبة المواجهة الفعلية مع الكيان الصهيوني , بحصاره بحريا وجويا وبريا , بحيث قتل الحصار الاقتصادي قرابة نصف مليون طفل ومسن جراء نقص الادوية والغذاء . ومن الواضح ان الذين وقعوا على الاتفاقية لم يكلفوا انفسهم العناء لقراءة نصوصها قبل التوقيع , ومعرفة ما تخفية من نصوص مجحفة ضارة بالاردن امنيا واقتصاديا وثقافيا . اي ان الظروف التي اشرت اليها باختصار شديد هي التي املت عليهم توقيعها تحت امنيات اشبه باماني الاطفال الذين يحلمون باقتناء ما يشتهونه من لعب .ويبدو ان الموقعين ارادوا ان يثبتوا للادارة الامريكية انذاك حسن النية ازاء العدو الصهيوني , لعل وعسى ان يتحول " الثعلب عن مكره " و " الحرباء تغير من لونها " . بدليل ان بعض الانباء التي تسربت , ان بعض الموقعين على المعاهدة  وقعوها دون قراءتها , وهذا يؤشر الاملاءات الخارجية والضغوط التي مورست عليهم .

قراءة في النص :

جاء في المقدمة ان الاتفاقية تنص على اقامة " سلام دائم وشامل مبني على قراري مجلس الامن الدولي 242 و 338 بكل جوانبهما " , ويبدو ان هذا النص جاء منفردا عن بنود المعاهدة الاخرى , اي ان السلام قائم بمجرد ان توقع  , وليس بعد تنفيذ بنودها  في ضؤ قراري مجلس الامن الانف ذكرهما , اي بعد انسحاب الكيان الصهيوني من الاراضي العربية المحتلة الى ما قبل الخامس من حزيران 1967 , واقامة دولة فلسطينية على اراضي الضفة الغربية بكامل حدودها الموثقة لدى الامم المتحدة .

والسلام الذي نصت عليه الاتفاقية يعني ايضا " انهاء حالة العداء "  مع الكيان الصهيوني , وهذه العبارة اوسع في المضمون من انهاء حالة الحرب بين طرفين , وانهاء حالة العداء يعني تطبيع العلاقات ثقافيا واقتصاديا وسياسيا . والسلام وانهاء حالة العداء يطبقان فور توقيعالمعاهدة , وليس بعد تنفيذ بنودها . وهذا استغفال ما بعده استغفال . بل هو املاءات قسرية على طرف ضعيف ومهزوم .

الاراضي المستعادة :

نصت الفقرة الاولى من المادة الاولى في  المعاهدة على تحديد الحدود الدولية بين الطرفين على اساس " تعريف الحدود زمن الانتداب البريطاني , وليس على اساس قراري مجلس الامن 242و338 , الذين اعتمدتهما المعاهدة في مقدمتها كأساس استندت اليهما كمرجعية شرعية لها . اضف الى ذلك ان الضفة الغربية قد احتلت عام 1967 وهي جزء من الاردن اعتبارا من عام 1950 , وقد اعترفت بريطانيا بهذا الاتحاد بين الضفتين انذاك  , والتنازل عن الضفة الغربية بموجب معاهدة وادي عربه يعد مخالفة للدستور الاردني الذي ينص في مادته الاولى على ان المملكة الاردنية الهاشمية دولة مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيئ منه , والشعب الاردني جزء من الامة العربية " . وكانت حجة الحكومة الاردنية انذاك هي قرار فك الارتباط القانوني والاداري الذي اصدره الملك الراحل حسين عام 1988 في خطاب سياسي , والخطاب لايعد بمثابة قانون .

هناك منطقة اسمها " الرشراش " هي جزء من اراضي الاردن بموجب حدود الانتداب البريطاني التي اعتمدت في ترسيم الحدود بين الاردن والكيان الصهيوني , واراضي الرشراش احتلتها القوات الصهيونية عام 1949 , وانشأ عليها ميناء ( ايلات ) على البحر الاحمر , وقد احتج الاردن انذاك على هذا الاحتلال بمذكرة رفعها الى الوسيط الدولي ( رالف بانش ) . اما منطقة ( الباقورة ) الواقعة في شمال الاردن على ضفة نهر اليرموك التي قيل انه تم تحريرها , فقد احتج الكيان الصهيوني على كلمة التحرير , الامر الذي اضطر الاردن الى تغيير كلمة التحرير بكلمة " المستعادة " . والارض المستعادة تبلغ مساحتها ( 830) دونما من اصل الارض المحتلة البالغ مساحتها ( 6000) دونما . ومن ثم تم تأجير هذه الاراضي المستعادة الى اليهود لمدة طويلة جدا , وينفذ على هذه الاراضي القانون الاسرائيلي وليس القانون الاردني . وهذا خرق للسيادة الاردنية . وبوجب الملحق بالاتفاقية يتعهد الاردن بمنح المتصرفين بالاراضي من اليهود او ضيوفهم بالدخول الى هذه الاراضي او الخروج منها واستعمالها ضمن حدودها من دون تحديد من هم الضيوف او المستخدمين وما عددهم او مدة ضيافتهم , ويتعهد الاردن بعدم فرض ضرائب تمييزية او رسوم على الارض, كما يتعهد بدخول الشرطة الاسرائيلية بلباسهم الرسمي وبأسلحتهم . وعلى هذا الاساس تكفل الاردن بتأمين الطرق المؤدية الى منطقة الباقورة .

المياه :

بموجب المعاهدة تم منح الكيان الصهيوني حق استثمار مياه نهري الاردن واليرموك والمياه الجوفية في وادي عربه . ولما كانت القوات الصهيونية قد احتلت الجولان السورية عام 1967 , فقد سيطرت على منابع نهر الاردن , وبهذا سيطرت على مياه النهر من منابعه حتى التقائه بنهر اليرموك .وتقوم السلطات الصهيونية بتحويل مياه النهر الى بحيرة طبريا مقابل منح الاردن كمية من الماء لا تكفي للشرب او للري . ويعتقد الموقعون على المعاهدة انهم حققوا نصرا في هذا الجانب , بدعوى تأمين احتياجات الاردن من الماء , ولكن الحقائق على الارض تقول غير ذلك .

من الحقائق الواضحة ان 97% من حوض نهر الاردن يقع في سوريا ولبنان والاردن و3% فقط يقع في اراضي فلسطين المحتلة . اما نهر اليرموك فيقع كل حوضه في سوريا والاردن ويصب في نهر الاردن , وعليه فليس للكيان الصهيوني اي حق في تحويل مجرى نهر الاردن , وقد عد مؤتمر القمة العربي عان 1964 تحويل مجرى النهر سرقة بكل معنى الكلمة . وكان من الضروري ان يطالب الاردن بتعويضات عن كل المياه التي سرقها الكيان الصهيوني طيلة السنوات التي سبقت المعاهدة .

لقد نصت المعاهدة على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل من الطرفين في مياه النهرين والمياه الجوفية . ولكن المعاهدة لم تحدد اسس ومعايير واضحة لاقتسام المياه , بل اقتصرت على عبارة " تخصيصات عادلة للمياه " , وما ورد في المعاهدة حول المياه يعد " تكريسا قانونيا للاستلاب الصهيوني للحقوق المائية الاردنية . وعندما كان الاردن بحاجة الى المياه ويطلب معونة من الكيان الصهيوني , كان يضخ المياه الملوثة اليه , مما سبب الامراض للمواطنين الاردنيين .

الاقتصاد :

نصت المادة السابعة من المعاهدة على سعي الطرفين للتعاون الاقتصادي الاقليمي , اي التعاون لاقامة نظام اقليمي جديد ,وهذا التعهد يتعارض مع التزامات الاردن العربية في المجال الاقتصادي وخاصة في قضايا المال والتبادل التجاري والجمارك والزراعة والصناعة والمواصلات والملاحة والبرق والبريد . وفي اطار المعاهدة اقام الكيان الصهيوني مصانع في المدن الصناعية الاردنية وشغلت فيها العمالة الاردنية الرخيصة , فلم يتجاوز اجرة العامل او العاملة عن 70 دينار شهريا  وزيادته مع مرور الزمن وتطور الخبرة الفنية لدى العامل او العاملة . وقد افرزت هذه العمالة بعض الامراض الاجتماعية واثرت على القيم الاجتماعية السائدة في الاردن .

الامن :

نصت المعاهدة على الالتزام بالامن الخاص بالكيان الصهيوني , اي ان لايتعاون الاردن امنيا مع اي دولة عربية وغير عربية اذا كان هذا التعاون يضر بالامن الصهيوني . وهذا النص يتعارض مع كل الاتفاقيات الثنائية بين الاردن وبين الدول العربية والاقليمية , وخاصة التزامات الاردن العربية في اطار ميثاق جامعة الدول العربية , اي في اتفاقية الدفاع العربي المشترك . اي ان الاردن لايستطيع اجراء مناورة عسكرية مع دولة عربية اذا كانت هذه المناورة تضر بالامن الصهيوني .

على العموم لقد اخرجت المعاهدة القدس وحق الاجئين من العمل العربي المشترك . وجعلت المعاهدة والمعاهدات الاخرى الموقعة بين مصر والمنظمة مع الكيان الصهيوني , قضية الصراع العربي ـ الصهيوني , صراعا محصورا بين الفلسطينيين والصهاينة فقط . وهذه المعاهدة افقدت قضية فلسطين زخمها العربي والاسلامي والدولي . واوكلت الامر كله بيد الولايات المتحدة واللجنة الرباعية .

وبما ان المعاهدات مع الكيان الصهيوني قد اضرت باالمصالح العربية , وبما ان الانتفاضات العربية قد عبرت عن ضمير الجماهير العربية الرافضة للوجود الصهيوني من اساسه , فقد أن الاوان لكي تلغى هذه المعاهدات الجائرة , فالظروف مواتية لالغائها , او تعديلها في اضعف الاحوال , فالاردن لم يستفد من المعاهدة شيئا , بل اصبح الاردن ساحة لكب النفايات السامة , وتجارة الاعضاء البشرية , وانتشار الفساد . فمن حق الحراك الشعبي ان يطالب بالغاء المعاهدة كما طالب الاردنيون من قبل بالغاء المعاهدة الجائرة مع بريطانيا .    

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !