الملك فيصل الثاني ملك العراق السابق في طفولته
فيصل عبد الحسن
الحرة.. و سرقة سنة من أعمار العراقيين !!
في الذكرى الخمسين لثورة 14 تموز عام 1958عرضت فضائية الحرة برنامج (ملكية وأربع جمهوريات) من إعداد الإعلامي د.علي عبد الأميرعجام واستضاف في البرنامج الباحث في علم الاجتماع د. فالح عبد الجبار والباحث والمؤرخ د. سيار الجميل ، وموضوع كهذا يغطي حقبة زمنية تزيد على ثمانين عاما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجمع المعد أحداثه في ساعتين !! كما فعل المعد وركز فيه للوصول إلى جواب عن سؤال ملتبس مفاده هل كان الرابع عشر من تموز ثورة حقيقية أدخلت البلاد في مراحل تطور حقيقية أم انه كان انقلابا عسكريا قاد لعصر انقلابات وجمهوريات حرب وقمع ؟
وإذا كانت الملكية واضحة في العنوان " ملكية وأربع جمهوريات" فان الجمهوريات هي: جمهورية عبد الكريم قاسم (1958-1963).. جمهورية الأخوين عارف(1963-1968)، جمهورية البعث (1968 -2003 )،والجمهورية الرابعة هي الجمهورية الحالية التي بدأ تاريخها الفعلي مع انتخابات العام 2005. أما فترة حكم برايمر أو جمهورية برايمر كما يسميها العراقيون فهي ثقب أسود في عدم التاريخ العراقي ، أو سنة غير محسوبة في حسابات الزمن ، وظلامية أحداثها التي بلغت إلى أقصى حدود الهمجية والظلامية والقهر وما حدث خلالها يفوق ما حدث لبغداد بعد سقوط بغداد على يد هولاكو عام 1258م فقد قتل خلالها من العراقيين ما يقارب النصف مليون عراقي وجرح ما يقارب المليون وسجن فيها ما يقارب المئتي ألف أسير ومائة ألف مفقود وكان بعضهم يظهر كجثث مجهولة الهوية في شوارع المدن أو كجثث طافية في مياه النهرين وروافدهما وضربت المدن بالطائرات القاصفة واستخدمت كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا على المدنيين ولم يراع المحتل حتى المدن المقدسة كالنجف وكربلاء وغيرها من المدن العراقية، وقد أهمل المعد هذه السنة المهمة في تأريخ العراق ولا نعرف ما تبريره لهذا الإهمال، وهي أيضا السنة التي تم إعداد (خبطة) الحكم فيها لما يلي من السنوات وخلالها تم إعداد الدستور بأشراف مباشر من الأمريكيين ووضع اللبنة الأساسية لحكم الطوائف والمحاصصات القومية والأثينية وهي السنة التي تم خلالها زرع بذور الحرب الطائفية، والسنة التي أثرى فيها لصوص السياسة وامتلأت أرصدتهم في البنوك العالمية ولم يكونوا قبلها يتوفرون على أي مبلغ مالي مهم في حساباتهم البنكية ، هذه السنة التي تعد بمائة سنة من تأريخ العراق الحديث أهملت ولم يتناولها البرنامج ولم يحدثنا عن مجلس حكمها وما دار في اجتماعاته!! نعم أنها سنة مسروقة من أعمار العراقيين لم يتحدث عنها أحد أبدا !!
والشيء الآخر الذي أظهر عدم حيادية البرنامج هو استضافته لضيفين تبنوا شعارات الجمهورية ومالوا كل الميل مع عهد المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم ولم ينظروا للعهد الملكي النظرة الموضوعية التي ينبغي على الباحثين المحايدين أن ينظروها، وهذا حقهم في أن يؤمنوا بما شاءوا من أنظمة الحكم وفلسفتها ولكن لا ينبغي لمعد البرنامج أن لا يضع في اعتباره (الرأي والرأي) الآخر ويستضيف من يدافع عن وجهة نظر أخرى مغايرة وإلا أصبح برنامجا موجها وكما رأينا من عبد الجبار فقد كان ( يكبس!! ) والجميل (يستلم ليشوت على نفس المرمى!! ) ولا مدافع عن الحقيقة الموضوعية والمتفرج يرى حوارا كأنه منللوج داخلي مترامي الأطراف بين ذاتين متشابهتين في كل أرائهما وأن أختلف مكان تواجدهما المكاني فاحدهما في كندا والأخر في لندن!!
الغريب في الأمر أن الشخصيتين العراقيتين الأكاديميتين اللتين نجلهما كل الإجلال لم يتفوها بأي كلمة خلال ساعتين لإدانة الاحتلال الأمريكي للعراق أو للمطالبة بضرورة جدولة انسحاب هذه القوات وإعطاء العراقيين حريتهم في حكم بلدهم وقد بديا وكأنما يداريان جرحهما العراقي من دون أن يقولا كلمة حق بشأن أهلهم الذين يعانون في عزتهم وكرامتهم وموارد بلادهم وهم يرون القوات الأجنبية تصول وتجول في مدن العراق ومداشرها وعلى أرضها المقدسة ، ولا أجامل أحدا إذا قلت أن الناخب الأمريكي الذي هو بالتأكيد أقل من هذين المثقفين العراقيين طولا وباعا وثقافة وفكرا وأكاديمية يطالب حكومته بسحب قواتها من العراق!! ويدفع ثمنا من مشاعره وتقاليده كأمريكي أبيض بانتخابه لرجل ملون أصوله من أفريقيا (كأوباما) لأنه وعد بسحب القوات الأمريكية من العراق أليس هذا الموقف الذي يقفه الناخب الأمريكي أفضل بكثير للأسف مما نفعله ونقوله نحن العراقيين ؟!!
• كاتب وصحافي عراقي يقيم في المغرب
faissalhassan@hotmail.com
التعليقات (0)