مواضيع اليوم
محاصرة التشيع
يبدو أن سمة محاربة التشيع ستكون هي السائدة في سياسات الدول العربية داخلياً ، في مؤشر يتحرك بشكل مضحك على زمن أصبح أعمى لا يرى عيوبه إلا فضائل ولا سيئاته إلا قنابل تنفجر في وجه من يحاول تنبيه على آثارها وموبقاتها ، فراح يبحث عن أزمة يشغل بها نفسه ويرضي بها ربه (سيده) الذي يتحرك بإيحائاته وتوجيهاته ، وهو يذكرنا بالمثل المأثور ، إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام .
إننا نشهد عصراً قد يأست فيه الدول العربية من حل مشاكلها مع اليهود فبعثها اليأس الى دائرة صراع من نوع جديد يرتدي ملابس مذهبية لغايات سياسية واضحة ، بعد أن نشرت لهم حذام شعرها الذهبي ليمتعوا نظرهم من لونه الأخاذ .
إن من المؤسف حقاً أن تجند دولة مثل مصر العربية الكبيرة في إمكانياتها السكانية والجغرافية وثقلها العربي ووزنها الدولي الكثير من طاقاتها لمحاربة عدو موهوم أسمه المد الشيعي .
أن التاريخ الذي يمكن أن تفخر به بعد مصر حكومة وشعباً لازالت آثار ملوكه الشاخصة في معالم حضارية ومدنية واضحة منها عاصمتها القاهرة ، وأزهرها الشريف الذي شيدت وشيد على يد بعض ملوك الدولة الفاطمية ذات الطابع الشيعي والتي دامت لاكثر من ثلاث قرون ، وبعدها أتى عليها الفاتح صلاح الدين الأيوبي ليلبسها ثوب المذهب الشافعي ويقضي على تشيعها مع أن الأصل فيها ذلك . وكان الأجدر بالجهود الحكومية أن تنصب الى إعادة مذهب من خلف لها الحضارة وأعلى سماءها بالأمارة ، فأنه إستحقاق تاريخي ومكسبٌ حضارياً أعطى لمصر هيبتها وجدد مفاخر تاريخها .
أن الذين عاشوا من المصريين في فترة الدولة الفاطمية وهم أكثر من عشرة أجيال وأنهم أسلاف هؤلاء بكل تاكيد عليهم أجلى منهم إستحقاق الإسلاف هو حماية تراثهم والمحافظة على تاريخهم ، والتذكير بإنجازهم ومآثرهم وإما محاربة مذهبهم ، ومطاردة آثارهم
لدوافع سياسية لا تخدم إلا مصلحة حذام ومقالتها تعتبر كفراناً لنعم آثارهم ومعالم مفاخرهم الشاخصة في عاصمة الدولة المصرية .
والعجيب من هذه الدول والأفضل تسميتها دويلات لان مفهوم الدولة أكثر ما يعني الإستقلال والسيادة والتصرف في السياسات والقرارات من منطلق المصلحة الوطنية ، والقومية التي تخدم شعوبها وتعزز سيادتها . وإما أن تتصرف بإيحاءات حذام ورغبات المدام فأن مفهوم الدويلة - تصغير للدولة - هو الأكثر ملائمة وإنطباقاً على هذه الكيانات . ويمر في خاطري النص القرآني المتضمن مفهوم الأخسرين أعمالاً (( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)) الآية ويتداعى معه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) (( يبنون لغيرهم ، وتتبعهم حسرة أعمالهم)) مضموناً .
وأعجب من ذلك أن سلوكاً لو كان منحرفاً وعملاً شاذاً لكان عندهم مقبولاً ومصوناً في قانونها وصحيحاً في حساباتها مع خطورته على مجتمعاتهم وأعرافها وتقاليدها بل وحتى دينها عندما تفتح محاكمها أبوابها لقضية تبديل الديانة الى غير الإسلامية ، ودائماً التبرير حاضر عندهم وفي قنوات أعلامهم بأن الحرية الشخصية والدينية مكفولة ويتشطر المحامون لتفسير نصوص قانونية ومواد دستورية لتبرير ذلك التصرف ، وتأطيره بإطار قانوني وإما لو بحث مواطنهم وتحرى في بحثه عن مذهب الذي ينبغي عليه أتخاذه ، فالأمر مختلف ، إذ توصيفه بالخطورة ، وضرورة إيقاف خرقه لمجتمعهم ومذهب أسلافهم ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد ، إذا لم يتعداه الى جرم مقترف وذنب مرتكب مع شيء من التحفظ على الحرية الدينية والمذهبية إذ هي محظورة على خصوص مذهب التشيع وإما غيره من مذهب التكفير ، والنصب ، والخوارج، فكلها مباحة ومرحب بها .
إننا بقدر ما نأسف لمصر العربية هذا الإندفاع الحذامي خدمة لها ، نذكرها وغيرها بإن هذا هو بيت القصيد لسياسة حذام القادمة في تدوير دائرة الصراع العربي ، اليهودي كما نبهنا عليه أكثر من مرة الى دائرة صراع جديده ، مابين العرب وايران تحت أطار مذهبي مقيت ، بعد أن وجدت حذام وصقورها بإن إنكسار هيبتها لا يمر إلا عبر بوابة من يدين بمذهب التشيع ، كما أثبتت الأحداث في أيران ، وجنوب لبنان مما جر غزة الى إبداء تحدي جديد زاد في كسرها ، وبعثرة أوراقها ، فلم تعد حذام التي كانت ترى من بعد لتخبر أهلها عن شر قادم .
قاسم الطائي
10 / جمادي1 / 1430هـ
التعليقات (0)