اسوشيتد برس: شبكات تجند الشباب في جامعات ودور عبادة عربية وترسلهم إلى العراق عبر سوريا
10/10/2009 - 23:52
بغداد/ أصوات العراق: كشف مسلح سعودي معتقل لدى السلطات الأمنية العراقية عن وجود شبكات تجنيد تعمل في جامعات ودور عبادة عربية وإرسالهم إلى العراق عبر سوريا، مؤكدا أنه سيعود للقتال في صفوف “المتمردين” إذا ما أُطلق سراحه، بحسب ما جاء في لقاء أجرته معه وكالة للأنباء ونشرته اليوم السبت.
وقالت الوكالة إن محمد عبد الله العبيد، 27 عاما، سعودي الجنسية، قد “جُنّد في حرم جامعة في العاصمة الرياض وتولت شبكة التجنيد إيصاله إلى سورية حيث قام سوريون بنقله إلى العراق”، مبينة أن العبيد كان قد أبلغ أهله أنه “ذاهب إلى مكة وبدلا عن ذلك حزم حقيبة سفره وغادر بيته في السعودية في رحلة أخذته في طريق تهريب عبر الحدود السورية وفي قلب التمرد السني في العراق”.
وهكذا “بدأ حياة خفية في منزل آمن وحمل اسما العبيد أسما مستعارا وشارك في هجمات على الجيش الأمريكي وحلفائه العراقيين”، كما تعلق الوكالة.
وأضافت الوكالة أن هذه القصة “لا تنطوي على جرأة استثنائية أو براعة متفردة”، مشيرة إلى أنها “واحدة من حكايات مجهولين يضعون أصابعهم على الزناد في أزقة أو على جوانب طرق”.
ورأت الوكالة أن رحلة محمد عبد الله العبيد “تفتح نافذة على كيفية إدارة الشبكات الإرهابية لسد النقص في صفوفها بتمشيط حرم جامعات وأسواق وجوامع لتجنيد أولئك الذين يريدون حمل السلاح في العراق ـ وبنحو متزايد الآن في أفغانستان”، مستدركة أنه “حتى مع انخفاض العنف في العراق تشعر السلطات بالقلق من أن القنوات السرية نفسها التي استخدمت في جلب العبيد إلى العراق في أواخر العام 2005 لا تزال تعمل ومن الممكن أن تتوسع في أي وقت”.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، كما تذكر الوكالة “فتح خصومة مع سورية على خلفية اتهامات بإيوائها متآمرين مرتبطين بتفجير مزدوج في 19 آب أغسطس استهدف وزارتي الخارجية والمالية وأودى بحياة حوالي 100 شخص”. وقالت إن المالكي “يعتقد أن سورية فشلت في تضيق الخناق على مرور المسلحين عبر الحدود”.
وفر عدد من أعضاء نظام صدام وحفاؤهم من السنة، كما ذكرت الوكالة، بعد الغزو في العام 2003 ـ و”أقاموا شبكات مسلحين أغمضت سورية عنها عيونها كطريقة لمواصلة الضغط على القوات الأمريكية والقيادة الشيعية في العراق”.
أما أعداد المسلحين وأدوارهم على مدى السنوات فلا تزال “غير واضحة”، بحسب الوكالة، التي واصلت قائلة “ولا خلاف على أن العراقيين يشكلون الأغلبية العظمى من التمرد السني لكن من المؤكد أن الآلاف ـ وربما أكثر ـ من العرب وغيرهم عبروا الحدود السورية الطويلة غير المؤمّنة”.
وروى العبيد للوكالة حكاية “دخوله العراق ـ ماشيا من دون خريطة باحثا في أفق الصحراء عن قضاء القائم الحدودي (غربي العراق)”، قائلا في مقابلة أجرتها اسوشيتد برس وبالتنسيق مع مسؤولين أمنيين عراقيين في المنطقة الخضراء “لم تكن لدي فكرة عن مكان وجودي أو حتى عندما عبرت الحدود”، مضيفا “كنت اعرف فقط إننا سنقاتل إن شاء الله الأمريكيين”.
وتابع بحسب الوكالة “قد أكون سجينا لكنني في مهمة”، مؤكدا “ولو أطلق سراحي لقاتلت مرة أخرى”.
وأفاد العبيد أن مفاتحته أول مرة “كانت بشأن الانضمام إلى التمرد خلال سنته الثانية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض حيث بدأ احد زملاءه من الطلبة تزويده بأدبيات وأقراص دي في دي عن القاعدة والمعارك في العراق”.
وخلال اسابيع، حضر العبيد اجتماعات مع آخرين “قالوا إنهم مستعدين للانضمام إلى المقاتلين العرب في العراق وابلغوا أن الانضمام يجري الآن أو لن يكون ذلك ولم يعد العبيد إلى كليته بعدها أبدا”، كما أوردت الوكالة.
وقال العبيد ـ وهو اكبر أربعة أخوة وثلاث أخوات ـ إنه “رجع إلى البيت واخبر عائلته أنه يخطط للذهاب إلى مكة فبارك والداه رحلته وأعطوه بعض المال لسفره وغادر حاملا حقيبة صغيرة وحوالي خمسة آلاف ريال سعودي أو حوالي 1.300 دولار أمريكي”، وتابع “لم أكن انظر ورائي واعتقدوا أني ذاهب إلى مكة لكنني أخذت حافلة إلى البحرين حيث كانت بطاقة طائرة بانتظاري هناك”، بحسب الوكالة.
وأردف العبيد للوكالة أن مجنِّدي المسلحين في السعودية “دفعوا أجور المرحلة اللاحقة من رحلتي أي الطيران إلى سورية عبر دبي كما كنت أحمل معي رقم هاتف أتصل به في دمشق”.
ومضى قائلا إن “الشاب الذي أجابني عرف نفسه فقط باسمه الجهادي أبو قعقاع وابلغني بالاستعداد للسفر في اليوم اللاحق”.
وزاد للوكالة “كانت نقطة توقفي التالية مدينة حلب السورية إذ انضممت هناك إلى مجموعة تتكون من حوالي 20 مسلحا عربيا من دول من المنطقة، تونسيين، سعوديين، يمنيين وغيرهم من دول أخرى”. مضيفا “وبعد أيام قلائل قُسّمونا إلى مجموعات صغيرة وأخذونا إلى منطقة قريبة من الحدود العراقية ودُلّونا على اتجاه القائم بعد أن زودونا مرة أخرى برقم هاتف نقال لنتصل به”.
وتابع العبيد للوكالة “زودت بهوية عراقية مزورة باسم محمد عبد الله موالد 19 تموز يوليو 1980 وضُممت مرة أخرى إلى بعض العرب من سورية وكان الآخرون هناك أيضا وخلال أيام نقلنا إلى راوة (مسافة 180 كم غرب الرمادي، مركز محافظة الأنبار، التي تبعد بدورها مسافة 110 كم غرب العاصمة بغداد) وذلك في أوائل العام 2006″.
وقُسّمت مجموعة العبيد كما نقلت الوكالة إلى مجموعتين “واحدة أُعدَّت لتنفيذ هجمات انتحارية والأخرى أخضعت للتدريب على بنادق AK-47 ورشاشات”.
وقال العبيد بحسب الوكالة “لم اختر أن أكون استشهاديا وبدلا عن ذلك أردت تعلم إطلاق النار بالسلاح والقتال في الساحة”.
وبعد نحو شهر من ذلك، قالت الوكالة “اخذوا إلى بيت في بغداد لم يتذكر العبيد المنطقة التي يقع فيها لكنه وصف البيت بأنه يقع في شارع عريض تنتشر فيه حدائق”.
وزادت أن المجموعة “أخفيت في سيارة نقل ركاب صغيرة ونقلت إلى محافظة ديالى حيث أعلن مركزها بعقوبة عاصمة لدولة العراق الإسلامية”. وقال العبيد إنه “وصلها قبل اسابيع قليلة من الغارة الأمريكية التي قتلت أبو مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم القاعدة في العراق”.
يذكر أن الزرقاوي قتل على إثر غارة أمريكية يوم 7 حزيران يونيو 2006.
وقال العبيد “دارت في ذلك الوقت معارك كبيرة مع الأمريكيين وكنت ازرع العبوات الناسفة على الطرقات وكانت واحدة من أكبر ثلاث معارك”، مبينا أن الذي “علمني على صنع القنابل رجل أفغاني وقتلت أشخاصا لا أعرف كم عددهم لكنني قطعا قتلت جنودا أمريكيين”.
ومضت الوكالة “كانت شبكات المتمردين تزوده بالغذاء والملابس وراتب شهري قدره 50 ألف دينار وأعطي غرفة لدى عائلة عراقية قاتل أبناؤها معه كما أقام علاقة مع إحدى شقيقاتهم وتدعى نسبة”.
وقال العبيد “رتب أخوتها لنا أمر الزواج ولم اعترض على ذلك لكننا قررنا أن لا يكون لدينا أطفال لأن زوجتي أرادت أن تكون استشهادية”، مضيفا “كانت العديدات من النسوة بدأن بذلك وأرادت أن تتبعهن ولم يكن ذلك بتشجيع من أبويها عليه أخذنا نخطط لاستشهادها وأنا فخور بها”، بحسب تعبيره.
وأوضح “لكن نسبة صارت حاملا في العام اللاحق وقد اتخذت قرارا بترك التمرد والعودة إلى السعودية وللمرة الأولى خلال حوالي ثلاث سنوات اتصلت باهلي هاتفيا”، بحسب ما نقلت الوكالة عن العبيد.
واستطرد “أخبرتهم كل شيء وبأني أريد العودة إليهم وقالوا إنهم سيرتبون ذلك”، مع ذلك، ما كان العبيد لا يعرفه هو أن أفرادا من المخابرات العراقية كانت تتنصت عليه أيضا، بحسب الوكالة، وبعد اسابيع قليلة، أو في أوائل العام 2008، قالت الوكالة إن القوات العراقية “ألقت القبض على العبيد في نقطة تفتيش على الطريق من ديالى إلى بغداد”.
وبهذا الشأن قال للوكالة “سألوني هل أنت سعودي كان الأمر بالنسبة لي قد انتهى”.
ومنذ ذلك الحين والعبيد “في عهدة مسؤولين استخباريين عراقيين”، كما قالت الوكالة.
وأضافت الوكالة أن العبيد “لم يتحدث عن تعرضه لتعذيب أو انتهاكات يتهم بها السلطات العراقية”، مستدركة “لكن يبدو أن العبيد قد يكون من بين معتقلين وافقوا على مساعدة القوات العراقية في مقابل حصوله على معاملة جيدة”.
وسألته الوكالة عما إذا كان نادما على الانضمام إلى التمرد فرد “لا أنا سعيد بذلك”، وسألته مجددا عما إذا سيعود إلى صفوفهم عند إطلاق سراحه فأجاب “بالتأكيد”.
التعليقات (0)