[ .. ولايسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرا منهم .. ] . قرآن كريم . هذا كلام رب العالمين يدعوا فيه خلقه إلى الترفع عن الأذى بجميع أشكاله . مع تركيز ظاهر على الأذى النفسي الذي تلحقه السخرية - خصوصا - بمشاعرالآخر. كما يدعوهم في نفس الخطاب للسمو بمنطقهم وتعاملاتهم (الإنسانية) إلى ما يفوق المظاهر ، التي تكون في الغالب خادعة لإدراكنا البشري المحدود..
هي دعوة إذن لبث مشاعر التعايش السلمي للبشر ، وعلى تدرج مراتبهم . وأن التفاضل الحقيقي ليس تفاضلا سطحيا كما يبدوا لأنظارنا القاصرة . لذا لاينبغي لنا الحكم على بعضنا البعض بمظاهر ما خفي منها أعظم . وما أخفاه سبحانه وتعالى إلا لحكمة بالتأكيد هي في سياق الخير الذي من أجله خلقنا . الخير الذي يريده لنا رغم ماتتنازعه نفوسنا البشرية من شرور وآثام..
السخرية هي إستنزاف (مشاعر الرضى ) لدى الآخر . رضاه عن مستواه ، رضاه عن حياته ، رضاه عن معبوده ، رضاه عن جميع رموزه ومقدساته ، رضاه عن إنتمائه ، رضاه عن أرضه التي يعشقها حتى ولو كانت قافرة ، رضاه عن شكله حتى ولو كان دميما ، وقبيحا مثل (أحدب ممفيس) ! ..
السخرية لاوجود لها في قاموس (الأدب) ، فكيف يمكنها أن تكون أدبا قائما بذاته له كتابه ومبدعيه والمدافعين عنه والرافعين للوائه ؟! .. ما يجب أن يبقى (الخلط) يمنع عنا صفاء العيش ، والإهتداء لطريق الحق ، والنماء ، والإرتقاء . وما يجب أن تبقى (الإمعة) تمنع عن قلوبنا ، وأذهاننا التفتح والتأمــل ، والبحث عن الحقائق ..
فمصطلح (ساخر) الذي تفشى في (أدب العصر) لا يمت للدقة بصلة ، ولايعالج (الرسالة الإفتراضية) التي (أستحدث) من أجلها .. وأدبنا العربي لم يعرف على مر العصور شيئا إسمه (الأدب الساخر) . وعرف (الطّرفة)و(الفكاهة) . وغيرهما من المصطلحات التي لاتخرج عن الأدب ، ولا تحيد عن السلوك البشري السوي.
ــــــــــــــــــــ
التعليقات (0)