ماهر حسين.
فلقد اعتاد عالمنا العربي أن يقوم بالإشارة إلى عمليات القتل والتعذيب والاعتقالات والقصف والتجويع والحصار باعتباره مفردات تستخدم لتوصيف الاحتلال ولكن وبكل صدق علينا أن نتصارح وان نعترف بان ممارسات الاحتلال ضد لشعب الفلسطيني المٌحتل أقل مما يمارسه نظام الأسد من بطش وقتل بحق شعبه .
أن ما يحدث بحمص وما حدث بحمــــاه فاق أفعال الاحتلال وهذا ليس تبريرا" لاحتلال ولكنه تبيان لواقع عاشه ويعيشه المواطن السوري فهل هذه هي مواصفات وسلوكيات وأفعال الأنظمة الممانعة !!!وهل هكذا يتم تحرير فلسطين !!!وهل هكذا تكون الأنظمة الداعمة للمقاومة!!!!.
ومع كل التطورات الحاصلة بسوريا والتي تستقطب انتباه الجميع إلا أن هناك أحداثا" حصلت على قدر كبير من الاهتمـــــام الشعبي حيث أنها اجتذبت المواطن وتناولتها وسائل الاعلام بتفاصيـــل ...إنها ببساطة (قبلة البرادعي ) في برلين و(أذان ممدوح إسماعيل ) بالقاهرة و(أنشودة هنيه ) في الكويت وسأتجاوز عن موضوع (صور خضيره وزوجته )التي أثارت مشاكل بتونس .
ما لفت نظري كمشاهد وكمواطن هو طبيعة التعاطي مع الأحداث ...وسأبدأ من (قبلة البرادعي ) أو (بوسَة البرادعي )،من المعروف بان الدكتور محمد البرادعي واحد من الشخصيات التي تمتع باسم بارز على الصعيد الدولي حيث انه كان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو احد الحاصلين على جائزة نوبل للسلام وللبرادعي دور كبير في الثورة الشعبية المصرية حيث انه كان ممن انتقدوا النظام السابق الذي مارس حملة تشويه كبيرة بحق الرجل فتارة تم تداول أسرته وتارة أخرى منصبه السابق ودوره ، نهاية" أعلن البرادعي بأنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية بمصر وذكر الأسباب التي دفعته لهذا القرار فقابل البعض القرار بارتياح كبير والبعض الأخر اعتبره تخلي عن المسؤولية والبعض اعتبر بان هذا التصرف هو تأكيد على مصداقية الرجـــل وبغض النظر عن الأسباب ورأي المواطن المصري فإن الدكتور محمد البرادعي واحد الشخصيات التي تحظى باحترام دولي .
بالطبع بسبب شهرة الرجل ودوره فلقد تم اختيار ه ليقوم بتسليم جائزة (الأفضل قيمة ) في مهرجان السينما من اجل السلام في برلين ...لاحظوا اسم المهرجان (السينما من اجل السلام ) ولاحظوا معي اسم الجائزة (الأفضل قيمة ) وليس (الأكثر إثارة )او (الأفضل تصوير ) وبالحقيقية فإن الأسماء المذكورة (مهرجان السينما من اجل السلام ) و(جائزة الفيلم الأفضل قيمــة ) تٌشير إلى سبب اختيار الدكتور محمد البرادعي وتشير إلى الصورة التي يُعبر عنها في العالم ...فالبرادعي ممن عملوا من اجل السلام وهو واحد ممن يمتلكوا مجموعة قيم مؤمنه بالحرية والديمقراطية ...ما حدث ببساطة بأن الفائز بالجائزة هو الممثلة (انجليانا جولي) التي تعتبر واحده من أفضل الممثلات بالعالم بالإضافة إلى أنها سفيرة للأمم المتحدة وكانت أخر نشاطاتها بعالمنا العربي تتمثل بزيارة معسكر الهاربين من قمع النظام السوري حيث زارتهم بتركيا للتضامن معهم ..كل ما حدث بأنها و عندما تسلمت الجائزة قامت بالسلام على الدكتور البرادعي حسب ما هو متعارف عليه بالغرب وحيث أن الدكتور قام بتهنئتها وبتقبيلها وللعلم فان القبلة المتبادلة لم تكن سوى على قُبلة على الوجنتين ..فوجئت بردات الفعل الساخرة والتي تحاول بالمساس بالرجل ودوره وقيمته من خلال اعتبار ما حدث وكأنه كارثة قوميــة !!!! كل ما حدث طبيعي ويتناسب مع ما هو معتاد بهذا العالم ولا يوجد فيه وكما أرى أي خروج عن الأعراف والعادات والتقاليد خاصه بظل الفارق العمري وبظل طبيعة المناسبة ..فهل نجوز أن نعتدي على شخصية الدكتور وقيمته بسبب (قبٌلة) .
وسأقتبس هنا جزء مما جاء في كلمة الدكتور البرادعي خلال الاحتفـــال لعلها تكون الدليل على ما يحمله من موقف وفكر يجب أن نحترمه كمصري –عربي ومسلم حيث قال (نحن نعيش في عالم شابه الظلم وانعدام الأمن حيث 3 مليارات شخص يعيشون في فقر وأكثر من 20 ألف رأس نووي معلق فوق رؤوسنا وما زال الملايين يموتون في الكفاح من اجل الحرية والكرامة الإنسانية) .
بهذه الكلمات اكتفي وأقول بان علينا أن لا نستخدم السياسة لتصفية الحسابات فنحن امة يجب أن تفتخر برموزهــــا..وقد سبق هذا الحدث الذي كان محط أنظار البعض حدثا" أخر يختلف عنه في المضمون ولكنه تعبير عن الأزمة التي تمر بها امتنا وتعيشها الأحزاب فلقد قام احد نواب مجلس الشعب في مصر (برفع الأذان ) أثناء انعقاد الجلسة مما أثار لغطا" كبيرا" حول إمكانية منع النائب ممدوح إسماعيل من رفع الأذان وخاصة بان مجلس الشعب بأغلبيته يتكون من نواب إسلاميين (من السلفيين والإخوان المسلمين ) فهل يمكن منع الأذان!!! وهل يجب أن يتم رفع الآذان بالجلسة !!!وكيف !!! ومن !!!القصة ببساطة بأنه كان من الممكن أن يتم رفع الجلسة من اجل الصلاة ولكن الاستعراض واستغلال الجلسات للترويج للنفس أدى إلى هذه الحادثة التي تلاها جدل و خلاف حول (شرعية ) رفع الأذان من عدمـــه.. فهذا هو حالنا اليوم وهذه قضايانا ...بالمقابل ولاحقا" لذلك وفي زيارة إسماعيل هنية للكويت فوجئ الحضور بقيام إسماعيل هنيه بالإنشاد!!! بالطبع قام بالإنشاد لفلسطين بمحاولة للتعامل مع عاطفة الحضور فما كان من الحضور المأسور بالنشيد إلا أن سارع لتمجيد (المنشد ) هنيه وبل اعتبر البعض إنشاده جهادا" وتحرير !!!كم هو غريب حالنا وكم هو عجيب حال الأمة لقد تحول دور السياسي من خدمة المواطن وتقديم البرامج العملية للتعامل مع مشاكله وقضاياه ليكون (منشدا") أو (مؤذنا") لسنا بحاجه إلى إنشاد هنيه ولا إلا استعراض جمال صوته وحضوره ، إننا بحاجه إلى فعله لانجاز المصالحة والوحدة الفلسطينية ونحن بحاجه إلى خدمة المواطن الفلسطيني .
أخيرا" أقــول بأننا لسنا بحاجه للمٌنشد هنيه وفلسطين ليست بحاجه إلى أناشيد!!! فهناك المئات من المنشدين وآلاف من الأناشيد...نحن بحاجه إلى قائد يخدم وطنه وشعبه .... ولا يوجد ضرورة لاستحداث خلاف على الأذان حيث آن الهدف من الأذان هو إعلان وقت الصلاة.. وأؤكد بأن قٌبلة البرادعي ليست ثورة مضادة وليست من الكبائر ...إننا بحاجه لتجاوز الاستعراض إلى التفكير والعمل من أجل المواطن لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه والديمقراطية ولعلنا بفلسطين نحتاج بالإضافة إلى ما سبق إلى أن نعيش نسمات الحرية والسلام على ارض السلام .
التعليقات (0)