ماهر حسين.
كيف نتعامل مع الجماهير أو الشعب !!! ...كيف نتمكن من ضبطها وتوجيهها بالاتجاه الصحيح !!!...كيف يمكن لنــا الاستفادة من طاقات الشباب !!! ...كيف نتعامل مع الغضب الكامن في الشعب أو الجماهير وبشكل خاص لدى فئة الشباب!!! ...كيف لنا أن نتعامل مع الغضب والإحباط ...هل يجب أن نكون غاضبين لنقود الغاضبين أم لا !!!هل الغاضبين قادرين على تجاوز غضبهم من اجل الأهداف أم أن الغضب يتحول إلى حقد وفئوية !!!...أسئلة وأسئلة تثار هذه الأيام لدى النخب السياسية وكلها تدور حول آليات التعامل مع الشعب.
الأسئلة نفسها تثار بطريقة مختلفة بالشكل ومتطابقة بالمضمون ولكن لدى القيادات المجتمعية والقيادات النقابية والمهنية والرياضية لتحديد أفضل الطرق للتعامل مع الجمهور ...فبهذه المرحلة أصبح الجميع يؤمن بقدرته على التغيير خارج الأسلوب المُتعارف عليه للتغيير ..فكيف نتعامل مع اندفاع وطموح ورغبة الجماهير .
في سابق الأيام كان الكبت بالعصـــا والمنع بالقوة وإشاعة الإحباط طريقة للتعامل مع الشعب على الصعيد السياسي وأما على صعيد النقابات والرياضة والمهن فان القُرب من السلطة وسيلة للبقاء حيث يمكن استخدام كل الطرق للبقاء والاستمرار بالموقع القيادي .
ولقد أدى اندلاع الثورات العربية إلى اكتساب فئة الشباب أهمية خاصة مرتبطة بقدرتهم على التغيير والفعل ..فالشباب ممن يطلق عليهم شباب الفيس بوك أو شباب الانترنت هم من فَجر الربيع العربي بإرادتهم القوية وتحرٌكاتِهم السلمية البعيدة عن العنف فلقد تمكن الشباب من الثورة.... وهم الذين تم عانوا من الإهمال بعيدا" عن محاولة غرس قيم الديمقراطية لديهم وقيم المشاركة بما يضمن أن يكون للشباب دور هام في تجديد دماء المجتمع والدولة والنقابات والمهن ...لقد تمكن الشباب من الثورة.... وهم من عانوا من الإحباط الذي أوقع بالبعض منهم ببراثن التطرف الديني أو الضيـــاع والانحراف الأخلاقي ....لقد تمكن الشباب من الثورة ..مما جعل التعامل معهم يحظى بأولوية لدى أي مسئول أو قائد بموقعه ..
دافعي للمقدمة السابقة هو التأكيد على إيماني بقدرات الشباب ودروهم الحيوي بالإضافة الى ما شاهدته من تغيير كبير وبفترة قصيرة تحول بها الشباب إلى مركز الحدث والتغيير وبنفس الوقت أثار دافعي للكتابة تغير أخر كبير وسريع أحدثه (قائد ) لدى (جمهور) وشعرت بان التغير لا يأتي فقط بفعل الشباب ودورهم بل إن التغيير بحاجه إلى (قائد) يمتلك منظومة أخلاق وقيم وخبرة .. ...لقد رأيت كيف حول (القائد) الجمهور ...حولهم إلى نموذج أخر ولم يحتاج التغيير لسنوات بل ربما إلى أشهر معدودة جدا" ...هذا التغيير المثير حول الجماهير وأغلبهم من فئة الشباب من الفوضى إلى الانضباط ...من السلبية إلى الايجابية ...وهنا أنا أتحدث عن التغييرات التي شاهدتها بعيني لدى جماهير الزمالك ..الزمالك المصري ..وللتوضيح فإنني من مشجعي النادي الأهلي ولكن ما لحظته من تغييرات مثيرة جدا" جعلني أشعر بضرورة الإشارة للتجربة الزملكاوية لعلنا نفهم الأسباب الكامنة حول هذا التغيير الكبير ...لقد مر نادي الزمالك بجماهيره الكبيرة بأزمة مرتبطة بعدم تحقيق نتائج للنادي وانعكس هذا على الجماهير حيث أنها عاشت إحباط كبير جعلها تميل للفوضى والتخريب والهتافات المعادية والبعيدة عن أخلاق كرة القدم ورأينا منذ أشهر ظاهرة (أبو الجلابية) الذي أقتحم الملعب في أحدى مباريات الزمالك وبنفس الوقت كنا نشاهد في مباريات الزمالك سلوك غير مقبول من اللاعبين ..فحالتهم عصبية ..ولا يتقبلوا قرارات الحكم ويعتمدوا على الجماهير لتحريضهم وللهتاف الجماعي المنافي للقيم بل شاهدنا ظاهرة عجيبة تتمثل في انضمام احد لاعبي الكرة للجمهور ليقوم بالهتاف ضد نادي أخر !!!فما الذي حدث لنرى لاعبي الزمالك بقمة الالتزام ولنرى جماهير الزمالك تمارس التشجيع بكل أخلاق وتقف وراء فريقها بكل ايجابية لتحقيق البطولة والنجـــاح ...
في الزمالك تحولت الجماهير بكل ايجابية إلى وسيلة لتحقيق أهداف النادي وتحول اللاعبين إلى ماكينة مميزة من العمل بكل انتماء وأخلاق لتحقيق الهدف ...وهذا ما نحتاج لدراسته والوقوف على أسباب التغيير الكامنة خلفه ..حيث إننا جميعا" بحاجه لتفعيل الدور الايجابي للجماهير وبحاجه لان نرى إخلاص وتفاني كل من يعمل من أجل البناء وتحقيق الأهداف .. نحن بحاجة إلى الإيجابية والعمل سياسيا" واقتصاديا" ومهنيا" واجتماعيا" ..فما هي الأسباب الكامنة خلف هذا التغيير المفاجئ وهل يمكن لنا الاستفـــادة منها ؟وهل التغيير مرتبط بالجمهور أم بالقائد !!!إنها أسئلة لا أملك الإجابة عليها ولكني املك القدرة على إثارتها وعلى طرح وجهة نظري بهـــا .
في الزمالك حصل تغيير في المدرب ..والمدرب هنا لو حاولنا أن نفهم دوره الحقيقي فهو (المُوجه) (المُدير) (القائد) ولو اعتبرنا جماهير النادي (الشعب )(الشريحة المستهدفة ) فإننا نصبح أمام قائد وشعب وبالطبع سيكون فريق كرة القدم (مجلس الإدارة ) (المجلس التنفيذي) (هيئة القيادة ) .
بهذا المثال الزملكاوي فإننا أمام شعب وقيادة وقائد ..فكيف حصل التغيير !!!هل الشعب قام بالتغير أم أن القائد هو الذي قام بالتغيير !!!!
عندما تولى (الِمعلم) حسن شِحاتة مهمة تدريب فريق كرة القدم فانه أتى لتنفيذ المهمة الجديدة وهو صاحب الخبرة المرتبطة بتجربة طويلة وهو صاحب المبادئ التي ترعرع عليها من زمن ما زِلنا نطلق عليه اسم (الزمن الجميل) ولقد فرضت منظومة قيم(المِعلم) نفسها سلوكيا" على اللاعبين (المجلس) وعلى (الجماهير) الشعب ويجب الإشارة هنا إلى أن المدرب السابق كان يعتمد بقيادته على تأييد جارف من قبل الجمهور وهذا التأييد مرتبط بالتحريض والرفض والفوضى وإثارة الغضب والإحباط لدى الجمهور مما حولهم إلى غوغاء بغالب الأحيان وقد منح هذا الجو السلبي المدرب السابق القُدرة على تبرير الفشل وتبرير النتائج السيئة والتراجع بمنطق المؤامرة والشحن الجماهيري.
القائد الجديد اختار طريقا" أخر لتحقيق النتائج والنهوض بالمؤسسة فلقد فرض الانضباط والعمل وفرض القيم الأخلاقية وخاطب الجمهور بحب بعيدا" عن التحريض والفتنه .
ونحن بحاجه ماسه لنتعلم مما حدث ..لنتعلم من أن القائد يجب أن يمتلك خبرة وقُدرة فكرية وعملية وأخلاق وقيم رفيعة مستندة إلى تراثنا العربي الإسلامي... فلسنا بحاجه إلى قائد يمتلك القدرة على القيادة بفعل التحريض وإثارة الغضب والإحباط والفوضى والفتن مٌستندا" بقيادته إلى نظرية المؤامرة فتارة يتعامل مع الخارج باعتباره عدو وتارة يعتبر الشعب في الداخل عصابة ..فهناك فرق بين قائد وأخر وعلينا أن لا ننسى بان أصحاب الصوت المرتفع ليسوا بالضرورة أن يكونوا على حق !!!وعلينا أن لا ننسى بان تحقيق الشعبية من خلال التحريض وإثارة الفوضى لا يعني بالمطلق حب الوطن ....إننا يجب كشعب إلى مجموعه من القيم النابعة من تراثنا الإنساني وعلينا أن نبتعد عن التحريض والتكفير والفئوية والطائفية ..نحتاج إلى هذا بفلسطين خصوصا" وبكل عالمنا العربي عموما" .
إن المقال دعوة لدراسة أسباب التغيير ولدراسة تأثير القيم التي يؤمن بها القائد على الشعب ... إننا أٌمة تتأثر بقائدها وسيبقى أكبر مثال للقيادة هو قائدنا ورسول الله إلينا محمد صلى الله عليه وسلم ..فلقد قادنا بمكارم الأخلاق وبالحب وبمنظومة القيم الإنسانية البعيدة عن التحريض والفوضى والفتنة .
أخيرا" إنني اخشي من اندفاع الأبناء حتى وإن كانوا ثوار .. وأخشى من انتهازي الصوت العالي ... ومن مثيري الفتن والفوضى ...وأقول بان من وقف إلى جانب الشعب بأصعب الحالات ..لا يعيبه أن يكون مع شعبه للحظات مرتديا" الزى المدني ..وأقول بان شهادة الحق لا تٌعيب أحد ...وعلى الشباب أن يعلموا بان الصوت العالي ليس الكفيل بتحقيق الأهداف ...إنها دعوة ليقوم الجميع بدارسة تأثير (المعلم) على الزمالك ولفهم علاقة (القائد) بــ(الشعب) لعلنا نمر من أزمات تحيط بنا من كل جانب .
التعليقات (0)